رحلة مع اللصوص
بقلم : المحامي يوسف علي خان
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

لقد وجدت من باب البحث والفضول أن اراقب بعض اللصوص في مسيرة حياتهم... لاطلع على اساسيب سرقاتهم فهي لم تعد كما عهدناها من لصوص الماضي مجرد السطو على الدور أو الهجوم على المصارف والبنوك كما كانت تفعله عصابات شيكاغو في الثلاثينات ممن القرن الماضي وما سبقها من عقود ودهور... فقد تطورت الاساليب واضحت اكثر فنا وتكتيكا واتساعا وتعقيدا.... بفضل ما ابتكر من عدد وادوات خاصة بعد اختراع الروبوتات وابتكار برامج الحاسوب وما قدمه من اعجازات اذهلت البشرية جمعاء ... وقد كنت اعتقد الى وقت قريب وكما كان يشاع بان امهر اللصوص واكثرهم فراسة بهذا الفن هم

الرعاع من الناس وخاصة سكان العشوائيات من الفقراء والمعدمين.... غير أن الامر قد تطور وتغير وانتقل الى وجهاء القوم ومثقفيهم الذين تبوأوا موقع المسؤولية فاستغلوا مناصبهم وسرقوا المال العام وهي اموال الشعب التي هم امناء عليها ...وقد كنت أواسي نفسي واقول لابأس بذلك أن تحصر السرقة في بلد عربي واحد فاشتهر رعاعها وبلطجيها بخفة اليد والنشل في الحافلات والشوارع لتبقى بقية البلدان نظيفة من هذه الادران... فهو امر يمكن معالجته بمضي الزمن بنشر الثقافة بين السكان وتحسين احوال معيشتهم ... فطالما أن بقية الدول سالمة من هذا الوباء الخطير فلا

زال هناك أمل ... فإ ذا بي اكتشف بأن العدوى قد تغلغلت وانتقلت الى العراق لربما خلال تواجد اؤلائك الملايين من السجناء الذين اطلقتهم الحكومة المصرية حينما شرّع لهم النظام السابق ابواب العراق خلال الحرب العراقية الايرانية ليعوضوا النقص الذي بدى واضحا من التحاق اصحاب المصالح في اتون تلك الحرب حيث ذهب معظمهم ولم يعد ... فاصابوا بعدوى السرقة الكثير من العراقيين... فقد تفوقوا بهذا المضمار عن بقية سكان المنطقة من النشطين وامتدت يد العدوى لتصل ارفع الدرجات والعديد من السياسيين فسطوا على خزائن العراق وموارده حتى افلسوه .. وابدعوا في

ابتكار الاساليب وتنوعوا بها وبرعوا وامتازوا بخفة اليد ونشل الجيوب ....ما زا دني فخرا واعتزازا أن اجد العراقيين لم يكتفوا بسرقة الالاف كما يفعل بلطجية مصر ... فقد اضحت السرقات بالمليارات وليس بالملايين ... فقد ابتزوهم في هذا المجال وتفوقوا عليهم بمراحل وتركوهم باخر الطريق... حتى غدا اللص العراقي نموذجا لا يقاس عليه... يسرق وهو امامك دون ان تشعر به او تحس بما يفعله بوجودك .. وقد وجدت من المفيد متابعة امثال هؤلاء اللصوص فاكتشفت من بينهم لصا يسرق ملايين الدولارات دون أن ينقص شيئا من مال هو بين يديه... فكيف يكون ذلك وهل هو سحر مبين

..؟؟؟؟..فوجدت بانها مجرد خطة ابتكرها هذا اللص اللعين فسرق الملايين دون أن يتهمه احد بسرقة ولو فلس واحد مما بعهدته من نقود..... فقد بقي وجهه ناصع البياض وذمته خالية الوفاض وقلبه عامر بالايمان وسمعته مشهود لها بالعفة و النزاهة مثل البرلنت ... مما يدفعني الى نصح جميع اللصوص أن يقتدوا بهؤلاء العباقرة و ان يسلكوا نفس الطريق فلا يثيروا الشكوك ولا يؤججوا الغبار او يلفتوا الانظار ... أو يقعوا بمزالق القانون والمسؤولية ...فهم محصننون من كل هذه الهواجس إذ يربحون الملايين دون أن ينقص شيئا مما في حوزتهم وعهدتهم من اموال بصفتهم المشرفين

والمحافظين عليها من السرقات .. ويبقون امينين عليها دون ان يكتشف احد بكونهم متصرفين بها بغير ما خصصت له من قبل الدولة .... فلا يشوبها الضياع لعدم دخولهم بصفقات مكشوفة قد يتورطون خلالها مع بعض المغامرين مما يقبضون ويهربون ..اما طريقة هؤلاء الخبراء المبتكرة فليس فيها كل هذه الاحتمالات الخطيرة فهو يتصرف بهذه الاموال ثم يعيدها كاملة بحساب دقيق الى مكانها دون أن يتنبه احد بانه قد تم التلاعب بها ووظفت لصالح المؤتمن عليها فما هي هذه الخطة ؟؟؟ وما هي اوجه تنفيذها...فقد يلجأ من يكون بعهدته مبلغ كبير من المال أن يؤخر تنفيذ المشاريع التي

يُخصص لها ذلك المال فيسافر هو أو من يكلفه من الاقارب ليشتري بضاعة من احدى الدول كان تكون مواد غذائية او اجهزة الكترونية بملايين الدولارات لياتي بها ويبيعها على التجار ويستلم ثمنها ويعيد المبلغ الى خزينة الدولة التي بعهدته ثم يعيد الكرة إن وجد فرصة مواتية أو وقتا كاف وهكذا فإن الطمع قد يدفعه الى اعادة العملية عشرات المرات دون أن يبدا بتنفيذ المشروع وكلما شعر به شخص من المتواجدين معه شاركه الصفقة وهكذا تتوسع الحلقات حتى إذا افتتضح الامر وانتشرت الاشاعات بدا بتنفيذ المشروع ووضع حجر الاساس له ثم تركه على حاله ليستأنف حرفته من

جديد.... وكلما ثار الغبار وانتشر الخبر استأنف العمل بعض الشيء فيبقى المشروع دون اكتمال وتبقى ذمته رائقة الصفاء وقد يعيد المبلغ أو بقيته الى خزينة الدولة ويُقفل الموضوع وكانه لم يكن ..وهي بالطبع واحدة من طرق الاحتيال ومهما حاولنا أن نستشرف ونستكشف اساليب وابتكارات اللصوص فسوف نظل عاجزين عن الاحاطة بها ومعرفة جميع اساليبها فهي فن من الفنون تعتمد على الممارسة لاكتساب الخبرة... فالبحث والاستقصاء غير كافيان للالمام بكل وسائلها فهي سر من اسرار المهنة التي قد تخفى على الكثيرين... فقد اوردت هذا الاسلوب كنموذج لما يجري في البلدان وسوف

يبقى العديد منها طلسما عصي حتى على الكمبيوترات واجهزة كشف السرقات وتبقى الحكومات ((حتى لو حاولت وهو أمر مستبعد )) .... عاجزة على ملاحقة الجميع إما جهلا بالوسائل أو خوفا من نفس اللصوص لما لهم من عصابات ومليشيات تلاحق كل من يحاول التصدي لهم وعرقلة هذه السرقات.... وبالطبع هذه لا تدخل ضمن السرقات العلنية التي تجريها بعض الجهات المدعومة بالمليشيات او فرق الحماية التي تقف بمواجهة كل من يعترض عليها او يحاول اجراء التحقيق بشانها فتقوم بتصفيته واغتياله كما جرى للعديد من القضاة وحكام التحقيق... وكان السبب في شلل القضاء وعدم اتخاذ أي اجراء

بشأنها وظلت خافية عن الانظار... فتلك سرقات هائلة ليس المجال الان لذكرها ولا نريد الدخول في معامعها فهي تتعلق بمليارات الدولارات كما هي الحال في موارد النفط المتنوعة فالعراق قد نخر نخرا ولم يعد قابل للاصلاح ((فالعيب فينا والعلاج بعيد)) ...!!!

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 28-10-2014     عدد القراء :  1893       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced