بضائع الموتى
بقلم : جمال جصاني
العودة الى صفحة المقالات

لم يمر وقت طويل على تصدع الانظمة السياسية القديمة التي اذاقت عيال الله الويل طيلة أكثر من نصف قرن من القهر والقمع والاستبداد، حتى كشفت (المنظومة – الأم) عن قدرات واحتياطيات هائلة على صعيد التعويض واعادة انتاج منظومة العبودية والخنوع تلك. ان المأزق الذي تعيشه المجتمعات التي شهدت ولادة موجات التغيير الاولى وجدت نفسها عاجزة امام الامكانات والاستعدادات التي ابرزتها قوى المحافظة والتقليد في تسلم زمام المبادرة ومقاليد السلطة والقرار في غالبية تلك البلدان، وخاصة ذلك التنظيم التلفيقي والاخطبوطي أي جماعة (الاخوان المسلمين) والتي تسللت شبكته ومجساته لا الى ولايات (دار السلام) وحسب بل امتدت الى حيث (بلاد الحرب) حيث تشير الارقام عن وجود آلاف الجمعيات الاسلاموية فيها.
تلك الجماعة التي كشفت عن مرونة ورشاقة لا مثيل لها في التعاطي مع حاجات التخلف والانحطاط التي تعيشها شعوب وقبائل هذه الجغرافيات المنسية من بركة الثورات الصناعية والعلمية والقيمية، بعد ان اعلنت عن برنامجها البعيد المدى لاستنساخ تجربة الخلافة. وفي مثل هذه الغايات تشترك شتى تيارات الاسلام السياسي الحالمة ببعث الحياة الى رمم التجارب المنقرضة. قد تبدو مثل هذه الآراء للبعض بعيدة عن الانصاف والموضوعية، خاصة عندما يتم الاستعانة بعينة مجتزأة من سياقها التاريخي مثل تجربة حزب التنمية والعدالة التركي بوصفه دليلاً على امكانية تطور بعض فروع هذه الشبكة العالمية التي تعمل اليوم كمانعة صواعق جبارة أمام خطر التحولات الحقيقية في هياكل وبنية النظم الهرمة. ان المشهد الراهن يفضح الدور الحقيقي لهذه التيارات التي هيمنت على مفاصل السلطة والقرار في هذه الدول والمجتمعات، والتي تنحدر بفعل تلك الهيمنة الى مستنقعات الاشتباكات والحروب الاهلية بعد سلسلة الفتوحات التي حققتها في حقول تنمية دواجن (الهويات القاتلة) والبيارغ الصدئة. وهذا ما اكتشفه مؤخراً سكان البلد الذي ورط شعوب (خير أمة) بهذه الجماعة التي ولجت الى اطوار غير مألوفة بعد تعرفها على امداداث الغوث الريعي. لقد كشفت التطورات الاخيرة ونوع الاصطفافات المحلية والاقليمية والدولية عن تداخل عجيب لشبكة المصالح والمفاهيم، خاصة عندما تسخر الاحتياطيات الهائلة لولايات وامارات الرزق الريعي ذات الانظمة القروسطية لمناصرة ما يطلق عليه بحركات (الربيع العربي) برعاية من أميركا والغرب، في حين يضع الروس والصينيون بيضهم في سلة بقايا الانظمة الآيديولوجية والشعبوية. ان بوصلة الاحداث تشير الى اقتراب عربتنا المثقلة ببضائع الموتى الى حافات تلك الهاوية التي لا قعر لها ان لم ترحمنا الاقدار بمعجزة ما..

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 25-06-2013     عدد القراء :  1592       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced