الموقف الاسلامي من المفاهيم المعاصرة
بقلم : عصام الطائي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

الحقيقة لا يمكن قبول او إثبات شرعية المفاهيم المعاصرة على اطلاقها ما لم نضع القيود او الشروط الشرعية لإثبات شرعيتها فالقيود او الشروط الشرعية بمثابة امضاء من قبل الشرع لجواز العمل فيها وكلما اتصف الفقيه او المفكر او أي شخص أخر بالواقعية سوف يكون تحديده للقيود والشروط اضبط من غيره لتلك المفاهيم من الناحية الإسلامية وكلما كان الشخص لا يتصف بالواقعية بل يتصف فهمه للإسلام بالفهم الناقص او المتخلف او الخاطئ سوف يوقع الكثير في الحيرة والالتباس مما يسبب إرباك في الذهنية الإسلامية .

ولقد كان الشيخ محمد جواد مغنيه بارعا في تحديد هذه الحقيقة أي الموقف الاسلامي من المفاهيم الجاهلية والمفاهيم المستحدثة المعاصرة بطرحه في كتابه (علم أصول الفقه بثوبه الجديد) فقد ذكر امضاء جمله من العقود الجاهلية من قبل الإسلام من خلال الإمضاء التام او وضع الشروط والقيود كي تقبل شرعا وهكذا الكلام ينطبق على العقود المعاصرة فيمكن عدم القبول لبعض العقود او قبول بعض العقود من خلال وضع القيود والشروط ونفس الكلام ينطبق على المفاهيم المعاصرة ولكن نجد في جانب أخر فقد أوقع البعض ممن يدعي الفقه في إرباك الساحة الإسلامية وذلك يعود لسوء فهم المباني الإسلامية الواقعية فمثلما اوقع بعض الفقهاء المسلمين في السابق بوضع جملة من الأدلة التي لم تثبت شرعيتها كالقياس بالأخص القياس الذي يتعلق بالكليات العقلية الناقصة بخلاف الكليات العقلية التامة التي تثبت شرعيتها مثل قياس الأولوية كذلك اليوم نجد البعض أوقع المسلمين في إرباك الساحة الإسلامية من خلال تبني بعض الأفكار او المفاهيم المعاصرة من خلال قبولها على اطلاقها.

ففي قناة الحرة ظهر شخص معمم في احدى البرامج وقال انه لا بد من قبول المفاهيم المعاصرة كليا وليس الأخذ بها منفردة كما في مفهوم الانتخابات والمواطنة والدستور الا انه لا يمكن القبول بهذا الكلام على اطلاقه بل لا بد ان نضع القيود والشروط الشرعية في سبيل إمضاءها شرعا لان الأمور العقلائية التي تكون من نتائج عقل الإنسان لا يمكن تبنيها على إطلاقها بل لا بد عرضها على الأسس الشرعية وليس من الصحيح ان يظهر شخصا معمما ويصرح بهذا الكلام لأنه سوف يعمل على إرباك الذهنية الإسلامية.

وعلى نفس القناة ظهر شخص أخر وصرح بان موقف الإسلاميين من العلمانية خاطئ لان هؤلاء لا يفهموا العلمانية فليس العلمانية لها عداء للدين بل هي عبارة عن عملية فصل الدين عن السياسة والسماح بالحرية الدينية الا ان قبول هذا الكلام على اطلاقه خطأ كبير وذلك لان العلمانية تختلف بين دولة وأخرى فالعلمانية الفرنسية لها موقف سلبي من الدين والعلمانية الأمريكية لها موقف ايجابي من الدين اما في الدول الاسكندنافيه فالموقف حيادي من الدين اما في بريطانيا فهناك انسجام وتعاون مشترك بين رجال الدين والدولة ولكن مع وجود هذا التقسيم فانه يجمع العلمانية شيء واحد وهو جعل السيادة للإنسان وتقديمها على سيادة الله في تنظيم شؤون الإنسان وبذلك سوف يحصل تصادم بين إرادتين إرادة الله وإرادة الفكر المتبني لهذه الأفكار والمفاهيم والأفكار وهذه احدى دعائم الصراع بين الكفر والشرك من جهة وبين الإسلام من جهة أخرى.

وان الصراع بين الفكر الغربي والإسلامي قائم حول كثير من المفاهيم السياسية والاقتصادية والاجتماعية ففي المجال السياسي يسيس مفهوم الإرهاب لصالح الفكر الغربي في سبيل إخضاع الشعوب فاننا بالرغم من خلافنا مع بعض الإسلاميين الذين يمارسون العنف بصورة سلبية في الواقع في قتل الناس بصورة تثير الاشمئزاز الا انه لا يمكننا قبول مفهوم الإرهاب كما يطرحه الفكر الغربي وذلك لأنه سوف يحصل خلط بين مفهوم الإرهاب والمقاومة ومن هنا يظهر ضرورة توضيح المفاهيم.

ونفس الكلام ينطبق في المجالات الإنسانية كافة فان ميزة الفكر الاسلامي بفضل تأصيل علماء الاصول لعلم الاصول والفقه فقد سمح للفقيه ان تكون له كثير من الأدوات التي يستطيع من خلالها ان يظهر الموقف الاسلامي من أي قضية مستحدثة وهذا يدل على عظمة الفكر الاسلامي وقدرته على الديمومة في طرح الأفكار والمفاهيم في كل زمان ومكان بفضل الأدوات التي تؤهله لذلك وهذا بخلاف الفكر الذي يعتمد على العقل فقط لذلك سوف تضيع على العقل كثير من الحقائق ويقع في كثير من الأوهام والاشتباهات والأخطاء وذلك لان دائرة الكشف عند العقل مهما بلغت من كمال سوف تبقى ناقصة بخلاف الفكر الاسلامي التي يعتمد على دائرة اوسع في الكشف وهي الاعتماد على الله تعالى فدائرة كشفه للحقائق أوسع وأعمق واشمل.

  كتب بتأريخ :  الجمعة 22-05-2015     عدد القراء :  1554       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced