اضطهاد مشرعن
بقلم : المحامية: منال داود العكيدي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

مازال وضع المراة يشهد تراجعا خطيرا تحت وطاة الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي المتدهور مع التمشدق بالأفكار العشائرية والعادات والتقاليد التي عفى عليها الزمن والتي ترجمت الى حقوقا منتهكة جهارا نهارا يأتي ذلك من خلال ما سجلته منظمة العفو الدولية والمنظمات غير الحكومية وكلها تسبح عكس تيار مبادئ الحقوق والحريات التي كفلها الدستور وشرعتها القوانين و اكدتها الالتزامات الدولية فقد نص الدستور العراقي المؤقت لعام 1970 في المادة ( 11 ) على أن الأسرة نواة المجتمع وتكفل الدولة حمايتها ودعمها وترعى الأمومة والطفولة ,كما نصت المادة 19 على ما يلي: ( أ- المواطنون سواسية أمام القانون , دون تفريق بسبب الجنس أو العرق أو اللغة أو المنشأ الاجتماعي أو الدين . ب - تكافؤ الفرص لجميع المواطنين مضمون في حدود القانون ). وهذا ما اكد في دستور العام 1990 غير أن هذه النصوص وغيرها من نصوص الدستور العراقي النافذ لم تتجاوز حزمة الاوراق التي دونت فيها , لا بل تم خرقها بصورة صارخة من الناحيتين التشريعية والواقعية فلم نلمس اية مساواة بين الجنسين في المجتمع بل استمرت سياسة العنف والاضطهاد ضد المرأة العراقية بصورة منتظمة تستدعي تدخل المنظمات الدولية كونها فاقت في بعض جوانبها القاسية سياسة القبائل البدائية في إلغاء حقوق المرأة كبشر له حقوق إنسانية ومعاملتها معاملة دونية دون مراعاة لكرامتها ومشاعرها كانسانة وهذه الانتهاكات لم ترد فقط في قانون الاحوال الشخصية الذي ينظم علاقة الرجل بالمرأة وما ينتج عنه من آثار قانونية كالزواج والطلاق و الارث والنفقة والحضانة وغيرها .ولكنها القت بظلالها على التشريعات القانونية الاخرى مثل منع المرأة من السفر ( الذي يعد مخالفة دستورية وقانونية لمبدأ المساواة امام القانون دون تفريق بسبب الجنس) كما جاء القانون المدني بانكار واضح لدور المرأة كنواة للاسرة فقد حرم الأم من الولاية على صغيرها في المادة (102) منه حيث جاء فيه : ( ولي الصغير أبوه ثم وصي أبيه ثم جده الصحيح ثم وصي الجد ثم المحكمة او الوصي الذي نصبته المحكمة ) . كما جاء قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 بمواد قانونية تعد اهدارا لآدمية المرأة مثل جريمة الزنا والقتل بدافع الشرف حيث تعتبر ظاهرة جريمة القتل بدافع الشرف من الجرائم الخطيرة التي كفل القانون فيها حق الرجل في غسل عاره بينما لم تحظ المرأة بالفرصة ذاتها حينما يكون الرجل هو الفاعل . كما نصت المادة 41 من قانون العقوبات العراقي ما يلي :لا جريمة اذا وقع الفعل استعمالا للحق 1- تأديب الزوج زوجته ….) على أساس أن التأديب من الزوج للزوجة هو استعمال لحق مقرر قانونا للزوج فقط دون الزوجة وله أن يضربها كجزء من التأديب ويهجرها كذلك وهو ما يتنافى وحقوق الإنسان والآدمية والقيم الإنسانية كما انه كيل بمكيالين حيث تعامل المراة كبالغ عندما ترتكب جريمة ولكنها تعود لتصبح صبي غير مميز يستحق العقاب اذا ساء التصرف .. اما بالنسبة لقانون الاحوال الشخصية فلم يكن مختلفا عن القوانين التي ذكرناها في غمط لحقوق المرأة و اهدار لانسانيتها رغم ماجرى عليه من تعديلات كثيرة.

ومع وجود التشريعات الحالية المجحفة في حقوق المرأة وقصورها عن توفير الحماية لها ومساواتها بالرجل يبقى القانون مصدر اضطهاد للمراة ومعاناتها من الظلم وضياع لحقوقها التي يؤكدها ميثاق الأمم المتحدة في ديباجته وضرورة إيمان جميع الدول الأعضاء بالحقوق الأساسية للإنسان وتساوي الرجل والمرأة في جميع المجالات ومادته الاولى التي تنص على " لا تمييز بين الرجال والنساء بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ، وتؤكد المادة ذاتها ، ضرورة تعزيز احترام الحريات الأساسية لجميع أفراد المجتمع .

كما أكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مبدأ المساواة بين الجنسين ، و أن جميع أفراد المجتمع يولدون أحرارا ومتساويين في حقوقهم الإنسانية " .

. الا ان جميع هذه المواثيق بقيت حبرا جف على ورق قبل ان يرى الشمس ولم يجد طريقا للتطبيق الحقيقي في القوانين والتشريعات النافذة .. ومع الدعوات الكثيرة والمتكررة التي يطلقها البعض عن حقوق المرأة ومساواتها بالرجل ، فان هذه الدعوات التي تتصف بالنبل ظاهريا ، تخلو من هذه الصفة في حقيقة الأمر ، فقد كانت المرأة تتمتع بحقوق كثيرة ، لا تتمتع بها الآن في ظل التشريعات الحالية وحتى التشريعات والقوانين القليلة جدا والتي انصفت المرأة لم تجد طريقها الى التطبيق.

ان تحرير المرأة والقضاء على النظرة الدونية اليها يكون بتثقيف المجتمع ثقافة ترفع من شأن الأفراد وتترفع عن مفاهيمه البدوية القبلية وتقضي على التمييز بينهم بسبب الجنس او الدين او القومية ، كما تنظر الى الإنسان و بالاخص المرأة تلك النظرة التي تعطيها حقها من التقدير والاحترام .

  كتب بتأريخ :  الأحد 27-07-2014     عدد القراء :  1983       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced