الإرادة والحرية
بقلم : علي عبد الواحد محمد
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

يمكن لنا ان نصوغ تعريفا واضحا للإرادة من خلال بيت الشعر المشهور في الأدب العربي للشاعر التونسي " ابو القاسم الشابي"

إذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر

ولابد لليل ان ينجلي ولابد للقيد ان ينكسر

اومن خلال قول الشاعر الزهاوي

إن كان للمرء عزم في ارادته فلا الطبيعة تثنيه ولا القدر

وهناك الكثير من الروائع الشعرية التي تتغنى بالإرادة سواء لدى الأفراد او الجموع ( الشعوب )،وهناك العديد من الأبحاث الفلسفية والأبحاث السيكلوجية التي تسبر غور موضوعها ،فمثلا يتوقف استاذ الفلسفة في كلية (كينج كولج ) البريطانية في كتابه الموسوم الأرادة الحرة : مقدمة قصيرة يتوقف على مجموعة من القضايا المتعلقة بالسؤال الفلسفي الجوهري " هل هناك خيارات حرة ام لا ؟ "

هذه البحوث والدراسات تربط ما بين الإرادة والحرية في إتخاذ القرارات ، فقد اوضح انجلز مثلا إن حرية الإرادة لاتعني شيئا الا المقدرة على إتخاذ القرارات بمعرفة الذات .....1 وهذا يقودنا الى التعريف الفلسفي العميق عن الحرية التي هي ادراك الضرورة. او هي امكانية الفرد دون اي ضغط او جبر على إتخاذ قرار او تحديد خيار. المسائل الضرورية كثيرة في حياة الناس والمجتمعات عموما ،منها ضرورات موضوعية ، اي إنها موجودة خارج الوعي ، كالحاجة الى الأكل والحاجة الى الشرب ، وغيرهامن الحاجات........2

ومنها المسائل الضرورية غير الموضوعية، التي يتحكم الوعي في تلبيتها ، مثل ضرورة العمل ، وضرورة السفر ، وضرورة العيش الكريم ...........3

ولما كانت افعال الإرادة هي ناتجة عن تنفيذ القرار الذاتي ......4 وكذلك فإن قوة الإرادة ليست منحة من الطبيعة وإنما هي ثمار معرفة وخبرة وتربية ذاتية .........5

ان الربط ما بين الإرادة والحرية ينتج لنا ما نسميه حرية الإرادة : التي يمكن لنا ان نوضحها على إنها الإدراك الواعي للضروريات ، والتصميم الفاعل على إنجازها . اي اننا هنا لابد ان نحدد الهدف الذي نود تحقيقه وان نتذكره دائما ،واهمية ان يكون هذا الهدف نابع من رغبتنا في اجراء تغييرما نحو الأحسن طبعا ونشعر ان تحقيقه يبعث على الراحة النفسية ، وتحضرني هنا سيرة حياة الكاتبة الأمريكية ( هيلين كيلر ) التي عانت منذ ولادتهامن العمى ، وفقدان النطق وفقدان السمع ،ولكنها تحدت هذه النواقص وبمساعدة من مربيتها واساتذتها فتعلمت القراءة والكتابة بطريقة بريل ، وتعلمت الرسم بنفس الطريقة واصبحت الكتب المكتوبة بطريقة بريل كل حياتها فأكتشفت العالم وغيرت فيه من خلال هذه الكتب ، فحلقت في عالم الأدب والمعرفة . ولنا في تاريخنا المعرفي شخصيات خلدت في نتجاتها الأدبية والفنية والعلمية رغم ، فقدانهم لبعض من حواسهم الخمسة ، فأحتل طه حسين عمادة الأدب العربي بجدارة ، وتألق محمد مهدي البصير في التأريخ والأدب ،واصيب الرسام النهضوي رابرانت بالعمى في اواخر حياته فلم يعقه ذلك عن الإبداع ، ولا ننسى بتهوفن الذي قدم روائع الموسيقى الكلاسيكية وأبدع في تأليف السمفونيات وهو أطرش وهناك العشرات من الموسيقين العرب ممن فقدوا ابصارهم في مراحل مختلفة من اعمارهم امثال عازف الناي العراقي خضر الياس ، والملحن المصري سيد مكاوي ، والملحن المصري عمار الشريعي ، والملحن والمغني المشهور الشيخ امام والعشرات من المسيقيين والعازفين وحافظي القرآن من العميان...... الخ ، فقد كان هؤلاء يملكون إرادة تتحدى االنقص في حواسهم وكانوا يعودون انفسهم على ممارسة اهتماماتهم في مختلف الظروف ،وكانوا يغضون الطرف عن الأخطاء عندما يقعون فيها ويعيدون المحاولة مرات ومرات ،وهم في ذلك يعيشون وسط زملائهم غير منقطعين عنهم وعن العالم ، تملؤهم الثقة بالنجاح وبان عزيمتهم في تطور واشتداد. فلا شئ مستحيل طاما توجد الإرادة .

وفي التاريخ المجيد للحزب الشيوعي العراقي تتجسد الآرادة الحرة الواعية للمتطلبات النضالية مرات عديدة، منذالتأسيس، فقد كان وراءه إرادة لاتلين ، تحدت كل المصاعب ،لتنبثق لجنة مكافحة الإستعمار والإستثمار،في داخل المجتمع ، ويمتد تاريخ مجيد من النضال طوال اعوامه الحادية والثمانون وفي سفر خالد من الآرادة الحرة للشيوعيين العراقيين ، التي تجدإحدى تطبيقاتها في وصايا الرفيق الخالد فهد للسجناء الشيوعيين ،"إن السلطة تريد في سجنها للمناضلين الشيوعيين عزلهم عن العالم والإنفراد بهم " فلذلك حول الشيوعيون العراقيون سجونهم الى مدارس وجامعات ومراكز للإعلام والإنفتاح على العالم الخارجي بشتى السبل فكانت النشرات الجدارية ونشرات الأخبار تقليدا مهما للسجناء ، وكم كانت وصية الرفيق الخالد فهد للفنان التشكيلي السجين أنذاك رشاد حاتم ذات مدلول كبير عندما طلب منه ان يمتد تفكيره وبصره الى خلف جدران السجن ليرسم العالم خارج السجن فجاءت لوحات الفنان ضاجة بالحياة . وحملت مضمونها وخصوصيتها عند عرضها في معرض الذكرى الأربعين لميلاد الحزب ،وتتجسد الملاحم البطولية ، والإرادة الصلبة في مواقف الشيوعيين العراقيين في اقبية التعذيب ،فكانت مواقف الأبطال سلام عادل وعبد الجبار وهبي (ابو سعيد) والعبلي وغيرهم في الهجمة الهمجية في 1963 وقبلها موقف قادة الحزب فهد وحازم وصارم وغيرهم في 1948 وفي المواقف اللاحقة للمناضلين الاخرين الكل عبرعن حريته في اختياره الواعي لطريق النضال ، انها الإرادة الحرة .

:متى ما توفرت الإرادة سهلت الطريق :مثل انكليزي

انا لست من رأيكم ولكني سأصارع من اجل قدرتكم على القول بحرية : فولتير

المصادر

1) ويكيبيديا بعنوان الإرادة

2 ،3) مقال سابق لي بعنوان دور الحاجات الموضوعية في الحراك الإجتماعي موقع الناس الألكتروني

4،5) الموسوعة الفلسفية تأليف م. روزنتال و بودين ص ص 15، 16

  كتب بتأريخ :  الأحد 29-03-2015     عدد القراء :  1476       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced