التحضر التشريعي والقضائي و احترام الانسان
بقلم : د. صفوان القبسي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

ظاهرة الاجرام تناولتها نظريات عده منها الوسط الاجتماعي ونظرية التكوين الاجرامي (لمبروزو) المعدله...و الاجرام لاينفصل عن العقاب، فمن خلالهما تحدد الخطوره الاجراميه وعقابها القانوني وكلاهما موضوعهما الانسان...والذي من اجله وجد التشريع والقضاء، وليس العكس!!!

العقوبات القاسيه التي عرفتها المجتمعات القديمه كانت تنفذ بطرق غير انسانيه ،لم يقتنع بها المفكرين والمختصين والرسل وكانوا عبر التاريخ يعترضون بعدم جدوى هذه العقوبات القاسيه وطرق تنفيذها الوحشيه ،كما طرح الاسلام سياسته الجنائيه بهذا الاتجاه ، محددا اهداف العقوبه في الثواب في الاخره واقامة الشرع في الدنيا بما فيها احترام انسانية المحكوم وحماية المجتمع من الرذيله من خلال عقوبات القتل والصلب والجلد والتغريب والرجم والقطع والحبس وغيرها.ورغم موقف المفكرين المعارض للقسوه في النهج العقابي تاريخياً ،يلاحظ ان عقوبات قاسيه كثيره

غالبا ماتنص عليها بعض القوانين الحديثه في بعض البلاد الناميه(التي لازالت نائمه) والعربيه منها .

ودون الاخذ بنظر الاعتبار عند رسم السياسه الجنائيه الجذور الدينيه والاجتماعيه والتقاليد والاعراف والبيئه و الكوارث والحروب والفياضانات والمجاعه والفقر والهجرات والنزوح الجماعي ومدى وتأثيرها في احداث السلوك الاجرامي لدى الافراد ،وكذلك عند تحديد العقوبه وتطبيقها وبحثها بالدقه والقدر اللازمين .فضلا عن انعدام الدراسه الجديه في اهم اهداف العقوبه و مساهمتها في اصلاح المحكوم وتأهيله للاندماج في المجتمع بعد تنفيذه العقاب .

ولكي نستوعب المعنى القانوني للعقاب ومدى تأثره بهذه الظروف ﻻبد من الرجوع الى الجذور اﻻولى للعقوبه لملاحظة نشأتها وتدرجها وتنوعها لدى المجتمعات منذ القدم لكي نعي ان العقوبه تنمومع الجريمه فكلاهما وليد البيئه بكل سلبياتها وايجابيتها منذ وﻻده الانسان كورقه بيضاء تسجل عليه البيئه الاسود و الابيض وهو ما يصنع سلوكه السلبي او اﻻيجابي . لذلك نجد ان نسبة جرائم معينه تختلف من بيئة الى اخرى كالحضريه المدنيه والبدويه والريفيه الزراعيه والصناعيه والتجاريه.وغيرها ولعل الدوافع اﻻقتصاديه محورها الرئيسي.

لذلك برى البعض ان الانسان غالبا مايكون غير مسؤول عن جرائمه الابقدر محدود تبعا لكل جريمه وللوسط البيئي الذي ترعرع وسطه ومدى تأثره به، بمعنى بقدر ماكتب المجتمع على سخصيته من أثم أو صلاح ،وكذلك العقوبه يجب ان تتأثر سلبا او ايجابا بهذه العوامل وعلى هذا الاساس تحدد جسامة الجريمه وعقوبتها ونوعها واسلوب تنفيذها،وهي ذاتها العوامل التي يتأثربهاالانسان فيكون مسؤلا ماديا وقانونيا عن الجريمه..بمعنى ان العوامل البيئيه تؤثر بالانسان والجريمه التي يرتكبها والعقوبه التي تفرض عليها ، وهو ما يقتضي مراعاته.

ومن ذلك مثلا جرائم الثأر وغسل العار والسرقه التي ترتكب بدافع الشجاعه والشرف والرجوله التي تقدسها بعض المجتمعات حتى الان وغيرها من جرائم تنضحها الاعراف والعادات والتقاليد التي تجرمها القوانين حماية للمجتمع والافراد. وهو مايقتضي دراستها بدقه من كل جوانبها قبل معاقبة الجرائم الناجمه عنها .للوقوف على اثر المجتمع والبيئه على الافراد وتكوين السلوك الاجرامي لديهم ، ومن ثم تقدير جسامة كل جريمة وتحديد عقوبتها...وعلى محكمة الموضوع ان تأخذ بجد بهذه الاسباب في حيثيات الحكم عند النطق بالعقوبه وعدم اهمال ذلك مهما كان نوع الجريمه ,لان في

ذلك انسانية العقوبه...التي تعبر عن مدى التحضر التشريعي والقضائي ومدى احترام الانسان .

ومن هذا القبيل جرائم غريبه عرفتها المجتعات على مر العصور ولم تكن غريبه في حينها ﻻنها وليدة البيئه التي انتجتها ..كما عرفت قوانينها عقوبات تتناسب مع غرابة هذه الجرائم.. وهو ما يشير الى ان الجريمه تتطور وتتنوع بتنوع المجتمعات وتطورها وبتقدم الزمن... فما كنا نعرفه من جرائم وعقوبات قديمه لم نعد نعرف معظمها بسبب التطور ...ومع ذلك ﻻزالت هناك عقوبات قاسيه تفرضها قوانين المجتمعات الناميه .. وتخطتها الشعوب المتحضره..واذا كانت مهمه و ﻻبد من تشريعها ..يجب عدم التوسع في تطبيقها اﻻ في اضيق الحدود وعند الضروره العامه والوطنيه القصوى.......

  كتب بتأريخ :  الجمعة 15-05-2015     عدد القراء :  1698       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced