الديمقراطية بين التصور الاسلامي والواقع السياسي المعاصر
بقلم : عصام الطائي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

افضل توضيح للتصور الاسلامي للديمقراطية كان قد بينه السيد محمد حسين فضل والسيد الشهيد محمد باقر الصدر ففي كتاب الحاكمية للاخ احمد ماجد الصادر عن دار المعارف الحكمية قال ان السيد فضل الله قد تحفظ على المصطلح اي مصطلح الديمقراطية وذكر انه عندما يتحدث عن الديمقراطية يقصد ضد الاستبداد اي اننا مع الديمقراطية بمعنى اي اننا ضد الاستبداد ولا نستطيع ان نلتزم بكل نتائجها على المستوى القضايا الاسلامية .

ويضيف في مكان اخر اي السيد فضل الله اننا كاسلاميين لا نعتبر ان الديمقراطية هي الخط الذي يعطي الشرعية للقضايا المطروحة في حياة الناس ولا سيما اذا كانت هذه القضايا تتصل بالتشريع لاننا نعتبر ان الناس لا دخل لهم بمسالة التشريع فهنا السيد فضل الله لا يرفض الديمقراطية كمفهوم يعزز الحرية ضد الاستبداد لكنه يرفضها اذا تجاوزت حدها واخذت تتدخل بمعتقدات الفرد فالسيد فضل الهة يريد ان يضبط فكرة الديمقراطية في اطار مفهومي ويقنن حدود تدخلها فهو يقبلها كاطار لتنظيم الخلافات السياسية بين الناس ويرفضها اذا تحولت الى اداة تدخل في شؤون الناس الاعتقادية .

وقد وضح الاخ احمد ماجد رؤية السيد محمد باقر الصدر في كتابه الحاكمية قال ان السيد الشهيد الصدر لا يتحدث عن نظام ديمقراطي على النسق الغربي انما يقدم نظرية السيادة الشعبية الدينية ذلك لان الديمقراطية في فهمها الغربي ادت الى اقصاء الاكثرية عن السلطة ووضعتها بين يدي القادرين على استحواذها من اصحاب راس المال وبالتالي عندما نريد ان نتحدث عن مجتمع حر لا بد من تصويب للنظام والدولة والمجتمع ونجعل السيادة في موقعها الصحيح حيث تبدأ اقرار عبودية الانسان ثم تعود لتعطي الانسان حريته الحقيقية .

فنظرية السيد الصدر يؤمن بالسيادة الشعبية مع الاقرار بعبودية الله ووفق التصور الاسلامي ان الله تعالى هو مصدر السلطات واي نظام سياسي اسلامي لا بد ان ترتكز نظرية الدولة على سيادة لله تعالى حتى مع قبول الديمقراطية كاليات اما النظام الديمقراطي اذا كان كمنهج حياة فيرتكز على سيادة للانسان وهذا عنصر الافتراق الرئيسي بين جوهر الديمقراطية والاسلام فالنظام الاسلامي بشتى مدارسه يرتكز على ان السيادة لله اما النظام الديمقراطي كما في الغرب فيرتكز على سيادة للانسان .

اما بالنسبة الى الواقع السياسي المعاصر فالديمقراطية اما مفرغة من حقيقتها كما في الانظمة الدكتاتورية التي قدمت نفسها على انها انظمة ديمقراطية الا انها افرغت مضامين الديمقراطية وبهذا الخصوص تحدث فهمي هويدي في مقالته الاخيرة بهذا الخصوص مستشهدا بقول طارق البشري حول مفهوم الاستبداد الديمقراطي يقول فهمي هويدي الاستبداد السياسي وهو المصطلح الذي استخدمه طارق البشري في كتابه الاخير في ظله لا يلغي المستبد مؤسسات الدولة لكي ينفرد بالقرار ليمارس احتكار السلطة وانه يقيم كل الهياكل والمؤسسات الديمقراطية لكنه يفرغها من وظائفها بحيث تصبح معبرة عن ارادته هو وليس ارادة المجتمع وتحمي شخصه ونظامه باكثر مما تحمي مصالح الناس .

وانه كذلك هناك في الواقع المعاصر ديمقراطية جوفاء والديمقراطية الذي يحاول البعض تطبيقها مع وجود حالة التبعية للغرب والفساد لا قيمة لها لذلك يقول سهيل الغنوشي ويبدو ان البعض اسقط مسالة التبعية وفتح طريق السلطة غاية في حد ذاتها ومعيار للنجاح ولا يهم ان ظلت البلاد تابعة او متخلفة ما دامت لدينا احزاب ودستور وانتخابات وفي ظل دولة تابعة لا يمكن لا يمكن ان تكون الا ديمقراطية جوفاء موجهة ومحكومة من الخارج وتتداول على تصريف اعمال.

وكذلك قد يكون هناك ديمقراطية ومع وجود حالة الضعف والاستلاب من الاخر من قبل الحاكم والطبقة السياسية مما يجعل عدم تحقيق اي تقدم وازدهار ومما يجعل الوقوع بالتبعية وان كان لا يريدها البعض وبالتالي الفشل في تحقيق الاهداف وكذلك قد يكون هناك ديمقراطية ومع نخب تبحث عن مصالحها القومية والحزبية بالدرجة الاولى او ان هناك ديمقراطية ويفكر الحزب الحاكم بالبقاء دائما في السلطة او معارضة تفشل عمل الحكومة ومع كل هذا الواقع المرير لا يمكن التطبيق حتى بمستوى كون الديمقراطية كاليات ووفق تصور السيد فضل الله فهو يؤمن بأخذ من مبادى الديمقراطية كاليات لا كفلسفة حياة وحتى هذا المستوى ككونها مجرد تطبيقها كاليات لا ينفع مع وجود حالة الفساد والتبعية والضعف.

ومن المعلوم ان السيد فضل الله يرفض حتى استخدام كلمة الديمقراطية وذلك لان مفهوم الديمقراطية يعارض المنهج الاسلامي ولا يمكن ان تلتقي معه وان حصل التشابه ببعض القيم والمبادى الا ان الاختلاف جوهري اذا كان على مستوى كونها فلسفة حياة اما كونها كاليات لا مانع من ذلك ولكن مع عدم الضعف والتبعية والفساد او حالة الاستلاب من الاخر وبشرط عدم وجود نخب تجعل حزبيتها وقوميتها فوق كل القيم والمبادى وتريد استغلال اي مبدأ لاجل تحقيق اهدافها الضيقة على حساب مصالح الشعب اذن الواقع الفاسد يفسد حتى قبول الديمقراطية ككونها مجرد اليات.

لذلك عملية التغيير تحتاج مزيد من العطاء والوعي والفهم للواقع ومزيد من التضحية والى الرؤية الواقعية للامور ومع وجود نخب قوية وملتزمة بالقيم والمبادى وشعوب مضحية وبذلك يتحقق التغيير والاصلاح لحياة الفرد والمجتمع وفي غير ذلك يبقى التخلف جاثما مهما استخدمنا من نظم .

  كتب بتأريخ :  الجمعة 15-05-2015     عدد القراء :  2409       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced