دعوة للتفكير في سؤال الوجود والعدم
بقلم : د. برهان شاوي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

لماذا يوجد (شيء ما) ولا يوجد (العدم)؟ ولماذا خُلق الكون؟ لا توجد أية نظرية معروفة إلى الآن تستطيع الإجابة على هذه الاسئلة، لكننا نستطيع إستناداً إلى هذه النظريات أن (نصف) كيف كانت البداية، بالضبط عند ( 10 أس 43) من الثانية الاولى بعد لحظة الصفر (وهذا يعني 43 صفراً بعد الرقم واحد / ثانيا) التي يقدر بأنها حدثت قبل خمسة عشر مليار عام، وهذا هو عمر الكون التقريبي.

إذاً ماذا حدث قبل خمسة عشر مليار عام؟ ولكي نعرف ذلك علينا بالرجوع إلى (لحظة الصفر)، لكننا وكما نعرف سنصطدم (بالحاجز البلانكي)، لذا فأن السؤال يبقى قائما من أين جاء أول جزيء مادي؟.

غويتون:

في البداية أود أن أطرح سؤالاً يعذب كل باحث فلسفي ويسبب له الصداع، ألا وهو لماذا يوجد (شيء ما) ولا يوجد (العدم)؟، ولماذا وجد (الوجود)؟ ما الذي حصل في بداية (الزمان)؟

ولكن حينما نتأمل الاشجار، الزهور، البشر في الشوارع، نحس وكانما لم يحدث أي شيء؟ أية قوة تلك التي أعطت (الكون) هذا الشكل البديع؟.

إن هذه الأسئلة هي (المادة الخام الأساسية) لحياتي كفيلسوف، أنها تقود تفكيري وتبرر بحثي. ولنأخذ هذا (المفتاح) الحديدي الذي ترونه أمامي على الطاولة مثلاً: ماذا سأجد حينما أرجع للوراء متتبعاً تاريخ الذرات التي يتألف منها؟

إيغور بوغدانوف:

إن لهذا المفتاح تاريخياً غير منظور، لا يمكن للانسان أن يتصوره أبداً، فقد كان قبل مئات السنين على شكل مادة خام كامنة في إحدى الصخور، وكان قبل أن يأتي من تفتت الصخور، ليُستخرج الحديد منها ومن ثم ليصنع قوالب الحديد الي أستخرج هذا المفتاح منها قبل ملياري عام، على شكل حجر أعمى...

غويتون:

هذا يعني بأن عمر مفتاحي يكاد يكون بعمر الأرض نفسها، والتي يقدر عمرها بأربعة مليارات ونصف المليار عاماً تقريباً، ولكن هل هذا يعني أنني وضعت نقطة لتاريخ هذا المفتاح؟... هل يمكننا أن نرجع إلى الوراء أبعد من هذا كي نصل إلى البداية الأولى لهذا المفتاح.

غريشكا بوغدانوف:

إن نواة ذرة الحديد هي أكثر عناصر الكون إستقراراً، ونحن نستطيع أن نسافر في الماضي إلى المرحلة التي لم تكن الشمس والارض قد وجدتا بعد.. رغم ذلك فأن معدن المفتاح الذي أمامك الأن كان موجوداً، لقد كان محلقاًً في الوسط النجمي الذي كان على شكل سحابة ثقيلة مكونة من عناصر ثقيلة كالتي كانت ضرورية من أجل تكوين منظومتنا الشمسية.

غويتون:

إنني أطلق العنان لفضولي أن يمضي حراً، لنفترض أن هذا المفتاح وجد قبل ثمانية أو عشر مليارات عام، على هيئة ذرة حديدة في إحدى السحب الكونية، لكن من أين جاءت هذه السحب؟

إيغور:

لقد جاءت من نجم ما، من شمس ما، إنفجرت قبل شمسنا بحوالي عشرة إلى إثني عشر مليار عام، أن الكون يتألف في الجوهر من سحب هيدروجينية هائلة وهي التي تتكثف وتسخن ثم تتفجر لتؤلف نجماً هائلاً يمكن مقارنته بفرن عملاق يتم فيه إنتاج العناصر الثقيلة والضرورية لتركيب المادة وجعلها أكثر تعقيداً. والإفتراض العلمي عن أصل الكون الذي يبدو أن هذا النجم أو الشمس كانت حياته قصيرة نسبياً، إذا إمتدت إلى عدة الآف من ملايين السنين، ثم إنفجرت فيما بعد عن نجوم وشموس وكواكب من الجيل الثاني، وفي هذه الفترة تكونت المعادن، لذا فأن مفتاحك وكل ما هو على الارض يعود إلى انفجار النجم الاول القديم.

غويتون:

هكذا إذاً، مفتاح صغير يقودنا إلى نيران النجم الاول، هذه القطعة الصغيرة من المعدن يكمن فيها تاريخ الكون، الذي بدأ قبل مليارات من السنين، وقبل أن تتكون منظومتنا الشمسية. إنني لأرى أضواء نادرة تنطلق من قطعة المعدن هذه. إن الوجود ليرتبط بسلسلة من العلل، من الأصغر اللامتناهي إلى الأكبر اللامتناهي، من الذرة إلى الكوكب.

ومن المؤكد أن السبّاك الذي عمل المفتاح لم يكن يدرك أن المادة التي يعمل عليها في فرنه جاءت من سحابة هيدروجينية، أنني أتنفس الآن بحرية وأحب أن أذهب معكما أبعد، إلى ما قبل تكوين أول كوكب، فهل يمكننا أن نقول شيئاً عن الذرة التي يتألف منها مفتاحي؟.

من حوارات كتاب "الله والعلم"

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 30-12-2014     عدد القراء :  1875       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced