المتناقضات بين الكفر والايمان
بقلم : المحامي يوسف علي خان
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

في الحياة متناقضات نجدها تتعايش سوية داخل النفس البشرية وقد تثير الكثير من الاستغراب بسبب هذا التعارض الكبير في الخواص والصفات فمن المنطق والمعروف هو استحالة الجمع بين الكفر والايمان .... فلا يمكن الجمع بين النقائض لدى انسان واحد... غير ان الواقع يثبت امكانية ذلك ويؤكد حدوثه.... فمثلا هل من الممكن الجمع بين الفضيلة والرذيلة ؟؟؟ فالجواب ظاهريا بانه امر مستحيل غير اننا نجد على ارض الواقع العديد من البشر يتعايشون في دواخلهم مع هذه الخصال المتعارضة وتنعكس تصرفاتهم في الحياة العامة منطلقة من هذين النقيضين ..وهو ما قد شاهدته انا نفسي

في الحياة العامة وما قد لا حظه الكثيرون وشعروا به غير انهم قد لا يستطيعون التصريح به او الاعلان عنه بسبب حواجز اجتماعية او موانع مختلفة اخرى تجعلهم يغضون الطرف عنه... ومثل هذه المتناقضات التي يتصف بها الكثيرون منتشرة في كل مكان... غير انها تنتشر اكثر في المجتمعات المنغلقة المتشددة التي تجبر سكان تلك المناطق على اخفائها وممارستها في حدود ضيقة قد لا تتجاوز حدود بيئة واحدة وفي بعض الاحيان حدود العائلة الواحدة ..و بلا شك الكثير من الناس سوف يعارض وجهة نظري هذه بل وقد يستسخفها ولكن لابد وان يكون هناك من قد اكتشفها مثلي وعاش ضروفها واكد

حقيقتها ...فلو تناولنا الغرب خلال القرون الوسطى كيف سيطرت الكنيسة على المجتمعات انذاك واضحت لها السطوة الكبرى على ملوكها وزعمائها اضافة لسيطرتها الدينية على الناس الذين عاشوا فتراتها و انتشر الوازع الديني وسيطر على المشاعر البشرية والافكار الذهنية ووصل التمادي في غلواء رجال الدين واستخفافهم بعقول الناس ان اصدروا صكوك الغفران التي باعوا بموجبها اراضي الجنة وقصورها واستمر الحال ردحا من الزمن حتى بدأت حملة لوثر للتحرر والتخلص من تلك الافكار السقيمة والمعتقدات الفاسدة التي نسبت الى الدين المسيحي كذبا ورياءا... ثم اخذت حملة

التحرر تنتشر وتتوسع الى الضد من الانغلاق الديني حتى وصل الغرب الى ما عليه من الانفلات الاخلاقي العكسي والتحلل من كل تلك المعتقدات الباطلة وتهاوت القيم الاجتماعية التي ارتكزت على تلك المعتقدات غير أن مع كل ما وضحت عليه الحياة الغربية اليوم فقد بقي الوازع الديني مترسخ في نفوس المسيحيين ملتزمين بطقوسهم يؤدون في كنائسهم صلواتهم كل يوم احد وبنفس الوقت يمارس العديد من هؤلاء مختلف انواع الفساد الاخلاقي بابشع صوره حتى وصل في الوقت الحاضر الى اجازة الزواجات المثلية التي تستنكرها الاديان بصورة عامة ومع ذلك فقد بقيت الطقوس الدينية

المسيحية قائمة يلتزم بها جميع المسيحين الصالحين والفاسدين دون استثناء تقريبا... وهو ما ينطبق على بقية شعوب العالم ومنها العالم الاسلامي ...فقد اصابته حركة النهضة الحديثة بنفس الوباء الذي استشرى في العالم الغربي فكان لحركة النهضة التي تبناها بعض الدعاة الاوائل خاصة في مصر امثال محمد عبدو وجمال الدين الافغاني وغيرهم من المصلحين الذين تنقلوا بين الحياة الغربية واكتسبوا منها ثقافتها الجديدة وجاؤا ليطبقوها على المجتمعات الاسلامية المنغلقة بالشكل الذي رسموه فقد كانت البداية... حيث اعقبهم العديد من العرب المسلمين الذين سافروا

الى اوربا وتاثروا بحركة النهضة التي حدثت فيها خلال القرن التاسع عشر والعشرين وحاولوا نشرها في صفوف المجتمعات الاسلامية خاصة في مصرولعبت الماسونية التي اجيز نشاطها وافتتح في مختلف المدن المصرية مكاتب لها وبدأ الجميع ينشرون الكتب ويكتبون المقالات ويصدرون الصحف والمجلات كما كان للدور الذي لعبه محمد علي باشا دورا كبيرا في نشر الثقافة ومحو الامية بفتح المدارس واقامة المشاريع كما لعبت الجاليات الاوربية التي انتقلت الى مصر للعمل والاستثمار بمختلف نشاطات الحياة خاصة في الامور الترفيهية من فنون في التمثيل المسرحي والسينما

والموسيقى وغيرها من الفنون ما جعل مصر الرائدة في نشر الثقافة الغربية في الوطن العربي بما احتوته من جميع صور حياتها المبتذلة الماجنة فانتشر الفساد في اكثر من غيرها فقد اجتاحت صور هذه الحياة الماجنة تتغلغل بشكل مريع في صفوف المجتمعات المصرية ولربما كان الفن والنوادي الترفيهية هو المدخل اللين الذي تغلغل منه الفساد ونفذ... ولكن من العجيب انه مع كل ما مارسته المجتمعات المصرية من مجون فقد احتفضت بالصبغة الدينية ورسوخ الوازع الديني في نفوس مجتمعها إذ انك تشاهد بعض النساء الفاسدات يمارسن الدعارة وبنفس الوقت يحافظن على اداء

الصلوات وصوم شهر رمضان ولا يفطرن فيه وهي ظاهرة بينة ومنتشرة بشكل كبير وواضحة فيه.....

فقد جمعن النقيضين في وقت واحد وقد اخذت هذه الظاهرة التي انفردت بها مصروبعض دول المغرب العربي تنتشر الى بقية الوطن العربي بل والمجتمعات الاسلامية كافة ومنها اندونيسيا في الوقت الحاضر التي تتميز بالتشدد الديني وتجد العهر والفساد يتعايشان فيها جنبا الى جنب و ايران في عصر الشاه وما كنت تشاهده في الشمرانات الشهيرة وبلاد المغرب العربي الذي تأثر اكثر من غيره بسبب تواجد الاحتلال الفرنسي والايطالي لفترة طويلة فيه.. فمع كل ما ادخله الاجنبي الغربي من مفاسد ومظاهر المجون الغربية فقد بقيت هذه الشعوب الاسلامية والمسيحية محافظة على

عقيدتها الدينية ولم تتخلى عنها متمسكة بها تمارس طقوسها وكامل فروضها الدينية المعروفة وهو نفس ما حدث في العراق خلال الخمسينات من القرن الماضي حيث انتشرت الشيوعية في صفوف المجتمع العراقي بشكل هائل وهو فكر الحادي كما يعرف الجميع غير ان العراقيين استمروا بتمسكهم بالشعائر الدينية وبالمعتقد الديني وبالمرجعيات خاصة في جنوب العراق التي اكتسحتها الشيوعية اكثر من غيرها من المناطق الشمالية مثلا فقد ظل الايمان الديني راسخا في النفوس تأيد ذلك بعد انهيار الشيوعية سنة 1963 وغيابها بعد سيطرة حزب البعث والتحاق الملايين من ابناء الشعب في

صفوفه فقد بقي الوازع الديني ثابتا رغم كون البعث فكر علماني هو الاخر ... وقد كان لهذه الظاهرة الفريدة تأثيرها الفعال في نفوس الساسة الغربين في العقود الاخيرة التي اكتشفوا في هذه البلدان الموارد النفطية الهائلة التي تعتبر اهم مصادر الطاقة التي تسير المعامل الصناعية التي لا بد من السيطرة عليها غير انها وجدتها موحدة عن طريق هذا الدين الذي جمع المسلمين في بودقة واحدة او سبحة متراصة الخرز يجمعهم شاؤول واحد هو الكعبة في الحجازالتي يؤمها الملايين سنويا للحج وزيارة قبر الرسول وهو ايمان راسخ لدى كل الطوائف الاسلامية دون تمييز . وقد

تعذر اختراقها والسيطرة عليها رغم كل محاولاتها في بداية الامر عن طريق نشر المفاسد والملاهي فقد وجدوا بان هذه الشعوب لم تستطع كل تلك المفاسد التي يمارسها جمهرة كبيرة من هذه الشعوب من انتزاع هذا الوازع القوي المترسخ في النفوس والذي لم تذيبه كل صور الدعارة التي نشروها في صفوف المسلمين... فقد استوعبوا المتناقضين يمارسونهما في وقت واحد... فبقي الوازع الديني قويا متماسكا لم تؤثر عليه كل هذه المفاسد التي اكتسحت نفوس الكثير من المجتمعات الاسلامية في شتى انحاء البلدان التي تؤمن به... فكان لا بد لها من ضرب هذا الدين وتفتيته بطريقة مختلفة

على غير ما كانوا قد خططوا له ..... بالاكتفاء بنشر الفساد وادوات اللهو المرتبطة به كي يجعلوه معول هدم لهذا الدين..... فلم يكن لكل هذه المفاسد تاثيرها البين في ازالة هذا المعتقد من النفوس الذي منحهم هذه القوة وابقى على هذا التراص حتى مع وجود هذا الانقسام الطائفي الخطير.... فقد بقيت الكعبة هي قبلة المسلمين الوحيدة التي تلتف حولها ونقصدها جميع الطوائف في هذا العالم فهي شاؤول السبحة فلابد من تحطيمها وازالتها فينفرط عقد المسلمين وعندها يسهل ضربهم وازالة هذا الدين من نفوس الجميع ... هذا من ناحية اما من الناحية الثانية فهي محاولة اغراقهم في

المفاسد من قمة رأسهم الى اخمص قدميهم مستغلين احاسيس الكبت والحرمان والفصل بين الجنسين وابعادهم قدر الامكان عن مناطق تواجدهم فاكثروا من البعثات والزمالات الرياضية والفنية الى المعاهد والجامعات الغربية واستضافوا الالاف من الشبان والشابات من خلال الجمعيات والمنتديات حيث عاد العديد منهم يبشر بما في الغرب من حياة بهيجة من خلال ما لقنوه لهم من افكار علمانية متحررة باعتبارها تمثل الحضارة الغربية المتنورة وانتشرت الملاهي الليلية وصالات القمار في مختلف المناطق الشرقية حتى الاكثر تشددا واعتقد الغرب لاول وهلة بانه قد حقق مبتغاه

وحققوا الانتصار وان هذه الشعوب قد تخلت عن معتقداتها وايمانها الراسخ بانصرافها الى العبث واللهو وشرب الحشيش واحتساء الخمورومعاشرة الغانيات غير انهم فوجئوا بما اذهلهم ولم يخطر لهم على بال ... فصحيح ان الملايين من هذه الشعوب قد اندمجت وتقمصت الحياة الغربية وتحررت من العديد من الطقوس الدينية وانغمرت باحط مستنقعات الرذيلة .فقد بقيت متمسكة بدينها وهو مترسخ في النفوس ... ولكنها كلها لم تكن تستطيع ان تغير من هذا الحشد الهائل من المسلمين الذي قد اصبح تعداده يزيد على المليار مسلم او يزيد فلابد ان يسلكوا طريقا مضافا اخر الى جانب هذا

الاسلوب المتبع الذي تمكن ان يلعب دورا مهما بابعاده عن الدين خاصة من سكان المدن لكن بقي الملايين وهم الاكثرية من سكان الارياف من لازال متمسك بعقيدته في ازدواجية عجيبة بين الفساد المشرعن والدعارة الخفية وبين التمسك بهذا الدين الحنيف واداء فروضه الى جانب ما يمارسه الكثيرون من دعارة وفساد ...كما شاهد الغرب ظاهرة صعق بها حين راو العديد من المومسات اللواتي افسدوهن بفعل الحاجة والفقر او باغوائهن ببهرجة اضواء الغرب واجواء الفساد لا زلن مئمنات بدينهن يؤدون الصلاة ويصمن شهر رمضان... وكذا الحال بالنسبة للشباب فرغم ما يمارسون من مجون فهم

يرفضون ان يتخلون عن دينهم او عقيدتهم او حتى طائفتهم فقد بقي الدين راسخ بالنفوس والذي اعتبره الغرب العامل الفعال في توحيد هذه الحشود الهائلة .. فتأكد الغرب بان كل ما فعلوه لم ياتي اكله كما كانوا يتوقعون فلابد من اعادة الحسابات وتغيير الخطط من جديد والبحث عن البديل عن كل ما فعلوه للقضاء على هذه الحشود وليس امامهم سوى القضاء على هذا الدين ...فهو معتقد مبني على التوحد والتضامن والتكاتف والمرتبط بسلسلة عنقودية مثل السبحة يربطها الشاؤول لم تستطع ان تمزقها كل بهرجة الغرب ومفاسده .. اذا وبعد الدراسة والتمحيص من قبل معاهد الغرب ومراكز

بحوثه استقر الرأي على تمزيق الاسلام بتشويه صورته وارعاب الناس منه واظهاره وحش كاسر وبعبعا مخيف فيهرب الناس منه وينفرط العقد الذي ظل متماسكا لاكثر من الف واربعمائة سنة وبذلك يمكن ازالته من الوجود ب

  كتب بتأريخ :  الجمعة 12-09-2014     عدد القراء :  1941       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced