النرجسية ملامح وطباع
بقلم : المحامي يوسف علي خان
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

تحدثت كثيرا عن النرجسية في مقالات سابقة وتأثيرها الفعال في الشخصية البشرية وكانت السبب في العديد من المصائب التي حلت بالبلدان نتيجة ابتلاء قادتها بهذا المرض الخطير وهو متفشي في نفوس سكان العالم الثالث المتخلف بشكل مركز يكاد أن لا يسلم منه إلا القلة من الضعاف والمسحوقين الذين واكبتهم ورافقتهم المذلة والهوان نتيجة الاستعباد الطويل والسيطرة والاستبداد والخرافة في كثير من الاحايين جعلتهم يستكينون فقتلت في نفوسهم هذه الاحاسيس التي تتركز لدى الاقوياء واصحاب السلطة والجاه ومنطقتنا زاخرة بامثال هؤلاء .. ومع انه امر مؤسف غير انه

لصيق بنفوسنا متجذر بعقولنا متوارث عن اجدادنا ولن نستطيع أن نتحررمنه فهو نتاج كل تلك المؤثرات المترسخة عبر عصور التاريخ وما اكتشفناه من رقم واثار دللت على صدق اعتقادنا بان النرجسية كانت المحرك الوحيد لكل احداثه... وادت الى ذلك التطاحن والاقتتال الذي عصف بأمم وحطم تيجان .. وهي اليوم تظهر في حياتنا الاجتماعية مع بعضنا واضحت سمة تعاملنا في جميع المجالات حتى بين النخب المثقفة التي من المفروض أن تكون هذه النرجسية اقل تاثيرا في نفوسهم غير اننا نفاجا بانها لا تقل فعالية ونشاطا في دواخلهم عن سواهم من المتخلفين والاميين الذين تأتيهم

الفرص فيصبحوا اصحاب جاه وسلطان ... فاضحى الجميع في بودقة واحدة تتقاذفهم النرجسية تحت مرجل من نار...مع اني ارى انه يجب أن يكون في داخل كل انسان درجة من النرجسية كي تدفعه للطموح ومحاولة الابداع والتطور رغبة منه للتفوق وهو امر جيد على أن لا يتجاوز ليصل حد المرض فلولا النرجسية المعقولة في داخل كل انسان لعم الجهل وانتشر التخلف ...

... وقد اتطرق اليوم الى احد جوانبها فهي كثيرة ومتشعبة ولا يحصرلها عد... فقد باتت سمة التعامل بين هذه الشريحة التي انا بصدد تناولها واهتمامي بها عن غيرها باعتبارها المفروض أن تكون بعيدة عنها لما تتدعيه من سعة تفكير وعلو ثقافة وسعة اطلاع ورجاحة فكر

وهي المعّول عليها توجيه الرأي العام وتوعيته بكشف الحقائق له والتعامل بحيادية قدر الامكان ..وهو الاعلام فمع اني أأمن بحرية الرأي وافساح المجال دون رقابة او ملاحقة أو حساب للعاملين بهذا الحقل المهم الذي يجب ان يعمل بالهواء الطلق دون خوف او وجل .. غير انه من الواجب عليه أن ينطلق من خلال الفكر المتجرد دون الانسياق تحت ضغط العمالة والانحياز لهذه الجهة مندفعا من مصادر تمويل مشبوهة لا تريد الخير والفلاح لبلدانها... او تحت تأثير الادلجة الخاطئة فتسبب لبلدانها الكوارث تحقيقا لمنفعة ذاتية انية او تماشيا مع مصدر تمويل مخرب... فهناك للأسف

بعض وسائل الاعلام من قنوات فضائية أو صحف محلية قد اصبحت ابواقا داوية لبعض الاجهزة الاجنبية العميلة وابوابا مشرعة للدعاية لها

.. .. ولكن بالطبع وهو ما يجب أن اذكره بان امثال هذه الفئات المريضة قليلون قياسا للعدد الهائل من رجال الاعلام والعاملين في هذا المجال المخلصين.. فهناك النخبة الرائعة السليمة والخالية من هذا الوباء الخطير المدمر بما وجدته منها من خلق رفيع ومستوى عال مترفع عن الصغائر يتصف باجلى ما يجب أن تتصف به هذه الشريحة من الناس وهي رحابة الصدر وحيادية الموقف وتقبل الرأي والرأي الاخر وهو اهم ما يجب ان يتصف به الاعلامي كي يكون ناجحا وموفقا في هذا المجال .. وإن ما ساذكره هو ما تتمثل به هذه القلة المدانة والتي لا يقتصر مكان تواجدها على العراق فهي

موجودة دون شك بجميع الاقطار العربية التي انكشف البعض منها بعد الاحتلال بما كانت تستلمه من كوبونات النفط كي تقف مع الطغيان .. وربما تتواجد في غيرها من الدول الاجنبية التي لا اعرف عن حقيقة اعلاميها او تصلني اخبار نرجسيتهم وعمالتهم...غير ان ما يهمني هو اعلاميوا العراق ولا شان لي بغيرهم فلهم في بلدانهم من يبحثون في شؤونهم وينقدون مواقفهم .. فقد اعتدت أن اراسل بعض الصحف والمواقع الالكترونية او ما يطلق عليها بالتواصل الاجتماعي وهو ما بدأته بعد انهيار النظام السابق فقد اصطدمت بجبهتين لم تتقبل كتاباتي أوتوافق على نشرها مع كونهما جهتين

متناقضتين في الفكر والايديولوجيا .. ما جعلني في حيرة من امري فأنا إذا مع من اكون فلا هذه الجهة تتقبل ما اكتبه ولا الاخرى توافق على النشر... فقد قلت لربما تكون كتاباتي من السخف ما لا تستحق النشرأو ان فيها تجاوز قانوني بيّن يجعل صاحب الصحيفة يتردد في نشر هذه المقالات .. غير اني وجدت ولله الحمد صحيفة عراقية واحدة وثلاث مواقع شرعت لي الابواب وفتحت صدرها لي وانا مدين لها بالطبع لما قدمته لي ونشرت ما تجاوز الخطوط الحمر فعلا في بعض الاحيان وهي مستمرة معي مشكورة دون انقطاع او توقف حتى الان .. وقد تكون رغبتي في النشر حالة نرجسية هي

الاخرى....لكني ارى أنها مقبولة كما اعتقد فلا تؤذي احد مثل نرجسية بعض القادة التي ادت الى هلاك الملايين من البشر ..فنرجسيتي عادية كما يتصف بها غيري من الناس وربما تكون من باب حب الظهور...هذا امر يقيمه الاخرون ..أما أنا فأراها تنبع من تقديم الفائدة وتوسيع المعرفة لدى البعض مما قد يكون الكثيرمن الاخبار خافية عليه فليس بمقدور الانسان استيعاب جميع معارف الدنيا... فكل امريء لديه معرفة واطلاع في شيء ينشرها الى الاخرين وهو بنفس الوقت يتلقى ما ينشره ويعلنه غيره وهكذا تعم الفائدة للجميع... وقد يكون ايضا تأكيد للوجود.. كما يقول احد الفلاسفة

(( انا اتحرك إذا انا موجود)) وقد يكون ابرازا للقدرات كما يفعل الموسيقي والمطرب والرسام وغيرهم من اصحاب المواهب فلا اظنها شيء معيب وهو امر يساعد على تبادل المعارف والخبرات ولا يسء لاحد في معظم الاحيان... حتى لو أتطرق لمواقفهم ببعض النقد الدبلوماسي فهو لا يمس بشخوصهم او حياتهم الخاصة فهي امور لا علاقة للاخرين بها وانما تشير الى سلبياتهم ومواقفهم... والمواقف قد تتغير في معظم الاحيان .. كما ان النقد قد يفيد بلفت النظر والانتباه الى نواح قد يكون فيها المرء غافل عنها ...فيعيد دراسة خطواته ومراجعتها فيصلح ما كان غافل عنه ....غير انه قد تكون

النرجسية مرتفعة عند المرء فيثور ويعربد ويصف هذا النقد بالهدام والعدائي وقد يكون صاحب سلطة وشأن كبير فيهاجم الناقد وينقض عليه باشد عقاب... وهي على اية حال امور نادرة ولا تتواجد إلا عند القادة والزعماء المستبدين الذين لا يمكن لاي انسان ان يوجه لهم النقد مهما كان بسيطا لكونهم فوق الشبهات ولا يخطئون كما يعتقدون..ولكنها تحدث بشكل واسع مع بقية خلق الله فقد يسبب النقد غضب الشخص وقطع الصلة بمن ينقده مهما قد تكون علاقته به قوية او صداقته حميمية فيكون النقد سبب فراقهما .. وكما حدث مثلا مع احد اصدقائي الذين كتبت له بعد ان تولى منصب كبير في

الدولة وكنت اعرفه انسانا طيبا وبسيطا يحاول الابتعاد عن المشاكل فكتبت له هذه العبارة (( مالذي ادخلك في عش الدبابير )) فإذا به يثور ويقطع صلته بي مع انها عبارة لاتخدش جلد ولا تحدث جرح غير ان صاحبي وجدها عبارة قاسية وهو بهذا المنصب الرفيع الذي توقع مني الاطراء والمديح فقط... ولكن سرعان ما ازيح من المنصب بعد وقت قصير .. وصديقي الاخر الذي تعرفت به عن طريق الفيس بوك وهو يحمل شهادة الدكتوراه .. إذ ارسلت له ترحاب وتبجيل دون ان اذكر كلمة (( الدكتور)) سهوا فأنا رجل عجوز لا اتنبه الى الكثير من الامور غير انه غضب وارسل لي رسال قال فيها انا الدكتور

فلان الفلاني .. فاعتذرت له وارسلت له العنوان الجديد .. وهذه هي نوع من النرجسية المبتلين بها كلنا نحن البشر ...وهو نفس ما عانيته من العاملين في الاعلام من صحفيين واصحاب مواقع .. فقد قام احد اصحاب المواقع بنشر بعض ما اكتبه مشكورا فقد بدأت اتصالي به باسطر من التفخيم والتعظيم فشكرني على ذلك غير اني عندما ارسلت له المقالة الثانية دون تقديم لها أو مديح اجابني وعلى الفور(( لقد ارسلتها دون سلام او تحية )) فاعتذرت وبدأت ارسل له مع كل مقال ايات التفخيم والتبجيل وهو ينشر لي بكل انتظام .. وأما ما جرى لي مع صاحبة احدى المواقع من النساء الاديبات فهي

اكثر اثارة وأشد قسوة والما بالنسبة لي فقد نشرت مقالة لي باسم شخص اخر ووضعت صورته الى جانبها فارسلت لها رسالة اشرت فيها كون المقالة تعود لي فإذا بها تثور وتقطع الصلة بي ولم تعد تنشر لي حرفا واحدا منذ ذلك التاريخ .. بينما هناك ست فاضلة انا اشكرها عظيم الشكر فقد كانت البادئة في نشر اول مقالاتي بعد الاحتلال ولا زالت مستمرة دون انقطاع فلم ارى فيها مثل هذه النرجسية التي شاهدتها من الاخرين مع انها تستحق كل تقدير بحق وحقيق وهي تدير اكبر موقع لا كبر تنظيم ثقافي ..... وكذا الحال بالنسبة لموقعين وصحيفة واحدة لازالت مستمرة بلا انقطاع والبقية

الباقية مؤدلجين باتجاه معين لا يستسيغون ما اكتبه لربما لاني لا امجد بالجهة التي ينتمون لها وهو ما تعودوه من بعض الكتاب المستفيدين فسدوا الابواب في وجهي واقفلوا جرائدهم عني بحجج واهية لاترى فيها وجها للحقيقة أو جانب من الصواب ...فالنرجسية لها ابواب عدة قد تكون المنفعة المادية وحتى اللصوصية هي احد جوانبها وصورة من صورها فهي حب الذات والبحث عن السلطة والمال والرفعة والجاه وقد تصل حد المناوءة والخصومة والاقتتال... وهي سبب كل هذا الخراب فإن كنت قد اتيت با مثلة ونماذج مما صادفني فهو نفس ما يصادف الملايين من البشر وهي تبرز كما قلنا

كلما ارتفعت مكانة المرء او حصل على موقع مرموق تأججت نرجسيته وعظمت الى حد الانفعال فهي تظهر باشكال مختلفة وبدرجات متفاوتة وهي تسري على الجميع كما قال ذلك ((العلامة الدكتور جاك عبودي استاذ الطب النفسي في كلية الطب)) قبل اكثر من نصف قرن فقد قال (( كل امرء في داخله نرجسية ولكن على درجات متفاوتة )) فقد صدق ذلك العالم رحمه الله... وهي في كل مجال في هذه الحياة ....!!!

  كتب بتأريخ :  الجمعة 24-10-2014     عدد القراء :  2568       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced