العلاقات الدولية ومراحل تطورها
بقلم : المحامي يوسف علي خان
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

الفصل الاول

لقد وجدت من الضروري لكي يتفهم القاريء مقاصد موضوعي هذا ويستوعب فحواه أن أعود الى الخلف لعدة قرون ولربما الى عهد النهضة... فهي مدة كافية لتوضيح الصورة عما يرد في هذا المقال على الاقل... كي اشرح كيف كانت طبيعة تلك العلاقات الدولية منذ بداية ذلك العصر وتشكّل الدول بصيغتها الحديثة وكيف كانت تلك العلاقة داخل المجتمع الدولي سلبا وايجابا بما سببته من صراعات وحروب أو ما ابرمته من معاهدات واتفاقيات وعقود وما شاب تلك الروابط من خلل الاختراقات التي كان يُمارسها البعض وما نتجت عنه من احداث... فقد لعب المجتمع الدولي ادوارا مهمة في العصر الحديث واخذت تظهر فاعليته منذ عصر النهضة بما اثرت فيه تلك النهضة الصناعية قبل وقوع الحرب العالمية الاولى حيث اثرت بعض الحركات الفكرية في احداث استقطابات متنوعة لا نريد الخوض بها ونعود الى الوراء في عمق التاريخ وتاثيرات الماضي السحيق في البعض منها ولا زالت اثارها قائمة حتى يومنا هذا... حتى وصلت الى عصر النهضة التي لربما كان القادح الحقيقي لبدء شرارتها هو لوثر وجماعته من الكتاب والمفكرين المعاصرين الذين انجبوا من خلالهم العديد من العلماء الذين شاركوا بتلك النهضة الصناعية والعلمية العظيمة التي تفجرت في اوربا... بينما ظل الشرق والعالم الثالث في تخلفة المعتم سوى بعض دول الشرق التي استفاقت وسارت مع الركب الاوربي مثل اليابان التي امتدت لها يد النهضة واستطاعت ان تبني لها صناعة عظيمة تمكنت خلال فترة وجيزة وفي اوائل القرن العشرين ان تؤثر حتى على الاسواق الغربية بل والعالمية بشكل عام وتبتزها وتنافسها منافسة شديدة سبب للغرب ازمات اقتصادية كبيرة أوشكت أن تودي بها في حينها بسبب رخص الايدي العاملة وتوفر المواد الاولية فيها واتخاذ اليابان برنامجا تنمويا صحيحا منطلقا من اخلاص حكوماته وعلى راسها امبراطورها (( الميكادو )) العظيم .. ..كما استطاعت بريطانيا أن تستغل هذه النهضة وتكون قوة هائلة تمكنت بها وبحنكتها السياسية التي عرفت بها ان تسيطر على مناطق شاسعة من العالم .. بينما بقيت الولايات المتحدة منزوية وبعيدة عن الاضواء منشغلة بحروبها الداخلية وفي تحقيق وحدتها وبناء هيكلها الدولي كما نشاهده اليوم .. وفي الوقت نفسه كانت المانيا تبني امبراطوريتها كي تصبح دولة مؤثرة في اوربا وقد استطاعت فعلا بزعامة غليوم الثاني أن تنشيء دولة عظيمة بدأت تحاول التوسع على حساب جيرانها من الدول وتضمها اليها وفي الوقت ذاته كانت البولشفية الروسية قد انتصرت بثورتها العظيمة وقضت على العائلة الامبراطورية التي كانت تحكم روسيا انذاك والتي انهكتها حروبها مع الدولة العثمانية وما كان يطلق عليها بحرب القرم ومع اليابان والصين حول بعض المناطق المتنازع على عائديتها لهذا الطرف او ذاك.... وتمكن لنين واعوانه من ضم العديد من الدول في اتحاد متين تحت يافطة الاشتراكية العالمية . وقد اثر كل ذلك بتأجيج الحرب العالمية الاولى ولم تكن قضية درايفوس سوى حجة واهية ولا يمكن ان تكون سببا حقيقيا لقيام مثل تلك الحرب الطاحنة انذاك ..ولربما كان الطمع الاوربي بالرجل المريض الذي كان يمثل الامبراطورية العثمانية المتهرئة والتي رفضت تأسيس وطن قومي لليهود فاتجهت النوايا في الخفاء للتخلص منها وبروز قوى جديدة قررت اقتسام ممتلكاتها ..وايجاد مناطق نفوذ عسكرية للبعض واقتصادية للبعض الاخر ...فقد اضحت اليابان قوة اقتصادية وعسكرية كبرى في شرق اسيا ارعبت العالم الغربي كما رسخت بريطانيا قوتها في اوربا وامتدت أذرعها الى العديد من مناطق العالم كما ظهرت فرنسا كقوة منافسة ايضا اخذت تقاسم بريطانيا في مناطق نفوذها مع انحسار الدور الالماني لفترة من الزمن سرعان ما اخذ ت تستعيد انفاسها على يد هتلر الذي تمكن من اعادة بناءها من جديد لتشكل اكبر قوة عسكرية خلال فترة قياسية لم تتجاوز العشر سنوات .. غير ان كل ذلك كان يحصل بمبادرات فردية من الدول أو بموجب اتفاقات ثننائية كما حصل في اتفاق سايكس بيكو مثلا كما تم تأسيس عصبة الامم غير انها ابتنيت ضعيفة واستمرت على ضعفها لم تستطع ان تؤدي للمجتمع الدولي شيئا مفيدا له سرعان ما انهارت هي الاخرى بعد بضع سنين امام الاطماع الدولية المتعددة... فقد اخذت كل دولة اوربية منفردة تمد اذرعها الى بعض المناطق البعيدة من العالم حيث استطاعت هولندا السيطرة على اندونيسيا وتمكنت بلجيكا من السيطرة على الكونغو و بعض المناطق الافريقية وكذلك ايطاليا حيث رسخت وجودها في ليبيا وحكمتها بالنار والحديد فتقاسمت الدول الاوربية المناطق الافريقية حصل ذلك دون تنسيق دولي وبعيدا عن اجواء عصبة الامم .. وقد ادى ذلك التنافس والتناحر بين الدول الاوربية نفسها وبعض الدول في شرق اسيا مثل اليابان وظهور النازية في المانيا مجددا وعدم اعترافها بهزيمتها الاولى الى انهيار عصبة الامم بقيام الحرب العالمية الثانية التي غيرت الموازين وقلبت الامور رأسا على عقب واوجدت وضعا جديدا في العالم برمته مختلف تماما عما سبقته من اوضاع دولية خلال القرون الماضية ... فقد وعى المجتمع الدولي الى ان عصر التحرك الانفرادي للدول قد ولى إن كان في السيطرة على المناطق أو في ادارة شؤون العالم ومعالجة المشاكل التي تحدث فيه ... فقد اضحى العالم تحت رحمة الدول الخمس الكبرى بعد الحرب العالمية الثانية واسست مجلس تدير من خلاله شؤون العالم وتتحكم فيه وهي ظاهرة جديدة غير مسبوقة فيما مضى ولم يعد بامكان الدول التصرف بشكل منفرد كما كانت تفعله في السابق لكن سرعان ما تشكل قطبان كبيران من بين هذه الدول وبدأ يتنافسان وهما الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الامريكية... فانظمت بعض الدول المتواجدة على الساحة العالمية قسم الى هذا الطرف وقسم الى الطرف الاخر واصبح العالم معسكرين متناقضين في الانتساب وفي الايديولوجية .. وقد ادى هذا الامر الى نشوب صراع خفي اطلق عليه بالحرب الباردة استمر لما يقرب الاربعين سنة تخللها العديد من الاحداث داخل كل من المعسكرين ومع ذلك فقد حدث توازن نسبي سمح للعديد من الدول المنضمة الى هذين المعسكرين ان يتنعما بشيء من الحرية والاستقرار النسبي... وتحافظ هذه الدول على كياناتها مع كل ما شابهه من ضغوط من قبل القوتان العظميان... كما تمكنت الدول الاخرى من الانتساب الى هذا المجلس بعضوية موقتة استطاعت ان توصل صوتها فيه وهو شيء مع ضألته غير انه مفيد وبقيت الدول الخمس هي المتحكم الفعلي في شؤون العالم.... غير ان الزمن قد اتاح الفرصة لبعض الدول الاوربية ان تعيد بناء نفسها وتغدو قوة مؤثرة تمكنت ان تشكل مجلس الاتحاد الاووربي الذي اصبح هو الاخر منافسا قويا حتى لمجلس الامن لكنه كان يقف الى جانب الغرب مواجها للمعسكر الشرقي فاثر تاثيرا كبيرا على الاتحاد السوفييتي وتمكن بمساعدة الولايات المتحدة من تمزيقه .. وهنا فقد تغيرت الصورة مرة ثانية فاصبح العالم ذو قطبية واحدة خلق وضعا جديدا اثر على جميع دول العالم فاضحت الدول التي كانت تستند الى القطب الشرقي مكشوفة الظهر فلم يعد لها سند تستند اليه فغدى موقفها حرج مما اتاح الفرصة للقوى الغربية الكبرى السيطرة عليها واثارة الزوابع فيها فاعلنت الثورات في العديد منها التي ادت الى سقوط انظمتها وتغير توجهاتها واضحى العديد منها تابع الى الغرب ومنتسب اليه... كما اخذ الاقتصاد يلعب دورا كبيرا في شؤون العالم حيث برزت المانيا مجددا لكن ليس كقوة عسكرية كما صنعها هتلر بل كقوة اقتصادية كبرى في اوربا وتمكنت ان تكون عضوا سادسا في مجلس الامن فعليا ومؤثرة حتى بقراراته مع انها بقيت خارجه رسميا واضحى الاقتصاد يلعب دوره المهم في شؤون الدول فكان للسوق الاوربية المشتركة الشأن الكبير في التأثير والسيطرة على العديد من الدول واصبح وكانه دولة عظمى له كيانه وعملته النقدية الخاصة به بل وحتى جيشه فقد اضحى الحلف الاطلسي طوع بنانه يوجهه بالشكل الذي يريد إذ غدى قطب بديل عن الاتحاد السوفييتي غير انه يعمل الى جانب االمعسكر الغربي الذي بقي قائما بزعامة الولايات المتحدة الامريكية ويقف الى جانبها وقد استطاع السيطرة على الدول الضعيفة عن طريق البنك الدولي الخاضع له الذي ارتهن حرية وكرامة العديد من هذه الدول الصغيرة التي اضطرت للاستدانه منه ولم تستطع ان تسدد ديونها فسيطر على مواردها يمتص دماءها .. وهكذا فقد استطاعت الدول الاوربية السيطرة على العديد من دول العالم الثالث عن طريق هذا البنك الرهيب .. فقد كان لانهيار الاتحاد السوفييتي دورا مدمرا للكثير من دول العالم الثالث التي كانت تعمل تحت حمايته فغدت لا حول لها ولا قوة امام جبروت هذا البعبع المخيف الذي تتزعمه الولايات المتحدة ذات الاقتصاد القوي الهائل والتي بقي اقتصادها سليما لم يتعرض سوى الى ازمة بسيطة في الثلاثينات من القرن الماضي تمكنت من تجاوزها بسهولة وبقيت محافظة على وضعها لم تتاثر باي ازمة اخرى على عكس الدول الاوربية التي تعرضت الى العديد من الازمات بسب الحروب التي خاضتها مع بعضها وكلفتها الكثير من ابناءها ومن موالها لم تكن لتستطيع تجاوزها لولا وقوف الولايات المتحدة الى جانبها بمشروع مارشال واعادت بناءها من جديد ..واننا نجد اليوم وخلال السنوات القليلة الماضية يحاول الاتحاد الروسي لملمة نفسه واعادة بناء دولته المتحدة الجديدة مستعينا بموارده البسيطة وايجاد اسواق لمعداته العسكرية المتراكمة لديه كما يحاول أن ان يبرز نفسه مجددا كمنافس للاقطاب الدولية المتواجدة على الساحة ولكن ليس بايديولوجيته الاشتراكية وانما كدولة عسكرية قوية ودولة سياسية متناورة من خلال مهارة زعيمها بوتين الذي شغل منصب رئيس مخابرات الاتحاد السوفييتي واكتسب خبرة عالية في المناورة وممارسة الفتلكة السياسية وهو يبحث عن سوق رائجة لاسلحته القوية التي لم يتفوق في غيرصناعتها من المجالات الاخرى التي تتفوقت عليه فيها الدول الاوربية... كما نجده يلعب اليوم بالغازالمتوفر لديه الذي يصدره الى اوربا كسلاح اضافي والذي تحاول الدول الغربية ان تجد البديل عنه ... كما لا زال يستغل مقعده في مجلس الامن الذي يحتفظ به يحاول من خلاله ايضا ان يكون له شان مؤثر في العلاقات الدولية وكذلك تفعل الصين التي تلعب دورا مهما على الساحة الدولية مستفيدة من موقعها في المجلس ذاته وفي تطورها الصناعي العظيم وفي جهتين مختلفتين فقد ظلت صامدة امام المجتمع الدولي كقطب سياسي كبير وفاعل وبنفس الوقت اضحت قطبا اقتصاديا منافسا للصناعات الاوربية في جميع المجالات وتفوقت بها حتى غدىت اليوم تهدد اقتصاديات العالم بما تغرقه من بضاعة متنوعة النوعية والجودة ما مكن كل شرائح المجتمعات الحصول عليها مهما كان دخل الفرد ضعيفا ومتواضعا لما يجده باسعار رخيصة تتلائم وجميع الدخول... اضافة لبعض الدول الاسيوية الاخرى التي تمكنت هي الاخرى من المنافسة وتسويق بضائعها ما اثر تاثيرا كبيرا على صادرات الدول الاوربية المرتفعة الكلف .. كما اضحى للنفط اهميته العظمى بسبب اعتماد المكننة الصناعية عليه في ادارة عجلاتها معوضا عن ما يحدثه الفحم الحجري من أثار صحية مدمرة وطاقة متواضعة فاضحى النفط الان المصدر الرئيسي للطاقة والذي يتواجد معظمه في منطقة الشرق الاوسط ما زاد من اهمية هذه المنطقة لدى الدول الغربية واكتظ التنافس عليها.... اضافة لوجود اسرائيل في المنطقة ذاتها وتحولها الى قطب مثير للقلق في المنطقة ذاتها جعلها قطبا دوليا مؤثرا مع صغر حجم مساحتها وقلة تعداد سكانها... فقد اثارت زوابع وعواصف انتشر تأثيره الى جميع انحاء العالم مثلما تنتشر ابخرة الدخاخين وحمم البراكين التي تتصاعد مع سمومها الى اعالي السماء وتمتد الى مساحات شاسعة فقد امتدت ووصلت تأثيراتها كل الدول الاوربية وغدت بؤرة خطر لا بد ان يحسب لها الف حساب ..فقد ادى وجود اسرائيل داخل وسط عربي اسلامي واخراجها سكان عرب فلسطين من ديارهم اثره الفعال باستقطاب هذا العالم المتواجد في منطقة الشرق الاوسط وتسبب في خلق توترات واستقطاب دول المنطقة التي تتواجد فيها الطاقة التي يعتمد عليها العالم الغربي الصناعي وكونت هذه المجاميع كارتلات سياسية ضدها .. وتسبب هذا الوضع في تغييرات دولية واصطفافات وتوافقات لمواجهة كل هذه المتغيرات التي كانت بحاجة ماسة الى نظام دولي لا يمكن ان يسير على نفس النمط الذي سارت عليه الدول في الماضي البعيد وحتى نشوب الحربان العالميتان التي سُوّقت لها الجيوش واحرقت في اتونها ملايين الاطنان من الاسلحة المصنعة ... فلم تعد تجدي تلك الاساليب نفعا لما عليه الاوضاع الدولية في الوقت الحاضر فقد اضحى اليوم عالم جديد.. عالم يعتمد على الاجماع الدولي في اتخاذ القرار فتجد من الصعب حتى الدول المارقة منها الخروج على هذا الاجماع وحتى الدول الكبرى التي تشكل قوى عسكرية كبرى فهي تجد من الصعوبة بمكان تجاوز هذا الاجماع... فمثلا تجد روسيا الاتحادية او الصين وهي دول عظمى وتمتلك الاسلحة الفتاكة والجيوش القوية وهي دول منافسة للغرب لكنها نجدها اليوم لا تستطيع ان تخرج بشكل علني وصريح على الاجماع الدولي وتتقيد به متمثلا بمجلس الامن... إذ كل ما تستطيع فعله هو التمسك بحق الفيتو الذي يمنحها الحق برفض المشاريع التي توافق عليها بقية الاعضاء ولكنها لا يمكنها ان تتخذ قرارات بشكل انفرادي كما كانت تفعله الدول في الماضي السحيق وحتى قبل قيام الحرب العالمية الثانية سوى ما اتخذته امريكا من موقف مدان تجاه هجومها على العراق وما اتخذته روسيا في جزيرة القرم فمثل هذه المواقف سوف تتوقف بكل تأكيد .... فقد اصبح للقرار الدولي قوته الالزامية ولقوانينه فاعليتها الى حد كبير غير ان ذلك لم يكتمل وهو بحاجة الى وقت اضافي ولربما لعدة عقود حتى يصبح للاجماع الدولي كلمته الفصل الذي لا تستطيع بموجبه اية دولة الخروج عليه فقد اضحى للاجماع الدولي كيان وبنيان ينمو ويتطور كل يوم اكثر فاكثر ولربما يشاهد الجيل القادم ترسيخا كاملا لهذا الاجماع الذي يمنع اية دولة من الخروج عليه واتخاذ أي قرار بشكل منفرد حتى ما يتعلق بداخل دولها نفسها وهو امر ليس ببعيد... وهو ما يتطلب من احداث ترتيبات تحقق المصالح وفق ما يتلائم وهذه المستحدثات السياسية والجغرافية والصناعية وحتى الفكرية..... فبدت القوة لا تعتمد على ما تمتلكه الدولة من جيوش أو ما تخزنه من اسلحة وعتاد وما تصنعه من مبتكرات ... وإنما القوة باتت تعتمد على الحنكة والتخطيط وباتت مركز البحوث والدراسات هي مراكز القوة الحقيقية للدولة بصرف النظر عما تمتلكه من جيوش وسلاح....

الفصل الثاني

لقد اثرت وسائل النقل الحديثة السريعة ووسائل الاتصال الحواري و التخابري عن طريق الانترنت تأثيرا مباشرا على كثافة الاتصال بين البشر جميعا على هذه الكرة الارضية وتكريس العولمة التي ادت الى التجمع البشري وتقاربه حتى غدى العالم برمته كانه بيت واحد وسكانه عائلة واحدة له متمثلة بالامم المتحدة ومجلس الامن هو رب هذه الاسرة ما استوجب تصرف جديد يختلف عما اعتادت عليه الدول في العهود الماضية ...فكأن رب هذه العائلة متزوج من عدة نساء كل منهن قد انجبت له عدة اطفال .. فمع انهم اخوة وابناء رجل واحد غير ان المنافسة قائمة فيما بينهم بسبب اختلاف الامهات وتحريض كل منهن اولادها على اخوتهم وعدم قدرة رب هذه العائلة على التوفيق بينهم ومعاملتهم بالقسطاط وتفضيل بعض زوجاته على بعض بحسب ما تؤديه له من خدمات وقدرتها على المراوغة والاغراء .. فالامبريالية اليوم متمثلة بمجلس الامن قد نصبت نفسها رب هذه العائلة وهي تتحكم فيها وتثير المشاكل بينها لتحقيق مصالحها .. وهذه هي احدى سيئات العولمة التي بشرنا بها العالم الجديد ..فصحيح بأنها قد جمعت وقاربت بين الامم غير انه تجمع غير متجانس تتقاذفه الاهواء وتمزقه الحزازات .. فابناء هذه العائلة في خصام ونزاع بسبب سوء ادارة هذا الاب المخادع النفعي الذي يدير هذه العائلة من منظار مصلحته فقط دون النظر الى تحقيق العدل بين ابناء هذه العائلة الواحدة وهذه هي احدى سيئات تعدد الزوجات حتى في حياتنا العادية ..فالقنبلة النووية صحيح انها انهت الحروب العالمية الشاملة غير انها خلقت وضعا لربما هو اشد سوءا من الحروب الشاملة العلنية المكشوفة التي تشنها الجيوش النظامية .... واخشى ما اخشاه ان يؤدي هذا التصرف الشاذ الى دمار العالم وفناءه في نهاية المطاف ...فهذه القنبلة الرهيبة لربما قد توقف نشوب الحروب لقرن او يزيد غير ان ما سيحدث في العالم من تغيرات قد يخلق اوضاعا ليست في الحسبان قد تؤزم الامور فلم تعد تكتفي بقطب او قطبين كما كانت الحال خلال الخمسينات من القرن الماضي بوجود الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة وما شهدناه من حرب باردة اوجدت توازن دولي رسخ نوع من الاستقراروالتوازن.. أما ما يجري اليوم على الساحة الدولية يشير الى البدء بنشوء عدة اقطاب باتت احاسيس التنافس فيما بينهم تظهر للعيان وهي في نمو اكثر فاكثر يوما بعد يوم .. فالقوة الفرنسية في ازدياد مطرد والقوة الروسية تستعيد الانفاس والقوة الصينية قد كبرت وانتفخت واضحت تشدد الخناق على اقتصاديات العالم الغربي مما قد تسبب له الازمات .. وهناك اقطاب اخرى في طريقها الى النمو وقد يكون للمارد العربي دور مهم فيها... والنزعة الفارسية بادية للعيان تحاول ان تجد لها مكان اوسع تتمدد فيه .. فالقنبلة النووية لم تعد حكرا على احد فقد اضحت بتناول الجميع ولا تقتصر على الدول كما كان وهنا مكمن الخطر.. فهي من جانب اداة ردع ومن جهة ثانية اداة تهديد و انفجار .... فالخشية من الخراب الشامل والفناء القادم الذي يلوح في الافق الذي سيقضي على الكائنات الحية ويمسحها من على وجه الارض .. بما نراه اليوم من التوسع في صنع هذا السلاح والتطور في صنع الاكثر تطورا واشمل دمار وغدى سلعة يباع ويشترى بيد تجار الحروب وقد يقع بيد المليشيات والفصائل المسلحة الخفية .. والعلماء مجدون في بحوثهم لصناعة وابتكار ما هو اكثر فتكا واشد خراب وفي كل يوم نسمع عن الفوتونات والنيوترونات واليوم يخرج علينا العلماء ((بالنينو)) وما ادراك ما النينو وما يحدثه من تدمير قد يفجر نفس الكرة الارضية وهو امر ليس ببعيد.... فعقل الانسان ليس له حدود .. وفات هؤلاء البشر بأنهم في مركب واحد فإن الدمار سيعم الجميع فكلهم يعيشون على كرة واحدة لا مفر منها مهما صنعوا من صواريخ عابرات للفضاء .. فقد يصحون ويستفيقوا وينتبهوا الى ماهم ذاهبون اليه فيثوبوا الى رشدهم ويحاولوا ان يعيشوا في عالم موحد وعلى شكل دولة واحدة تظم الجميع تديرها حكومة عالمية واحدة قد يكون مجلس الامن نواتها... من غير ما هو عليه من غرور وتزمت وحصر للصلاحيات... بل عليه أن يفتح الابواب الى كل دول العالم كي تشارك فيه بعضوية موقتة متساوية وينتهي عصر الاستبداد ويحل محله تداول للسلطات بهذا المجلس ويفسح المجال لكل الدول ويلغى هذا الحق المجحف (( الفيتو)) الذي خلق كل هذه التوترات كي يعيش العالم بسلام.....وإلا سوف تنقذف المفاجئات ..!!!!

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 18-11-2014     عدد القراء :  13512       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced