سلبية توفر الحرية لمن ينفي الحرية
بقلم : عماد علي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

في عالمنا اليوم، يكثر الحديث عن متطلبات العصر و ما يهم الانسان من الحرية و الحياة الكريمة للمواطن الفرد و الحرية العامة للشعب، وضمن مجتمعات في ظل انظمة وصلت اليها تلك الشعوب بعد طول معاناة و دهر من القهر و الحروب، و كان تطور الانظمة و الاستناد على الدساتير و الاعراف ضمن مجريات تطور الحياة الاجتماعية السياسية موازاة و مواكبة مع تطور الوضع الاقتصادي و ايجاد السبل الكفيلة لضمان ضرورات الحياة للفرد و المجتمع بشكل عام . فليس من المعقول ان تطلب من احد ما و هو يحتضر جوعا او غير مكتمل ثقافيا او يحس باغتراب نتيجة معيشته المتنقاضة و الفروقات الشاسعة بين نشاته و الموقع البديل الذي وصل اليه ان لا يعتدي على جاره الفاره العيش و في ابهة بحجة خرق حدود حرية الاخر اجتماعيا كانت ام اقتصاديا ام سياسيا، و ان منعه القانون فهو يرفضه و يخرقه باية طريقة كانت .

المجتمعات الغربية و السياسة الليبرالية المتبعة قد تفيد الانسان في المرحلة التي وصلت اليها و ترعرت اجيالها فيها وفق ما موجود فيها، اما من عاش في ظل الضيم و التخلف و وجد الفرصة للتنقل الى مجتمع غريب عنه شكلا و تركيبا و عقلية، هل من الممكن ان تتعامل معه بذات الطريقة التي يتفهما الاخر المواطن الاصلي، هذه هي نقطة الضعف في التناقضات الموجودة في السياسة المتبعة في الغرب و تلقي بضررها على الشرق المتخلف و تنتج من المتطرفين اضافة الى ما موجود اصلا في الشرق و نحن لا ينقصنا منهم، الا ان الحرية التي يوفرها الغرب في كافة المجالات و لحد التطرف في توفرها انها تجعل حتى الذي يقف ضد اية حرية يستغلها لافعال و نوايا و اهداف لسد الطريق امام الحرية ذاتها التي تؤمن بها الليبرالية و الديموقراطية التي لا تكتمل الا بتوفر الركائز الاساسية لهما و منها الحرية كشرط لنجاح الياتها في العمل و تطبيق المضمون نظريا و عمليا على الارض روحا و نصا و تنفيذا .

هل من المعقول ان تكون قادرا على منع من يمنع عنك الحياة و يغلق عليك الابواب التي ادت الى التنقل الى مرحلة جديدة من التطور و لم تمنعه بحجة توفير الحرية، و هو يستغل ما توفره له من الحرية لمنع ما توفره له و لك . ان مجتمعاتنا تعودت على القهر و الضيم و الضيق في التصرف و التعامل و تربوا على الدكتاتورية في البيت و الشارع والمجتمع و لم يتعايشوا مع الحرية و لذلك لا علم لهم بكل ما يمت بالمفاهيم الجديدة لما يحتاجه الانسان نفسيا و واقعيا ليستكمل مسيرته الحياتية بحرية و ان امكن برفاه و سعادة دون مضايقة او الاحساس بالاغتراب .

هل من المعقول انك تهرب من الضيق في الحياة من جميع النواحي السياسية الاقتصادية الاجتماعية الثقافية و تصل لمكان يوفر لك الاحسن مما عشت فيه و عندما لم تقدر ان تتعايش مع الواقع الجديد و تحس بالاغتراب النفسي جراء التربية الاساسية التي تبنيت عليها و تغيرت طبيعتها في المجتمع الجديد و تستغل الواقع الجديد الاحسن لمحاربته قبل ان تحاول تغيير الواقع المخزي الذي جئت منه و تتعلق بفكر خيالي و تحسب نفسك على الحق . انه لامر معقد، و لا يمكن التعامل معه بسطحية، و يحتاج للتعمق و الدراسات الاكثر لعلاجه وفق المفهوم الليبرالي المعتمد في اكثر الدول، و هذا ما هم منعكفون عليه الان حسب كل المؤشرات، و لكن افرازات تلك الثغرة المستغَلة تفرز السلبيات الى المجتمعات ذاتها و الى الشرق الذي لا تنقصه تلك السلبيات من الاساس . ان وصول الالاف من مقاتلي داعش من الغرب الى ساحات الارهاب لامر غريب من استغلال الحرية في فكر و عمل شنيع لا يمكن اعفاء النظام الليبرالي من تسببه لمثل هكذا فجوات في امور تعود بالضرر على الانسانية كافة مهما كان موقع الضرر و من كان المتضرر . ان السماح لمن يستغل الحرية و المختل نفسيا لعدم تقبله واقع و طبيعة اجتماعية سياسية و هو هارب من واقع ماساوي لامر غريب من عدم معالجته من قبل الحاضن الغربي و من نظامهم الليبرالي لحد اليوم، ام السياسة هي التي يمكن ان تعرقل اية خطوة في الاتجاه الصحيح لتحقيق مثل هذه الاهداف المصيرية و ما يتصل بجوهر الحياة العامة و الخاصة للفرد قبل المتضرر و المضر للمجتمع لاسباب خاصة .

ان المشكلة الاساسية و العلة التي تُستغل من قبل هؤلاء ليست الا عدم اكتمال المسيرة و عدم الوصول الى النظام الملائم في مسيرة حياة الانسان، وحسب تفهمي و اعتقادي هو النظام الاشتراكي، و مهما كانت الحريات المتوفرة من الانظمة الراسمالية و الليبرالة و ان كانت تفيد البشرية في مرحلة ما الا انها تحوي من الثغرات تعيد حياة الانسان الى الصفر و يمكن استغلال تلك التناقضات وا لنقوص و الثغرات لضرب النظام ذاته قبل المجتمع . فمرحلة الاشتراكية الديموقراطية و المساواة و العدالة الاجتماعية و التي لا تحوي الا ثغرات قليلة جدا مقارنة بالنظام الليبرالي و لحين الوصول الى الشيوعية في المستقبل البعيد وهي المرحلة و النظام الملائم الذي يفترض الوجود و يثبت نفسه في اخر المطاف مهما طالت مرحلة توفر اسباب و مستوجبات بقاء النظام الليبرالي او الراسمالي .

فان كانت الثغرات الكبيرة الموجودة في الانظمة الغربية و التي تستغلها المنظمات الارهابية التي تقف ضد الانسان، فما بالك بمجتمعات متخلفة لم تصل لحد توفر الحرية لهم، فان انتجت مجتمعاتنا بذرة الداعش و عوامل نموه و امتداده فان الثغرات الغربية هي التي تغذيه من جانبها ايضا و من خلال استغلالها و ليس عاملا بانتاجه او انبثاقه او تولده و انما الرحم و الحاضنة الاصيلة هي مجتمعاتنا غير طبيعية الظروف و المعيشة و ما تحوي من الاسباب و الدوافع لولادة المئات من المنظمات الارهابية و ما يدعمها في ذلك هو التاريخ و الوضع الاجتماعي و السياسي و هو الاساس لنموها و انتشارها. اذن المرحلة ان لم تكن متكاملة الاوجه و التركيب و لم تصل لحال تحس ان تكون فيها المكونات و الاجزاء المتواجدة بالراحة و الاستيعاب الكامل للتناقضات و التقبل لما هو سالب فانها تفعل عكس ما مطلوب منها و تنتج مناقضاتها و تعيدها الى بداياتها ان لم تُعالج .

  كتب بتأريخ :  السبت 20-09-2014     عدد القراء :  1998       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced