الخلافة الداعشية تفرغ مدينة الموصل من ابنائها المسيحيين
بقلم : فاضل پـولا
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

لا غرابة في ما يحدث بمدينة حدباء العريقة التي تم تسليمها لمنظومة سلفيه تستقي من قيم مشبعة بإذلال الإنسان وتكبيله وفرض عليه ما لا يجيزه العصر الذي صنعته الشعوب الناهضة كحصيلة لنضال الإنسان وتطلعاته دائماً الى التقدم والتجديد اللذين يفرضهما التطور المادي للتاريخ .

إن الحضارة التي نعيشها اليوم لم يتم بناؤها بطريقة التصوف  لمفاهيم جامدة كان لها ديناميتها في المجتمعات القديمة ، وإنما بنيت بحركة اجتماعية وفكرية تنويرية طامحة ، ترفض الجمود وتؤمن بالحداثة والتجديد ، وأثبتت بإبتكاراتها أن الحياة ليست مياه راكدة ، والأمم لا تدور حول محور في

صنع تاريخها لابل تسير نحو الإرتقاء صانعة لكل مرحلة سماتها .

إن محنة المسيحيين في الموصل اليوم بوضعهم امام خيارات الدخول بالإسلام او دفع الجزية ، والاّ يختارون ما بين وضع رقابهم تحت شفار السيف او الجلاء من مدينتهم بأسمالهم فقط ، تأتي في سياق التمرد على كل الأحكام والتشريعات والقيم السائدة التي تعتمدها الأمم في حاضرها . ولا نعلم  ما مدى رد فعل هذه النكبة على مواطنيهم من أهل مدينة الموصل ، علماً بأن هذا الإعتداء السافر مكرر في محاولة اخرى شبيهة قبل سنين خلت عندما (تكرّم) البرلمان العراقي  بإلغاء الفقرة ( 50 ) من الدستور وباتفاق جميع الآراء ماعدا خمسة نواب مسيحيين . وكانت هـذه الفقـرة مادة ضامنة لكوتا المسيحيين العراقيين ، الأمــر الـذي سبب فـي نشوب بعض الإحتجاجـات فــي اوساطهــم فــي الموصل . وعلـى اثــر ذلك ، نُظمَّت هجمة شرسة نالت منهم بالقمع الشديد على يد جماعات لم تكن طائشة وإنما منظمة ومدعومة … طفقت تستهدف البيوت والمحلات للمسيحيين الآمنين .. تعمل بهم ضرباً وقتلاً ونهباً وترويعاً لإجبارهم على ترك المدينة والذود بالمناطق الكردية . وتم كل هذا في وضع النهار أمام الشرطة  وعلى مسمع  ومرأى قطعات الفرقة العسكرية الثانية المرابطة في الموصل آذاك . وبعد التحقيق في حيثيات الحادث ، اسدل الستار على الطرف المحرك والفاعل . واضحى عدد كبير من المهاجرين لابدين في المنطقة الشمالية ينتظرون الفرج .

وفي الفترة ما بين 2006 والى وقت قريب ، نشطت عصابات من القاعدة وانتشرت في مناطق بغداد وبالأخص في السيدية والطعمة والميكانيك والدورة ذات الكثافة المسيحية التي اصبح مصيرها بيد عناصر القاعدة ومن لف لفهم في المنطقة حيث شرعوا  باضطهاد اولئك المواطنين الآمنبن باسم الشريعة الإسلامية في دهم بيوتهم ودعوتهم لدفع الجزية لقاء الحفاض على ارواحهم وممتلكاتهم . ولذلك مارسوا معهم القتل والخطف والإجلاء من البيوت وامتلاكها ،  وهلم جرا .

وكانت هذه الإنتهاكات المخزية والمخيفة من العوامل المشجعة على هجرة ابناء هذا المكون التاريخي العراقي . واختيار لهم مقيل يضمن  ـ على اقل تقدير ـ حياتهم ، حتى غدا ترك الوطن نزيفاً يصعب السيطرة عليه .

واليوم شعب العراق بكل مكوناته في محنة ، وليست هناك جهة مسؤولة عما حصل للمسيحيي الموصل سوى الغزاة والمتعاونين معهم والسائرين في ركابهم ، نكاية بالدولة العراقية . العراقيون بكل اطيافهم امام مسؤولية تارخية في الذود عن حياض الوطن الذي تتكالب عليه شراذم من بقايا النظام السابق المنخرطة في صفوف عصابات السلفية على اشكالها بغية اعادة مجدهم الزائف في العراق .

نحن ننتظر من القتال الدموي الدائرة رحاه في طول وعرض العراق ، أن يكون حرب شعبٍ موحد لدرء خطر الأعداء والرمي بهم الى خارج حدود الوطن . ولا يصح اطلاقاً أن يكون القتال بين السنة والشيعة ، لأن ذلك يمس البناء الجمعي العراقي . النصر لا يتكلل إلاّ على يد العراقيين الموحدي الصفوف لإنقاذ الوطن من شبكات التآمر عليه .

واهم ما يعتمده الأعداء في نيل مراميهم ، هو تفريق الصفوف وتأليب بعضها على البعض الآخر والإجهاز كلياً على مقومات وريادة بناء عراق ديمقراطي مستقل .

فالإنتصار على طرد عصابات داعش ليس هو ابعد المطاف في تحرير الوطن ، إذا لم يعاد النظر في العملية السياسية  ، والعمل بجد على تعميق آليات الديموقراطية  في بنائها الجديد ، يشارك فيه جميع الأطياف ، مستفيدين من اخطاء الماضي بعيداً عن التوافقات المترددة والمحاصصات وغيرها . وبخلاف ذلك سوف لن يكون ثمة ما يغني وما يسمن من جوع .

  كتب بتأريخ :  الأحد 20-07-2014     عدد القراء :  2847       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced