السلطة بين الخطاب السلطوي والغيرسلطوي
بقلم : عصام الطائي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

السلطة لا تمثل دائما الشيء السيئ ولكن غالبا اقترنت السلطة بالسوء اذا كانت تمثل الدولة نتيجة المظالم التي ترتكبها ومن هنا كان الخطاب السلطوي له دلالة سلبية فكل سلطة تمارس هذا الخطاب تشترك بهذه الخاصية أي اقترانها بالسوء سواء أكانت سلطة الأب والام او المدرسة او أي سلطة أخرى بخلاف السلطة التي تمارس الخطاب الغير سلطوي الذي يقترن غالبا بالشيء الحسن مما يؤدي الى ظهور دلالة ايجابية في الغالب وهو عكس الخطاب السلطوي.

وهناك جملة من الاختلافات بين الخطابين:

الاول : ان السلطة التي تستخدم الخطاب السلطوي يمثل خطاب الهيمنة على الأخر بحيث لا تسمح للأخر بالحوار بخلاف السلطة التي تستخدم الخطاب الغير سلطوي فهو خطاب الحوار فان خطاب الهيمنة يؤدي الى فرض أمور على الأخر سواء كان مقتنعا او غير مقتنع بخلاف الخطاب الغير سلطوي فهو يقترن بالحوار ومن هنا يظهر ان خطاب الهيمنة لا يولد ابداع بعكس الخطاب الغير سلطوي يولد ابداع لأنه يعتمد على الحوار والحوار يجعل تلاحق بالأفكار ومن خلاله يتم تصحيح كثير من الأخطاء والسلبيات بخلاف الخطاب السلطوي يكرس الأخطاء والسلبيات.

ثانيا : يقترن الخطاب السلطوي بالعنف بخلاف الخطاب الغير سلطوي الذي يقترن بالإقناع لان الخطاب السلطوي يستخدم قوته البدنية اذا كان على مستوى الفرد ويستخدم الجيش او الشرطة اذا كان يمثل سلطة دولة او المال ان كان ثريا كما في التاجر بخلاف الخطاب الغير سلطوي الذي يكون غرضه الإقناع من خلال التعليم فالتعليم يحاول ان ينقل الخبرات الى الآخرين مما يخلق حالة من الوعي لدى الأخر مما يساهم في اعلاء القدرات والقابليات بخلاف الخطاب السلطوي فهو يحطم القدرات والقابليات ويسخرهم لخدمته اما الخطاب الغير سلطوي يحاول ان يكرس الخدمة للمجتمع ومن هنا يظهر الخطاب السلطوي يساهم في زيادة الجهل والتخلف بينما الخطاب الغير سلطوي يساهم في إزالة الجهل والتخلف.

ثالثا : الخطاب السلطوي هو خطاب استعلاء وقهر نتيجة استخدام العنف بخلاف السلطة التي تستخدم الخطاب الغير سلطوي الذي يكون خطابها خطاب التواضع والود والتسامح والمحبة والاخوة وغيرها من القيم السامية.

رابعا : الخطاب السلطوي يؤدي بالتالي الى الاستعباد والإذلال والخنوع بخلاف الخطاب الغير سلطوي فهو خطاب رفع الأغلال والقيود لذا الإسلام خطابه خطاب رفع القيود والأغلال عن الآخرين.

خامسا : الخطاب السلطوي خطاب يمثل خطاب كراهية وتخوين وتكفير وازدراء وتحقير للآخرين بخلاف السلطة التي تستخدم الخطاب الغير سلطوي الذي هو خطاب احترام وتقدير ومصالحة مع الأخر لهذا كلما كانت السلطة منفتحة تكون تمثل احترام الآخرين اما السلطة المغلقة تحاول ان تزرع الكراهية والتخوين للآخرين.

سادسا : الخطاب السلطوي خطاب يؤدي الى زيادة الفساد فساد الحاكم او فساد اداري او غيره اما السلطة التي تستخدم الخطاب الغير سلطوي تحاول الإصلاح وإبدال قيم الفساد بقيم الصلاح والإصلاح .

سابعا : يتمخض من الخطاب السلطوي فرض العقوبات لأجل العقوبات والانتقام اما السلطة التي اعتمادها على الخطاب الغير سلطوي تستعمل العقوبات لأجل التأديب وليس الانتقام.

ثامنا : الخطاب السلطوي يكون خطابه غير عقلائي في الغالب حتى لو كان يمثل توجها دينيا كما في الخطاب السلفي التكفيري او يمثل السلطة المستبدة التي تفرض آراءها على الآخرين بالجبر والقهر اما السلطة التي تستخدم الخطاب الغير سلطوي يكون خطابها عقلائي.

ومن خلال هذه الأمور نستطيع ان نفرز أي فكر او عقيدة او أي توجه بميزان من حيث صلاحه وفساده من خلال ممارسة نوع السلطة ونعرف نوع الحاكم لذا كل نظام ناجح في الحياة هو ان يكرس الثقافة كعنصر حيوي لأنه يزيل كل السلبيات والأخطاء ومن هنا يجب التركيز على تنمية القدرات والقابليات من هنا جاء دور التنمية البشرية التي تعتبر من الكنوز الذي لا تقدر بثمن اذا استغلت أفضل استغلال فمن خلالها يحصل الأعمار الحقيقي للكون والإنسان.

وهناك أنواع للسلطة سلطة العائلة والمدرسة والنقابة ورجل الدين والمؤسسة والحزب والحكومة والبرلمان والاعلام وغيرها كثيرا من السلطات الأخرى فكلما استخدمت هذه السلطات الأسلوب الاول أي الأسلوب السلطوي تكون سلطة مستبدة ومتكبرة وكلما تمارس الأسلوب الثاني تكون سلطة غير مستبدة فقد تكون هناك شخصية مستبدة او جماعة مستبدة او فكر مستبد او عقيدة مستبدة وثقافة مستبدة او حضارة مستبدة او قيم مستبدة وفي عالمنا الاسلامي هناك شخصية مستبدة او جماعة مستبدة او فكر مستبد او ثقافة مستبدة كالفكر السلفي التكفيري وقد تلحظ العكس هناك توجهات إسلامية أخرى فلا تجد ذلك بل تجد عقلية منفتحة او جماعة منفتحة وفكر منفتح وثقافة منفتحة والسبب هو اعتمادها أسلوب الحوار التي يتم من خلاله الإقناع فالأسلوب العلمي الغير سلطوي يعتمد على الحوار.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 19-05-2015     عدد القراء :  4377       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced