الصراع بين النظام القديم والجديد
بقلم : عصام الطائي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

كتب راشد الغنوشي في احدى مقالته الاخيرة بخصوص الصفات العامة للنظام القديم فالنظام القديم وفق ما طرحه ( هو قواعد وانظمة مثل نظام الحزب الواحد والانتخابات المزيفة والاعلام الخشبي والزعيم الاوحد والمال المحتكرفي فئة الحكم ) وهذه الصفات لا تقتصر على النظام السابق في تونس بل هي تشمل اغلب الانظمة الدكتاتورية في العراق وليبيا وتونس ومصر وغيرها من الانظمة المعروفة سابقا لدى الكثير التي تشترك بهذه الصفات وكل هذه الامور تختزل لصالح نظام الحكم ويلغي اي توجه سياسي او اجتماعي او ثقافي لا يمثل توجهاته مما يؤدي الى عملية تهميش واقصاء للاخرين ولكل القوى التي يمكن ان تكون فاعلة في بناء المجتمع والدولة .

لذلك اي نظام سياسي جديد يريد ان يحقق الاهداف لا بد ان يبتعد عن منهجية النظام القديم وهي بمثابة خط احمر لا يمكن لاي نظام جديد ان يقع في مثل صفات النظام القديم لذلك على النظام الجديد في سبيل عدم وقوعه في هذه الصفات العامة للنظام القديم ان يكون متفاعلا مع شعبه مستمد كثير ما يطرحه الشعب من امور فلا بد ان تكون هناك حلقة وصل بين الشعب من جهة والحكومة والدولة من جهة اخرى وان الحكومة والدولة التي لا تسمع ما يقوله الشعب سوف تقع بنفس صفات النظام القديم وبالاخص لا بد ان يكون اعلى ما يمثل السلطة يسمع ما يقوله الشعب وافضل طرق التواصل هو اللقاء مع النخبة المثقفة واصحاب الاختصاص واهل الخبرة عند ذلك سوف يرى كثير من الحقائق التي قد تكون خافية عنه وحتى عن المستشاريين ومن الضروري معرفتها لا ان يسمع ما يقوله حزبه او قوميته او طائفته او عشيرته وعليه ان لا يسمع لاي شخصية لا تمثل مستوى الطموح ولا تمثل عنصر الانفتاح بالاخص اذا كانت منغلقة على نفسها فيجب ان يسمع الحق والقول السديد من اي وعاء خرج.

وان اي ثورة واي عملية تغيير تصاحبها كثير من التناقضات ومن واجب النظام الجديد معالجة تلك التناقضات فان التناقضات تزيد الفجوة بين النظام الجديد والشعب فهنالك تناقضات سياسية وامنية واجتماعية وثقافية تعصف بالمجمع فمن الواجب معالجة تلك التناقضات واي مساهمة في زيادة تلك التناقضات من اي جهة او حزب او فئة او تكتل او اي شخصية سوف يجعل الوقوع في نفس الاشكالية التي وقع فيها النظام القديم وان الفساد السياسي والمالي والاداري بالاخص مافيات الفساد كما في العراق هي التي تشكل العائق الاساسي في اي اصلاح واي عملية تغيير وان مافيات الفساد تزيد في الوقوع في نفس الاشكالية التي وقع فيها النظام القديم بل اكثر في بعض الاحيان ومن اولويات الحكومة والدولة الحالية هو القضاء على هذه المافيات وضربها بيد من حديد وبدون رحمة وبشتى تشكلياتها وقد تأسست كثير من تلك المافيات نتيجة الفساد السياسي والمالي والاداري وتساهم تلك المافيات باعاقة اي عملية بناء وتطور وتقدم.

والامثلة على مافيات الفساد ففي وزارة الكهرباء مثلا بعد ان تاسست عشرات الالاف من المولدات في شتى انحاء العراق واعطت كثير منها مجانا كما في بغداد من قبل محافظة بغداد سابقا وكان هذا خطأ بل كان عليهم استلام اموالها بالاقساط المريحة وكان ثمن الواحدة 30 مليون دينار فان اصحاب المولدات بالاشتراك مع بعض الشخصيات الفاسدة في وزارة الكهرباء والمجالس البلدية في المحافظات سوف تمنع اي تحسن للكهرباء مستقبلا بشتى الطرق ولا زال المواطن يدفع ثمنا باهضا جراء ممارسات هذه المافيات من خلال خدمة اصحاب المولدات لا المواطنين وهذا شعورعام يلاحظه كل مواطن لذلك بعد تحسن الطاقة مستقبلا لا بد من البحث عن الالية في جعل طريقة بالتعاون مع اصحاب الخبرة بتحجيم دور تلك المافيات وينطبق نفس الكلام على كل الوزارات العراقية في التجارة والخارجية والمالية وغيرها .

وقد تكون للتطلعات القومية والعشائرية والحزبية واي تطلعات محدودة التطلع والرؤى سوف تساهم في زيادة تلك التناقضات لذلك الرؤية الضيقة لكل تلك الفئات تساهم بصورة واخرى في خلق وزيادة تلك التناقضات مما يسبب تملل الشعب ويصاب بالاحباط وهذا ما يحصل في العراق لذلك نحتاج الى جهد كبير في سبيل ازالة تلك التناقضات وهذه التناقضات بمعنى اخرى تفرز فتن مختلفة تشيع عدم الاستقرار السياسي والامني والاقتصادي وان الفتن قد قسمها الامام علي كما ذكرها المرحوم محمد مهدي شمس الدين في كتابه حركة التاريخ عند الامام علي (ع ) الى فتن عارضة وغالبة وشاملة وتساهم هذه الفتن في توسع دائرة التناقضات فمن واجب الجميع كبح كل فتنه.

ويقول المرحوم محمد مهدي شمس الدين في كتابه حركة التاريخ عند الامام علي ع ( قد تنشا الفتنه الغالبة من فتنه عارضة تهمل القيادة جانب الحكمة في مواجهتها او تغفل عنها فتتعاظم عثرة المجتمع وتتغذى الحالة الانحرافية بالتناقضات المستكنة في اعماق المجتمع كما انها تتغذى بالقيم القديمة التي اجبرها النظام الجديد على ان تنسحب من دائرة العمليات الاجتماعية وتفشل النخبة في علاج العثرة او بسبب تناحر اجنحتها وانحياز الاجنحة الى خط الانحراف ) وكل كلام الشيخ شمس الدين هذا ينطبق على الحالة العراقية واهم من يجب عمله من قبل الحكومة حاليا هو معالجة منظومة القيم التي تفككت في المجتمع مما خلق مجاميع من المصلحين لا تهمهم الا مصالهحم الذاتية ويجب تعميق منظومة القيم الانسانية في المجتمع بشتى الوسائل بالاخص تعميق روح المواطنة وكل ذلك يحتاج الى اهل الاختصاص والخبرة.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 25-03-2015     عدد القراء :  1830       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced