الربيع العربي بعد 30 يونيو (الجزء الاول )
بقلم : تحسين المنذري
العودة الى صفحة المقالات

ثلاثة أيام هزت العالم ، هكذا ممكن وصف المشهد ، ثورة شعبية عارمة ، ثورة إجتماعية ، رفض لكل أشكال الظلام والتخلف ، ثورة أطاحت بتجربة الاسلام السياسي في مصر ،تلك  التجربة التي رغم حداثتها لكنها أفرزت التوجه الاقصائي للاسلام السياسي ، دللت بما لايقبل الشك إن حكم الاسلامويين لم يعد يلائم العصر ، بل إنه يقود الى تخلف مريع في كل شيئ . إلا إنها في الجانب الاخر وأعتي هنا ثورة الشعب المصري في 30 يونيو أعادت الاعتبار الى ثورات الربيع العربي بعد ما أصاب اليأس شرائح كبيرة من الشعوب العربية وشعوب المنظقة أجمع ، حتى تم توصيف الربيع العربي بأنه الربيع السلفي ، أو إنه كان مؤامرة أميركية بإمتياز ، أو إن قدر الشعوب هو هذا من سيئ الى أسوأ ، لتثبت مصر إن الثورة لم تكن ساذجة ولم تكن مؤامرة ، وإن عواملها الموضوعية التي سببت ذلك الرفض العارم لم تكن وهمية ، فالتخلف الذي كان يلازم الشعب المصري تعمق بشكل أكبر في ظل تجربة الاخوان المسلمين ،والازمات برزت على الواجهة كظاهرة يومية ، وإستشرى الفساد بوجوه جديدة ، وإزدادت معدلات البطالة ، وغابت الوطنية عن المشهد الوطني لحساب أجندات خارجية ، وتم التضييق على حرية الاعلام ،ومحاولات للاجهاز على الحريات الاجتماعية العامة والشخصية ، وتقسيم المجتمع الى ولاءات ثانوية ، وبروز محاولات التفرد بالحكم وصولا الى الاستبداد بأشكال شتى . على الجانب الاخر كان القدر يغلي ، القوى المجتمعية والسياسية التي  كانت متضررة بشكل كبير والتي تصدرت الثورة في أيامها الاولى خصوصا لم تكن غافلة عما يجري ،وعادت الى تجربتها للدراسة واستخلاص العبر ،ورمت جانبا كل الخلافات الثانوية ،وعزمت على العودة وخططت لذلك بمزيد من التروي والتأني ،وأعلنت نياتها على الملأ لثقتها المطلقة بصحة نهجها وخطل نهج الحاكمين ، فكانت الثورة الشعبية العارمة التي أطاحت بتجربة تعد من أخطر وأهم تجارب الاسلام السياسي لاعتبارات عدة :
1- أقدمية عمر حركة الاخوان المسلمين في مصر كونها أول حركة سياسية في المنطقة تتبنى نهج الاسلام السياسي
2- صدارة مصر وثقلها النوعي في مختلف أشكال النضال  وموقعها الجغرافي المميزوتأريخها العريق على صعيد المنطقة عموما
3- الثقل المعنوي والمادي الذي وضعته الاحزاب والحركات السياسة الاسلاموية في المنطقة ،ودعم بعض الدول الاقليمية والعالمية لتجربة حكم الاخوان المسلمين في مصر
4- الدعم الذي حظي به حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لحركة الاخوان المسلمين من القوى السياسية الاسلامية المصرية بكل تياراتها واتجاهاتها ( سلفية ، معتدلة ، جماعات جهادية ، ... الخ )
5- نهج المواجهة مع القوى الاخرى الذي تبنته حركة الاخوان وحلفاؤها في مصر ومحاولات التهميش والاقصاء بحدية وعلنية سافرة ،والتهديد بالعنف بل وإستخدامه في حالات عدة لارهاب الاخر وفرض الهيمنة
6- الغزو الفكري والثقافي ومحاولات أخونة المجتمع المصري بشكل سريع وحاد ومباشر
إن هذه الاعتبارات وربما غيرها ليس أقل أهمية منها جعلت العالم مشدودا لما جرى في مصر خلال ثلاثة أيام ،وحبست الانفاس بعيد بيان القوات المسلحة المصرية وخطاب الرئيس المخلوع الذي تحدى فيه الجميع إلا أهله وعشيرته ، حتى حانت اللحظة المبينة فكان السقوط المدوي ، وفرحة النصر التي لاتوصف ، فهل كانت التجربة محض صدفة أم إن الثورة كانت في مخاض ؟ الصورة تقول إن ما جرى لم يكن الا صراعا مجتمعيا – سياسيا ، تمظهر بأشكال عدة على مدى العام المشؤوم من حكم الاخوان ،وكان النصر حليف الشعب متمثلا بقواه الحية ونجاعة التخطيط  ومعرفة كيفية إشراك الشريحة الاكثر حيوية في المجتمع وهم الشبيبة الذين تصدوا بكل بسالة لكل أشكال القهر والتهديد والعنف ، فإستمالوا بصحة شعاراتهم وصواب النهج ووحدة الموقف كل الذين عارضوا بصمت حتى نطقوا ، بل وتفاعلوا بروح ثورية قل نظيرها في زمننا هذا ، فكان النصر حليفهم . لكن الصورة لم تكتمل بعد .

  كتب بتأريخ :  الجمعة 05-07-2013     عدد القراء :  1523       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced