كتاب اعلام الفكر العربي للدكتور السيد ولد أباه كان عرضه رائعا لمن يريد ان يطلع على بعض ملامح الساحة الثقافية العربية وهذا الكتاب كما جاء في تعريف الكتاب هو مدخل لكل مثقف يطمح الى استكشاف مسالك الفكر العربي الا انه نسى او تناسى بعض المفكرين المبدعين ككتابات يحيى محمد الذي ركز المفكر يحيى محمد في مشروعه الفكري على مشكلة فهم الاسلام التي تعتبر اهم مشكلة يعيشها العالم العربي والاسلامي في الوقت الرهن فقد تمخض من سوء فهم للاسلام حركات سلفية تكفيرية سببت كوراث للعالم العربي والاسلامي وهذه الحركات لم تاتي من فراغ بل كانت بسبب نتاجات فكرية كان ترتكز على الفهم الحرفي للنصوص مما ادى الى التعسف في فهم النصوص الشرعية وقد كان طرح المفكر يحيى محمد في مشروعه هذا من خلال التركيز على معرفة النسق الفكري للفلاسفة واهل التصوف والمتكلمين والفقهاء من خلال معرفة المنهج العام لكل اتجاه من تلك الاتجاهات .
وقد استعرض الكاتب مشاريع جملة من المفكرين نستعرض قسم منهم كابو يعرب المرزوقي وكان يتمحور مشروع المرزوقي في محاولة تجديد فلسفة التاريخ القراني التي اراها متحكمة في كل ظاهرات الحضارة الاسلامية انها الفلسفة القائمة على مفهوم الاستخلاف في مقابل حلولية الفلسفة الغربية الحديثة وهو يقدم نفسه امتدادا لمشروع تجديد الابداع في منظومة القيم الاسلامية .
اما مشروع الدكتور حسن حنفي فيتمحور حول مقاربة التراث والتجديد التي تشكل بالنسبة اليه مشروع عمل كامل وممارسة معرفية وفلسفية متكاملة واستراتجية نضالية كثيفة ويتوخى حنفي من هذا المشروع تجديد الدين والنهوض بالامة من خلال العمل على جبهات ثلاث العلاقة بالتراث والعلاقة بالغرب والعلاقة بالواقع وباستخدام ادوات منهجية اربع هي التحليل الشعوري لاعادة بناء العلوم العقلية والنقلية ولاهوت التحرير من اجل بناء الشعور الديني وعلم الاستغراب لتحجيم الغرب وتحويله الى موضوع للقراءة والتجاوزاراد منه دراسة الوعي الاوربي .
اما مشروع رضوان السيد فكانت الاشكالية المحورية التي تنظم اعماله هي ضبط ملامح وخلفيات الانتقال من نموذج الاسلام الكلاسيكي الاحكام السلطانية والادبيات السلطانية الى نموذج الاسلام الاحيائي فكر حركات الاسلام السياسي.
اما بالنسبة الى طه حسين فيمكن النظر الى هذا الانتاج الغزير والمتنوع من حيث كونه يتمحور حول اشكالية اساسية واحدة وهي البحث عن اسباب نهوض وتحديث المجتمع المصري من خلال المدخل الثقافي التربوي وعن طريق دمجه بالنسق المرجعي الاوربي الذي هو بالنسبة اليه النموذج الاوحد المتاح للتحديث.
واما بالنسبة الى الدكتور طه عبد الرحمن فيمكن اعتباره المفكر الاسلامي الوحيد المعاصر بعد محمد اقبال الذي سلك تجديد الدين من الباب الفلسفي وان اختلف الاثنان في طرقهما المنهجية وتباينت عدتهما النظرية وقد كان تجديد الدين محور مشروعه الفلسفي ذاته لا من حيث اهتمامه بالاشكالية التراثية فحسب وانما من حيث همه الفلسفي ذاته وكان يتمحور مشروع طه عبد الرحمن حول هدفي تجديد الدين وتخليق الحداثة.
اما مشروع عادل حسين وهو مفكر اقتصادي مصري فيتمحور مشروعه حول هدف بناء ممارسة نظرية مستقلة في العلوم الانسانية من منطلق الرؤية الرؤية الحضارية الاسلامية في مقابل التبعية الفكرية المهيمنة على الدراسات الاجتماعية العربية.
اما مشروع الدكتور عبد الله العروي فقد كان المدخل الدقيق لهذا المشروع هو ثنائية الموضوعية والايديو لوجيا التي تهيمن على جميع كتاباته وان ما يهمه حسب اعترافه هو تقديم رؤية موضوعية للموروث الفكري والواقع الاجتماعي العربي من منطلقات موضوعية من اجل استشراف افق تحديثي للمجتمع العربي من منظور تاريخاني واع .
اما علي اومليل وهو مفكر مغربي فقد ذهب مسلكا مغايرا لزملائه من رواد الحقل الفلسفي في المغرب الحبابي والجابري وطه عبد الرحمن فلم يسع الى بلورة مشروع فكري نسقي متمحور حول قراءة التراث او التبشير بنزعة فلسفية جديدة كما انه لم يسلك منهج عبد العروي في نزعنه التاريخانية التي انطلقت من قراءة ليبرالية للارث الماركسي ويقول علي اومليل احاول ان اقرا التراث لكن ليس بعقل تراثي بل بفكر نقدي .
اما مشروع الدكتور محمد اركون فان اركون يوظف قاموسا اصطلاحيا معقدا ومتنوعا ينتمي الى حقول نظرية متعددة ومتعارضة احيانا التاريخ الحفري للافكار الجينالوجيا النتشوية أي البحث عن اصل القيم وقيمة الاصول الدراسة اللسانية والسيمائية الدلالية التاويلية الظاهرانية مقولات التفكيك لدى دريدا مدمجا هذه المباحث المتنوعة في علمه الذي اطلق عليه الاسلاميات المطبقة وارادة مقاربة نقدية للعقل الاسلامي بمضامين تنورية واصلاحية لها خلفية نضالية وتعبوية صريحة .
اما مشروع الدكتور محمد عابد الجابري يتمحور مشروع الجابري حول مفهوم نقد العقل العربي الذي اعطاه عنوانا لكتبه الاربعة ويعني بهذا المفهوم النقد الابستمولوجي للتراث العربي في مستويين تكويني تاريخي ونسقي بنيوي وفي حقول ثلاثة هي المعرفة والسياسة والاخلاق ولا يخفى ان الهدف من المشروع هو تاسيس تدوين جديد ودفع المشروع النهضوي العربي.
اما مشروع الدكتور نصر حامد ابو زيد فيتمحور مشروعه حول هم واحد هو اشكالية التاويل وطرق قراءة دلالات النص الديني والتراثي من منظور اراده ان يكون تاسيسا لهومنوطيقا عربية جديدة.
اما مشروع علي حرب يتمحور انتاج علي حرب الفكري حول اشكالية التاويل أي استراتجية قراءة النص في ابعادة الدلالية المفتوحة وامكاناته النظرية المفتوحة ورهانات الحقيقة والمعنى التي يختزلها في ملفوظه وهوامشه ومساحاته الصامتة وفراغاته المطموسة غير الواعية وان النغمة النقدية المتصاعدة في فكر علي حرب الذي خصص غالبية نصوصه الاخيرة لنقد المشروع الثقافي العربي بالتركيز دوما على ثنائية الاختام الاصولية والشعائر التقدمية.
ملاحظة : من احب الاطلاع اكثر فليراجع كتاب الدكتور السيد ولد اباه فهذا الكتاب يغني عن عشرات الكتب.