- تتحدثين عن رسالة الإنسان في الحياة، ما هي رسالتك أنت في هذه الحياة؟
طأطأت رأسها وقالت بهدوء، لكن نبرتها كانت توحي بعدم الثقة بما تقول:
--أن أكون أما، وأن أربي ابني تربية صالحة، وأن أكون زوجة مطيعة، وأن أفعل الخير..
--أهذه هي رسالتك في الحياة؟ ماذا لو لم تكوني قد تزوجت، ولم يكن لديك ابن ؟
قال هو وفي صوته نبرة تهكم خفي.
--لا أدري، لو لم أتزوج.. ولو لم يكن لي طفل.. لا أدري، ربما فعل الخير، وطاعة الوالدين هما رسالتي..
--ولنفترض أنك لم تتزوجي، وأن والديك توفيا، وبقيت وحدك، فما هي رسالتك في الحياة؟
--لا أدري، ربما فعل الخير، والعيش، الاستمرار في العيش إلى أن تأتي ساعة الموت..
--أهذه هي رسالتك؟ فعل الخير، والاستمرار في العيش حتى ساعة الموت، وما معنى ذلك؟ لنفترض أنت كنت مضطرة للعيش في مكان ناءٍ، لا يوجد فيه أحد، فلمن ستقومين بفعل الخير؟ ألا ترين أن الخير والشر مفاهيم لها طبيعة إجتماعية، فبدون الناس، بدون الآخر لا وجود لمفهوم الخير أو الشر؟ ولا وجود للحرام والحلال، لا ولا لرسالة في الحياة، وإنما تحمل أعباء الوجود إلى لحظة الرحيل عنها.
--إنك تخلخل أفكاري بما تقول.
--ألا ترين أن الأديان هي محاولة لترويض البشر رغبة في الهيمنة عليهم؟ أتعتقدين أن خالق هذا الكون يحتاج إلى صلاة الناس وزكاتهم؟ الله هو الحرية المطلقة، فلماذا يريد الناس أن يكونوا عبيداً له؟ هل تعرفين أن الأرض بكل ما فيها من بشر، وجبال، وبحار، ومحيطات، وصحارى، ما هي إلا ذرة رمل على شاطئ محيط هذا الوجود؟ نعم، ذرة رمل بالمعنى الحقيقي المجسد وليس كتعبير مجازي..فهل يحتاج خالق هذا الكون لعباداتنا نحن؟ إنه ربما يرضيه تسبيحنا لبديع خلقه وليس لهذه الطقوس الغريبة التي تمارس باسمه.
نظر إليها فوجد أنها تنظر إلى الأرض وتستقبل كل كلمة بإهتمام ولهفة وتفكر،
من حوارات روايتي " متـاهـة حـــواء"