العراق مزدوج اللغة
بقلم : محمد عبد الجبار الشبوط
العودة الى صفحة المقالات

العراق بلد متعدد اللغات، أو مزدوج اللغة. الدستور العراقي الدائم يتخذ موقفا مرنا جدا من مسألة اللغة الرسمية في البلاد. فهو ينص في مادته الرابعة/اولا على ان “اللغة العربية واللغة الكردية هما اللغتان الرسميتان”، مع ضمان حق العراقيين، من غير الكرد والعرب، بتعليم ابنائهم بلغاتهم الخاصة، مثل التركمانية والسريانية والارمنية في المؤسسات التعليمية الحكومية. وحددت نفس المادة (ثانيا) خمسة مجالات رئيسية لاستخدام اللغة الرسمية، العربية والكردية، وهي: الجريدة الرسمية، والمخاطبات الرسمية، والوثائق الرسمية، والمدارس، واية مجالات اخرى يحتمها مبدأ المساواة مثل الاوراق النقدية وجوازات السفر والطوابع. ثم يقر الدستور بان اللغة التركمانية واللغة السريانية لغتان رسميتان في الوحدات الادارية التي يشكل فيها ابناء هاتين القوميتين كثافة سكانية. ويسمح لكل اقليم او محافظة باتخاذ اية لغة محلية اخرى لغة رسمية اضافية اذا اقرت غالبية سكانها ذلك باستفتاء عام.
لاحظت في زياراتي الى كردستان ان الجيل الجديد من المواطنين الكرد لا يجيدون التكلم بالعربية، واعرف ان العرب عامة لا يجيدون التكلم باللغة الكردية. في مطار اربيل واجهت صعوبة في التفاهم مع مسؤولي المطار ورجال الشرطة لاننا لا نتكلم لغة بعضنا البعض. وكادت تحصل مشكلة بيني وبينهم بسبب صعوبة التواصل والتفاهم بيننا اثناء اجراءات التفتيش.
لا يصعب تخيل كيف سيكون الوضع بعد 10 سنوات مثلا. سيجد العرب والكرد انفسهم في وضع لا يحسدون عليه. سوف يفقدون اللغة المشتركة، او القدرة على التفاهم لغويا. سيكبر الحاجز اللغوي ويرتفع بين العرب والكرد وسوف يتعمق لديهما الشعور بانهما شعبان منفصلان لا تجمع بينهما لغة. سوف يزيد هذا الوضع من صعوبات الاندماج المجتمعي بين الكرد والعرب، بل ربما يجعله مستحيلا. سوف يتعذر على التجار والمثقفين والكتاب والرجال والنساء فضلا عن المواطنين العاديين من الجانبين التواصل فيما بينهم. لن يكون بامكاننا ان نتصور زيجات عربية كردية الا في حالات قد تكون نادرة. ليس المثال الهندي مناسبا للمقارنة هنا باعتبار ان هناك حوالي 300 لغة محلية في الهند، لأن غالبية الهنود يتحدثون اللغة الانكليزية التي تشكل لغة تفاهم وتواصل مشترك.
يتطلب الاندماج المجتمعي العربي الكردي في العراق الى كسر حاجز اللغة. وهذا لن يكون الا بتعلم الكرد للغة العربية، وتعلم العرب للغة الكردية. فلا يستطيع قومان بلغتين مختلفتين ان يندمجا ما دام كل فريق لا يفهم لغة الفريق الاخر. يتعين على المدارس العراقية، سواء كانت في كردستان أو في المحافظات الاخرى ان تأخذ على عاتقها تعليم المواطنين العرب والكرد اللغتين الرسميتين تحدثا وقراءة وكتابة. وعلى وزارة التربية الاتحادية ووزارة التربية في اقليم كردستان التحرك بسرعة لسد الفجوة اللغوية بين الجانبين قبل ان يستفحل الامر ويصبح عصيا على المعالجة والتدارك.ومن اجل تحقيق اندماج مجتمعي شامل، فان كل ما قلته انفا ينطبق على اللغتين الاخريين، اعني: التركمانية والسريانية.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 02-07-2013     عدد القراء :  1489       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced