الصناعات الوطنية في طريق الموت والورثة غير شرعيين
بقلم : حسين رشيد
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

1-2

من منجزات ثورة 14 تموز 1958 استحداثها وزارة الصناعة بموجب القانون رقم 74 لسنة 1959 الذي ألغى وزارة ومجلس الإعمار. وفي عام 1960 صدر قانون جديد للتنمية الصناعية تم بموجبه زيادة عدد المؤسسات الصناعية من 150 وحدة في العهد الملكي الى 480 وحدة صناعية منتجة، اذ كان التاكيد على الاستقلال الاقتصادي الكامل وان الصناعة الوطنية هي الحجر الاساس، لذلك جرى الاهتمام بها بشكل استثنائي حيث اشرفت الدولة على توجيه القطاع الصناعي الخاص ومنع النمو الاحتكاري فيه والحيلولة دون تغلغل الرأسمال الاجنبي المقنع بأقنعة وطنية وتشديد شروط الحماية للمشاريع المختلطة، باعتماد الحماية الصناعية وتشجيع استهلاك المنتجات الوطنية، التي تعززت وتنوعت عبر السنين، إلا ان تخبط النظام البعثي وحروبه العبثية أخلـَّت كثيرا بتطور الصناعة الوطنية التي عانت من تراجع وتوقف لعشرات المعامل، لكن الذي حدث بعد 2003 اكبر من كل ذلك واكثر خسارة ودماراً للاقتصاد العراقي.

وزارة عالة ودعوة استثمار!

بعد 12 عاما على تسنم احزاب المعارضة السلطة في العراق يقول وزير الصناعة والمعادن نصير العيساوي: ان وزارته تعيش حالة من التراجع والتدني، وانها أصبحت عالة على الاقتصاد العراقي. مؤكدا ان وضع الصناعة في العراق اليوم يعيش حالة من التراجع والتدني، وقد أدى الى ان يتحول الشعب العراقي الى مستهلك من جهة، والى دولة ذات اقتصاد جزافي من جهة أخرى.

واضاف العيساوي: ان الدولة أنفقت على الوزارة لغاية عام 2014 نحو 15 مليار دينار عراقي، من دون تحقيق تقدم واضح في مجال الصناعة الوطنية. ان شركات الوزارة البالغ عددها 71 شركة مختلفة الاختصاصات غير قادرة على توفير رواتب موظفيها. موضحا: ان موازنة الوزارة لعام 2015 التي تبلغ 110 مليارات دينار عراقي لا تكفي لإنشاء مصنع واحد حديث ومتطور، مردفاً ان هذا الامر يتطلب مشاركة القطاع الخاص العربي والاجنبي مباشرة، او من خلال المستثمرين العراقيين الذين ندعوهم لاستحصال وكالات او فروع لشركات متخصصة ورصينة في مختلف المجالات.

مبادرة صناعية

سبق وان اعلنت الحكومة عن عزمها اطلاق المبادرة الصناعية التي تهدف الى وضع قوانين تشجع على الانتاج الوطني واعادة الروح الى الصناعات الوطنية وتفعيل قانون التعرفة الكمركية. وقتذاك اعرب مقرر اللجنة الاقتصادية البرلمانية محما خليل عن الأمل بأن تسهم المبادرة الصناعية في النهوض بهذا القطاع الحيوي الذي اصابه الترهل مشيراً الى ان أكثر من 250 الف شخص يتقاضون رواتب واجوراً من مؤسسات القطاع العام الصناعية من دون تقديم انتاج يعتد به، متهماً: الحكومة بالتقاعس عن تنفيذ قوانين كان من شأنها تنشيط الانتاج الصناعي والتذرع بأن الوضع ليس مناسبا لتطبيقها، معتبراً أن الحكومة تتعرض لضغوط خارجية وداخلية من التجار ، وان دور الحكومة اقتصر على تطبيق التعرفة الكمركية بعدما كان العراق البلد الوحيد في العالم بلا تعرفة كهذه.

صُنع في العراق

من جهته اشار الخبير الاقتصادي باسم جميل انطوان الى ان الصناعيين العراقيين بعد توقف نشاطهم طيلة ما يربو على عقدين، كانوا يأملون بأن تأتي حكومة بعد تغيير النظام تدعم القطاع الصناعي ولكن ظنهم خاب، حسب تعبيره، معرباً عن الأمل بأن تتكلل المبادرة الصناعية بالنجاح في تنمية الصناعة الوطنية بعد ان تحول العراق الى مكبٍ للنفايات والبضائع الردئية وهي مؤامرة لتعطيل الصناعة الوطنية العراقية.

واستعرض انطوان المكاسب الاقتصادية، بل والسياسية الكبيرة التي سيحققها العراق إذا أُحسنت إدارة المبادرة الصناعية، بما في ذلك تشغيل مصانع مطلعة وبناء معامل جديدة تطرح في سوق منتجات كُتب عليها "صُنع في العراق" وتوفير فرص عمل، بما في ذلك 60 ألف فرصة عمل في بغداد وحدها، إذ توجد نحو 25 منطقة صناعية حول العاصمة، وتخفيف معدلات الفقر في بلد يعيش نحو 20 في المئة من سكانه تحت خط الفقر، وتجفيف منابع الارهاب الذي يجد في الفقر تربة خصبة لتجنيد أدوات في اعماله الاجرامية.

مفارقة مالية ؟!

الى ذلك سبق وان أقر مجلس الوزراء رواتب موظفي وزارة الصناعة والمعادن ضمن موازنة الدولة لعام 2015 وبمبلغ قدره (886) مليار دينار...بينما مجموع مبالغ رواتب شركات وزارة الصناعة والمعادن خلال السنة الواحدة هو(1) ترليون و(450) مليار دينار! أي أن المبلغ الذي تم إقراره ضمن الموازنة يقل عن المبلغ اﻷصلي بـ(564)مليار دينار وهو ما يمثل ما قيمته (1/3) الرواتب...وبالتالي فإن هذه المبالغ التي أُقرت ضمن الموازنة لا تسد سوى رواتب لمدة (6) أشهر لكل الشركات. وحسب التوجيهات الواردة الى وزارة الصناعة والمعادن فإن على الشركات أن تتحمل نسبة من الراتب تتراوح ما بين (15%- 40 %) علما أن ماتم تسليمه من قبل وزارة المالية لشركات وزارة الصناعة والمعادن حسب توجيهات مجلس الوزراء (راتب الشهر الواحد) يقل بنسبة (13%) من قيمة الراتب لشهر كانون اﻷول لسنة (2013) والذي تم اعتماده من قبل وزارة المالية في صرف راتب الشهر الواحد وهذا ما موضح حسب كتاب وزارة المالية.

المستشار الاقتصادي لرئيس مجلس الوزراء مظهر محمد صالح ذكر في حديث لـ (المدى برس) إن وزير الصناعة عندما اشار الى ان الوزارة باتت عبئاً على الدولة، هو في الحقيقة اشار الى واقع الحال مضيفا: أن الرواتب التي تدفع للعمال والبالغة قرابة 15 ترليون دينار عراقي لا يوجد مقابلها انتاج او انتاجية، مشيرا إلى أن الحل هو تحويل هذه الشركات الى مؤسسات صناعية حتى وان كانت للقطاع الخاص، لكن يجب ان يُحمى العمال فيها بصناديق حماية اجتماعية للتقاعد وضماناً من البطالة، لان هناك اكثر من 62 مصنعا، مع عدد كبير من المعامل، بعدد اكثر من ربع مليون عامل، وهذا الامر يحتاج الى حل وطني كبير.

وتابع صالح: أن هيئة المستشارين في مجلس الوزراء اليوم تعمل بعناية فائقة للتوصل الى حلول ترضي جميع الاطراف، بما يخدم الاقتصاد الوطني العراقي.

دعوة وحيدة

وزير الكهرباء قاسم محمد الفهداوي، سبق وان دعا الى الاعتماد على الصناعة الوطنية وإنهاء الاستيراد، مشدداً على ضرورة الابتعاد عن التعامل التجاري في عقود التجهيز بين وزارتي الكهرباء والصناعة والمعادن، مضيفا: من الضروري الاستفادة من المنتج الصناعي الوطني من خلال خلق حالة من التكامل الصناعي بين وزارتي الكهرباء والصناعة والمعادن، لتصبح الكهرباء نموذجاً متقدماً للوزارات العراقية الاخرى باستثمارها الانتاج الوطني الحكومي بالدرجة الاولى في عملها الى جانب القطاع الخاص المحلي، مشددا على ضرورة ان تكون الصناعة الحكومية منافساً لكي ننهي عملية الاستيراد من الخارج.

فارزة

الكثير من وزارات البلاد تتجه الى الخارج وتعطي ظهرها للإنتاج الوطني يساعدها ذلك الهوس الذي يركب رؤوس المسؤولين من أن تشغيل مشاريع الدولة الكبرى سيعود بالضرر عليهم وعلى كل المتحالفين معهم من لصوص السياسة والأقتصاد الجدد الذين كدسوا الثروات من المال العام بانتظار لحظة الوثوب على مؤسسات ومشاريع القطاع العام لشرائها بثمن بخس! إذ أن مثل هذا الأمر سيرفع من قيمة تلك المشاريع ويرفع من مستوى دورها في الاقتصاد العراقي مما يعقـِّد مسيرة الأستيلاء عليها .

وللتعاقدِ مع الخارج، في عُرْفِ هؤلاء اللصوص (فضيلة) عظيمة تتمثلُ بالرشا والعمولات التي يشترك بها طابور طويل من الموظفين والمسؤولين صغارا وكبارا وكل من يُبدي استعداداً للإمساك بالمال القذر والتخلي عن عزة النفس واحترام الذات .

ولكن الأخطر من وجهة نظرهم على الأطلاق هو إن تشغيل القطاع العام ومشاريعه الكبرى وإضافة مشاريع جديدة سيؤدي، وهنا مكمن الخطر الحقيقي، إلى تزايد أعداد العمال وبروز الطبقة العاملة كقوة فاعلة في الاقتصاد والمجتمع العراقي . والجميع يعتقد أن هذا الأمر سيؤدي إلى متاعب جمّة لأن الطبقة العاملة العراقية تمتلك تراثا نضاليا ووطنيا عظيما ويتجسّد خطرُها في إنها ستقطع الطريق على كل اللصوص الذين أضاعوا على الشعب العراقي قرابة تريليون دولار من أمواله وقرابة إثني عشر عاما من الزمن الثمين الذي كان من الممكن أن يدفع بالعراق الى مستوى عظيم من التطور والبناء وحل المشاكل التي تنغص اليوم على العراقيين حياتَهم .. وكان مثلُ هذا البناء سيقطع الطريق على قوى الأرهاب من أن تحصل على إسنادها البشري من بين صفوف العاطلين عن العمل وبالتالي سيفقد أبطال الفساد الإداري والمالي والأخلاقي الخيمة التي يستظلون بها ويمارسون لصوصيتهم وقذاراتهم بفيئها ألا وهي الفوضى التي نراها اليوم والتي من دونها لن يجدَ فاسدٌ أيةَ فرصةٍ لتمرير فساده ولذلك ليس خطأً القولُ "إن الأرهابَ والفسادَ وجهان لعُملةٍ واحدةٍ" ويمكن للتنمية الصناعية ان تسهم بقسط كبير في حل مشكلة البطالة بما توفره من فرص عمل، وفي تكوين الدخل الوطني الذي يعتمد على عائدات النفط اعتماداً يكاد يكون كاملاً.

  كتب بتأريخ :  الأحد 19-04-2015     عدد القراء :  1869       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced