ماوراء تخبطات تركيا السياسية
بقلم : عماد علي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

لا يمكن ان ينكر احد بان تركيا سجلت رصيدا لها في المنطقة بعد نجاحها داخليا في تحسن وضعها الاقتصادي و و ما تقدمت به من التنمية البشرية لحد رفعت من مستوى الدخل القومي لابناء شعبها و الذي يعتبر قفزة نوعية لها و في تاريخها، و هذا يسجل لها، و كما سارت بطريق سلس في علاقاتها الاقليمية لمدة غير قليلة و كسبت تعاطف الشعب العربي بحركاتها البهلوانية الثعلبية ازاء اسرائيل علنا و الدخول في صفقات كثيرة معها سرا، و اتخذت توجهاتها الداخلية المحيرة في عملية السلام التي تبنتها مع الكورد دون تقدم ملحوظ و ما تعيد نفسها و تجبر الاخرين على الرجوع الى نقطة الصفر في التقدم و ليس تصفير المشاكل التي ادعتها من قبل مع الخارج و الداخل . انها تستند على نظام اسلماني مترنح قلق و به لا يمكن استقرارها لانها لا تعتمد على ما يثبت صحتها فكريا و فلسفيا يمكن التطبيق استراتيجيا و يثبت نجاحه في المدى البعيد، و كما انها تستند على الاسلام اسما و تخبطه مع العلمانية واقعا، فانها تخدع ذاتها قبل الاخر.

من جانب اخر ان تركيا لا تملك من النية التي تسمح باحقاق الحق للكورد داخليا و في تعاملها و سياساتها و دبلوماسيتها مع حكومات المنطقة و العالم خارجيا . عندما حست بانها فقدت حليفا بعد وصول السيسي الى الحكم خرجت عن العرف الدبلوماسي و واجهت ما يؤثر على سمعتها عندما رفضت الحراس دخول اردوغان الى قاعة الامم المتحدة و هو يعتبر نفسه سلطان العصر و اول الفاتحين للامبراطورية العثمانية الثانية و لكن بطرق يمكن ان نسميها هي تعتقد بانها تتلائم مع العصر و بقدر امكانياتها العامة، و لو كانت اكبر من الحجم الذي فيه لتصرفت كما الامبراطورية العثمانية الاولى .

ان ما يشير اليه هذا الذي يصدر من تركيا دوليا و اقليميا و داخليا يبدو من اول وهلة بانها عرض عضلات و بيان موقف او ايصال رسالة بانها لاتزال على مكانتها و قوتها الامبراطورية و يجب الحساب لها و كما في المقابل تفعل ايران ما تستطيع فعله في سياساتها ايضا، اي انهم لايزالون في نشوة امبراطورياتهم السابقة و يحلمون بامبراطورية جديدة على حساب دول المنطقة ولو كانت ورقية لاثبات النفس و ليس لديهم الحيلة الا الحركات البهلوانية المرحلية التي تعيد تسليط الضوء عليهم كما يعتقدون و يخرجون بها من عتمة النسيان و التهميش نتيجة افعالهم و مواقفهم .

اثبتت تركيا بانها غير جادة في خطواتها التي اتخذها حزب العمال الكوردستاني بجدية و اعطى فرص كثيرة لها لبيان حسن النية، الا انها كلما تحس بان الفرص سانحة امامها للتقدم في خطوات عمليات السلام تتنكر لكل وعودها و تعيد القضية و العملية السياسية و السلام الى المربع الاول مستغلة اطراف كثيرة في الاقليم لتنفيذ مخططاتها، و انها تتعامل مع الشيطان و الارهاب في سبيل فرض ارادتها و تتمادى في غيها، و انها لا تعلم بانها هي من تخسر اولا و اخيرا، لان المعادلات ليست كما كانت قبل مجيء داعش و لا يمكنها استغلال الطاريء من اجل انكار الثابت و ان كانت وراء الحركة الداعشية فانها خسرت من وقع ارجلها قبل غيرها .

اثبتت ارادة الشعب الكوردي بثبات موقفهم و مقاومتهم ليس لداعش بل من وراءه ايضا و من يساعده و يموله و اوصل اليه الدبابات في الوقت الحرج الذي كان فيه . و لكن الحق مهما مر عليه الزمن سيبقى حقا و ان دام ما كان وراءه سيتحقق و ان عارضه من كان و مهما كان و ان تاخر .

اليوم نرى ان تركيا مثلما تتخبط في دبلوماسيتها و في علاقاتها الخارجية و ووضعت نفسها امام مواقف حرجة لها و هي التي بنت اعداء لها بسبب احلامها و نياتها الخيالية،و ما حلمت به و لم يتحقق و اصطدمت بالواقع والحق ايضا ان نقول ان ما لا يمكن ان يتحقق بحلم و الامنيات ان لم يكن حقا و يستند على الحقيقة مهما كان وراءه من مدع .

ان تركيا في تراجع مستمر و زادت هي من دفع الاسباب لتهميشها او وضعها في زاوية لا تحسد عليها، ان استمرت في سياساتها الخاطئة التي تتخذها الان نتيجة جشعها و ما اغترت به من النجاح المرحلي سابقا و عرضت نفسها لما لا يمكن ان تحمد عقباه مستقبلا .

ما يحير الامر مثلما تتخذ تركيا كل امر و تمسكه من وسطه سواء كان اعتمادها على الدين الاسلامي فلسفة و حكما او وجودها في حلف ناتو و تعاملها مع قراراته او تعاملها مع بلدان الاقليم او تفاعلها مع الاتحاد الاوربي و نيتها الدخول فيه او في علاقاتها و تعاملها مع سياسة امريكا، او خطواتها الداخلية من الناحية السياسية و الاقتصادية و في مقدمتهم عملية السلام التي اثبتت للجميع مدى سعة صدر حزب العمال الكوردستاني امام خروقات تركيا المستمر، لعلها تدرك الصح و تتخذ ما يفيدها و الاخرين ايضا سواء داخل البلد ذاتها او مع جيرانها و في الاقليم ايضا، و لكنها في خطواتها الاخيرة التي عرضت ما لديها و خرجت حتى عن العرف الدبلوماسي اثبتت كم هي في موقف حرج و هي حلمت بهدف كبير و واجهت ما يعارضها حتى الصغيرو لم تتقدم خطوة في الاونة الاخيرة و تريد الخروج من افرزات المواقف الخاطئة بماء وجه . و خير لتركيا ان تعيد النظر في سياساتها كي لا تخسر ما تقدمت به خلال السنوات الماضية من التقدم النسبي و كادت ان تصبح نموذجا جيدا للحكم و السلطة المناسبة لظروف المنطقة، الا ان غرورها دفعتها الى التراوح و العودة الى الوراء خطوات و اصابت البلدان التي ارادت ان تقتفي خطواتها بخيبة امل .

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 30-09-2014     عدد القراء :  1638       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced