الحب في زمن الانتخابات
بقلم : عامر حسن
العودة الى صفحة المقالات

قد يعجب الاَخر ان يرى البعض يتحدث عن الماضي ، وبالمقابل يتبنى الرديكاليون ( الاسلاميون والعلمانيون) فكرة الانقطاع عنه. وهذا يذكرنا بموقف الفلسفة من التاريخ، بدءاً من ارسطو الذي فصل الفلسفة - كونها تعبر عن الكليات- عن التاريخ الذي يبقى منشغلاً بالجزئيات. وبقي الحال حتى كشفت لنا الثورتان الفرنسية والامريكية الدرس البليغ بكيفية الاستفادة من الماضي وعدم نصب شباك القطيعة المعرفية معه، حيث تمكن كانط  (ومن بعده هيغل) من قلب مقولة ارسطو مؤكدا ( لاشيء اكثر فلسفة من التاريخ)، وان للعلاقة بين التاريخ والفلسفة تاثيرها?الكبير على الحرية وخيارات الفرد. وبهذا تمكن هيغل من ردم الهوة بين الفلسفة والتاريخ وواضح مدى ارتباط العقل ارتباطاً وثيقاً بالتاريخ ، وهنا ياتي دور الزمن والوعي المتراكم في شحن العقل الذي ينمو وينتج عن طريق فهم الفرد لنفسه باعتباره جزءاً من مجتمع ..
الاَن، وفي خضم حمى الانتخابات ، هناك طرفان يحاولان جر المواطن الى صناديق الاقتراع ، طرف موسمي، اي انه يظهر قبيل الانتخابات  محشداً كل الطاقات،  وهو يحاول  طرح برنامجه كيوتيبيا ذهبية سوف توفر لمريديه من الخلف الصالح كل الطموحات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية والتربوية والنفسية والدينية والفكرية والتكنولوجية، وكل ما متوفر في خزائن  العم غوغل. ولكنها تبقى وعوداً انترنتية او كما يسميها البعض (افيوناً انتخابيا) للمضطهِدين  او( زفرةً انتخابية) للمضطهَدين .. وبمباركة بعض المتنفذين سياسياً او دينياً ينت?ي عرض الفلم العراقي الرهيب ( اننا جئنا لنبقى حتى قيام الساعة ). واذا سأل سائل احدهم عن ماقدمه بالامس القريب ، فسيكون الجواب استشرافياً، متفائلاً، طموحاً ! ( انس الماضي) كل شيء سيكون جديداً بدءاً من كيك الحصة مروراً ببركان الرواتب وصولاً الى (هنالولو)الكهرباء النووية . انهم من دعاة الانقطاع المعرفي عن التاريخ / الماضي او الأنتي نستولوجيا  انهم من اتباع الذاكرة الخفية بدلاً من الكاميرا الخفية.. 
اما الطرف الاخر الذي يسعى وبشكل متواصل، والذي يبقى ينظّر ويوثق ويدافع ويطالب بجميع الحقوق المدنية للمواطن باعتباره الطرف الاساسي في معادلة الوطن/ التاريخ ، فهو لم ينقطع ولم يتوانَ في تنوير المجتمع بكل مخاضات التجربة العراقية الجديدة مستلهماً  مقولة "كانط" الذي يؤكد على ( ان التنوير هو خروج الانسان من جهله وبدائيته). هذا المكون التاريخي لم يكن يوماً موسمياً  بل اكد وعلى مدى تواجده الفكري والاجتماعي في ارض السواد ان العلاقة تبقى ازلية ووثيقة بين النظرية والممارسة والتي هي اهم مرتكزات الفكر النقدي التنويري . ?ذا المكون يتمثل بالتيار الديمقراطي / العلماني والذي يضم الاحزاب الديمقراطية وقوى المجتمع المدني الحقيقية التي سعت وبكل ما توفر من ابسط شروط الديمقراطية في عراق ما بعد التغيير الى التعامل مع الواقع العراقي بكل اخلاص ووطنية  وبمنهجية عابرة للطوائف والاثنيات ولم تتبن في سباق نضالها الوطني والفكري اية وسيلة للاكراه او فتوى سياسية بغيضة . فقد نبذ التخويف والانتقام والمليشيات والعنف باعتباره ( مرضاً من امراض التخاطب البشري – هابرماس) .وياتي في مقدمة هذه القوى ، الحزب الشيوعي العراقي والذي واصل ومنذ بدايات تاسيسه?المجيد وحتى يومنا هذا تنوير الجاهل وتثقيف المتعلم ولم يتبنَ التخاطب المشوه والمنهج التسويفي من اجل قضية صغيرة كانت ام كبيرة ، بل دعا وعلى مدى عشرة اعوام خلت الى تبني الخطاب الاصلاحي والسلم الاهلي والعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات والاهتمام بالجانب المطلبي للمواطن والدعوة الى الديمقراطية الحقيقية البعيدة عن صفقات الكواليس التي تدر على السياسي بالرفاهية والغنائم والمكتسبات، في حين يبقى الخلف الصالح فاتحا فاه بانتظار ( فضالة ) المتنفذين . اذنْ هو الحزب العريق الذي لم يلجأ الى حب المواطن في زمن الانت?ابات فقط.. بل كان وسيظل حبه للوطن والمواطن والمواطنة منهجاً راسخاً لايتغير تبعاً لاهواء السياسة وستبقى اهدافه وبرامجه  واضحة في خضم الصراع الطويل بين قوى التنوير وفرق الظلام والانتهازية التي (تكشر ) عن حبها للمواطن في مواسم الانتخابات ..
يبقى السؤال الكبير ، لمن سنعطي اصواتنا ؟ وهنا يقفز امامنا من جديد مشكل العلاقة بين الفلسفة والتاريخ ، فعلى المواطن الناخب ان يراجع التاريخ القريب ليكتشف ماذا قدمت الكتل والكيانات المتنفذة  ولكي يفهم ان لاشيء اكثر فلسفة من التاريخ . وعندها سيراجع الفلم العراقي الرهيب  وسيعرف بان الحب لم يكن في زمن الانتخابات بل في زمن( الكوليرا) واعني زمن القهر والمعاناة التي خلفتها لنا النخب المتنفذة التي حولت الكوميديا الالهية او الكوميديا العراقية الى كوميديا  طائفية ومحاصصاتية وسيكون امامه  الفرق واضحاً بين من يجر الموا?ن الى صناديق الاقتراع  من اذنيه واخر يعبد له طريق العقل نحو الخلاص.  انها دعوة للتغيير ولانصاف التاريخ حتى لا تمتعض العمة فلسفة . انها دعوة لمساندة التيار الديمقراطي وقوائمه الانتخابية للفوز بانتخابات مجالس المحافظات والتي هدفها الكبير هو التغيير الذي يصب في مصلحة الوطن والمواطن ولكي يصبح الحب  قلادة المنتصرين في كل زمان ومكان

  كتب بتأريخ :  الأحد 14-04-2013     عدد القراء :  1525       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced