حين يتحول المثقف إلى مشرّع للقتل..وقاضٍ عقائدي..وحارس للنوايا.
بقلم : د. برهان شاوي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

أعرف أن ما سأكتبه لن يرضي الكثيرين..وربما سيزعجهم..لكني أجد لزاماً أدبياً علي أن أقول شيئاً في هذا الأمر، لاسيما وانا أعيش منذ ما يقارب الثلاثين عاماً في ألمانيا..وأقصد هنا مشكلة الأجانب..وآخرها أحداث باريس..

إن وجود الأجانب في أوروبا..لاسيما المسلمون من بينهم، تشكل تحدياً للمجتمعات الأوربية.. وهو موضوع معقد جداً..فيه جوانب متعددة..اقتصادية واجتماعية ..سياسية.. وتاريخية.. ويحتاج لدراسات وأرقام وبحوث ميدانية وأحصاءات علمية دقيقة..كما أن لهذا التواجد جواب إيجابية وأخرى سلبية..ولسنا هنا بصدد البحث فيها..لكنني ومن خلال متابعتي للفضائيات العربية والإعلام العربي وصفحات التواصل الإجتماعي التي شاركت بتغطية الأحداث الأخيرة في باريس صُدمت بعمق الإزدواجية التي يعيشها الإعلام العربي..وكذلك المثقف المسلم..سواء كان عربيا أو غير عربي..بل ومن بينهم ممن لا يُحسيون على الإسلاميين سلوكا وإلتزاماً.. هي مشكلة وأزمة حقيقية حين يتحول المثقف إلى مشرّع للقتل..وقاضٍ عقائدي..وحارس للنوايا.

وبعيدا عن المسلمين القلة  الذين أدانوا هذه العملية الإرهابية بشكل واضح وبلا بحث عن أي تبرير..، سواء كانوا في أوروبا أو في البلاد العربية، طلع علينا في المقابل عشرات المثقفين والأدباء والشعراء والفنانين الذين أخذوا يبررون القتل والمجزرة بطريقة ملتوية..والغريب أن بعض هؤلاء يعيش في قلب عواصم أوروبا..!!

فقد راح هؤلاء يفبركون الفيديوهات مستقطعين لقطات بعينها ليثبتوا أن هناك مؤامرة..وكأن الفرنسيين هم الذين قاموا بقتل الصحافيين وقاموا بالهجوم من أجل تشويه الإسلام!! بل وذهب بعضهم بإدانة العملية الإرهابية لكنه (يتلكن)..(ولكن هؤلاء يستحقون القتل لأنهم أهانونا برسوم مسيئة للرسول..)..ولا أعرف كيف يدينون القتل ويبررونه في الوقت نفسه..؟؟ والأدهى أن من بين هؤلاء من يعيش في فرنسا وأوروبا التي هي في الشرع الإسلامي (بلاد الكفر)..

الملايين من المسلمين عربا وغير عرب يعيشون في أوروبا هربوا من ظلم بلدانهم وحكوماتها إليها، وقد بذلوا كل غالٍ ونفيس لديهم كي يصلوا إلى (ديار الكفر) كما تُسمى البلاد غير المسلمة في الأدبيات الإسلامية قديما وحديثاً... وهؤلاء يحصلون شهريا على المساعدات الاجتماعية التي يدفعها ا(الكفار) إليهم..، بل وبعضهم يجمع من هذه (المبالغ الشهرية) ليقوم ليؤدي فريضة الحج إلى مكة..وهو يعلم أن من شروط فريضة الحج أن تكون الأموال من حر مال المسلم واستحصلها بعرق جبينه وليست مالاً حراماً..!!

المسلمون ما أن يصلوا إلى حدود (ديار الكفر) حتى تبادر تلك البلاد إلى إطعامهم وإيجاد المأوى لإيوائهم وتأمنهم من خوف حكامهم وعسسها.. ومنذ اليوم الأول لدخولهم إلى (ديار الكفر) يبدأون بتسلم المعونات الإجتماعية..وهي أموال شهرية تعطى بقيمة محددة لكل فرد من الأفراد..لكن هذه الأموال هي بالأساس ضرائب تجبى شهرياً من أجور عمل (الكفار وكل من يعمل سواء كان كافرا أو مسلماً)...بل إن أكثر من50 % من هذه الضرائب تستحصل من الشركات الكبرى، وأهماها شركات تجارة السلاح، وكذلك من ضرائب تجارة الجنس والعهر، أي أنها أموال مغمسة بالدم والفجور..

ولا أدري كيف يقبل النسبة الأكبر من هؤلاء المسلمين في بلاد الكفر والفساد اعتبار هذه الأموال حلالاً دون أن تهتز لهم شعرة من هذا المال (النجس)..بل يبحثون عن أية فرصة للنهب والأحتيال من أجل أن يقبضوا يوروا أو جنيها أو دولارا أكثر..

وعودة لهؤلاء المثقفين والفنانين والأدباء والشعراء الذي يبررون القتل..أقول إن القوانين الأوربية تحمي الحريات الفردية بشكل واضح، وكذلك تحمي حقوق الإثنيات والمذاهب.. فلماذا لم تتم اتباع الطرق القانونية السلمية للشكوى وإقامة الدعاوى في المحاكم الأوربية نفسها ضد الصحيفة التي قامت بنشر الرسومات المسيئة..؟؟ ..أم إن العنف هو أحد مكونات هذه العقيدة في إدارة الصراع مع الآخر..؟..

أقول لهؤلاء الذين (يتلكنون) في تبرير الإرهاب..الذين يجدون قتل الصحافيين مبرراً لأنهم نشروا رسومات مسيئة للرسول.. إنكم قتلة بالنية..فالرسول الذي تبررون القتل باسمه يقول (إنما الأعمال بالنيات)..وتبريركم للقتل هو موافقة بالنية ضمناً..لا تبرير للقتل ما دام لديك سبيل آخر للرد وللقصاص القانوني..إلا إذا كنت مقتنعاً في أعماقك بأن هؤلاء يستحقون القتل..وهذا يعني أنك لست سوى مشروع لقاتل..

ثم..ما رأيكم لو قامت الجهات اليمينية والفاشية في أوروبا (والتي ستصل إلى الحكم نتيجة لهذه الأعمال الهوجاء) بتشكيل منظمات تقتحم المساجد وتحرقها وتقتل المسلمين في الشوارع لأنهم يعتقدون أنكم تشكلون خطراً عليهم وعلى ديانتهم المسيحية وعاداتهم الاجتماعية..؟. هل ستدينون ذلك...وهل ستقولون: (نحن ندين ذلك حرق المساجد..لكن هذه بلادهم وهم أبناء البلاد ونحن غرباء أو ضيوف جئنا من (ديار الإسلام) لنعيش في (ديار الكفر) وعلينا تحمل ذلك.. )؟؟..

  كتب بتأريخ :  الأحد 11-01-2015     عدد القراء :  1899       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced