ثقافة الخلاف
بقلم : عصام الطائي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

للخلاف دلالتان:

الدلالة الأولى : الدلالة الايجابية

وتعني التنوع والتحاور والتواصل والتداول والمشاركة وهذا التنوع في الأشياء موجود سواء من الناحية التكوينية او التشريعية فمن الناحية التكوينية الاختلاف المتنوع والمتعدد من ناحية تنوع الأجناس والأنواع والأصناف من الكائنات الحية وكذلك التنوع في عالم الجمادات كما في هذا الكون بما فيه من نجوم وكواكب وفيه دلالة على عظمة الخالق العظيم . وكذلك التنوع في عالم التشريع في الأحكام كذلك التنوع في الأديان والمذاهب.

الدلالة الثانية : الدلالة السلبية

وتعني الفرقة والخصام والنزاع والإسقاط وإلغاء الأخر والقطعية.

أسباب الخلاف

كل إنسان له تصورات او مفاهيم او أفكار للوجود تختلف عن إنسان أخر وسبب الاختلاف هو في الفهم فهناك من ينظر الى الوجود وفق رؤية ايجابية كما هو الحال في الرؤية التوحيدية للعالم وهناك رؤية سليبة للعالم تكون رؤية مادية و نتيجة ذلك يحصل اختلاف المنظومة الحقوقية فهناك منظومة فكرية ترجع مرجعيتها الى الله ومرجعية فكرية ترجع مرجعيتها الى الإنسان نفسه.

وفي الحقيقة نتيجة لذلك يزداد في كثير من الأحيان حالة الصراع خصوصا اذا ما حاول البعض فرض ثقافته على الأخر كما هو اليوم في الفكر العلماني الغربي الذي يحاول ان يفرض ثقافته على الآخرين هذا ما يجعل الأخر ان يدافع عن ثقافته ولان الثقافة تمثل الهوية والهوية هي الخزين المعنوي للإنسان والتي من خلالها يستطيع ان يدافع عن قيمه ومبادئه وان القوم والشعب والأمة التي تفقد هويتها تفقد شخصيتها والإنسان اذ فقد شخصيته فقد إنسانيته خصوصا اذا كانت تلك الهوية تمثل السمو والرفعة ويكون مستوى الثقافة له الأثر في المحافظة عن الهوية لذلك هناك الأقوام المتخلفة سريعا ما تترك ثقافتها وهويتها والإنسان الضعيف سريعا ما يترك ثقافته لذلك كلما تمسك بهويته كلما استطاع ان يكون عنصر فعال في المحافظة على هويته .

وفي الحقيقة نستطيع ان نرجع حالة الخلاف بين الثقافات هو صراع مفاهيم وأفكار وتصورات لان كل ثقافة لها خزين من المفاهيم تختلف عن ثقافة أخرى وان الأساس في صحة كل المفاهيم والأفكار والتصورات هو مدى مطابقتها مع الواقع وان الواقع يتقدم رتبة عن الاعتقاد لان الاعتقاد سببه الفهم وقد يكون الفهم متخلفا او متأخرا او مخالفا للواقع والواقع أشبه بالمسألة الرياضية اذا جمعنا عدد مع عدد أخر لا بد ان يكون مطابق للواقع وإذا اختلفت النتيجة يعني خلاف الواقع وهكذا في كل الأفكار والعقائد والمذاهب والطوائف والقوميات التي تمتلك أفكار فلا بد ان تكون اعتقاداتها مطابقة للواقع والكثير من الناس يدعي فهمه هو يمثل الواقع.

واذا حصل توافق بالاعتقاد مع الواقع نقول ان الفكرة او العقيدة او المذهب على حق واذا كان الاعتقاد يخالف الواقع نقول ان هذا الدين او المذهب او أي فكرة أخرى على خطأ وهذا قانون عام يشمل كل الأفكار والاعتقادات والمفاهيم وان المشكلة تظهر لدى الكثير بان له أفكار مسبقة وتكون هذه الأفكار المسبقة تحكم وتسيطر على كل تفكيره لا يمكن ان يتخلى عنها بسهولة وكثير ما تكون تلك الأفكار المسبقة تحكم على الآخرين بان أفكارهم تمثل الخطأ والبطلان والسبب هو انه يحمل صورة وهمية او خاطئة على تلك الأفكار وهذا ما يمثل اختزال الحقيقة لنفسه وخصوصا اذا كانت الشخصية سلبية في الحياة تكون المصيبة أعظم بخلاف ما لو كان هو يمثل شخصية ايجابية فمن الممكن ان يتفهم الاخر .

وهناك منطق الأكثرية حيث يحكم البعض دائما على فكرته بالصحة لأنها تمثل الأكثرية بينما وفق المبادئ الإسلامية ليس دائما الأكثرية على حق بل الضابطة الإسلامية في صحة كل دين او معتقد كما قلنا هو الواقع حتى لو كانت فئة قليلة وقد نجد هذا المنطق لبعض المفكرين حيث سمعت أكثر من واحد كما في كلام سليم العوا ومحمد عمارة حيث يختزلا الحقيقة باعتبار انتسابهما لمذهب يمثل الأكثرية لذلك حسب ادعهما لا بد ان يكونا على حق وهذا خلاف المنطق القراني الذي يجعل الاساس هو صحة العقيدة لا مجرد الاكثرية العددية فلو كان منطق هؤلاء هكذا فكيف بمنطق البسطاء من الناس.

أهمية الحوار

لا بد ان تكون الحقيقة ان يعرفها الجميع وهي انه لا يمكن اختزال الحقيقة لدين او مذهب او فكرة فلا توجد حقيقة مطلقة لفئة بل يمكن ان نقول على أساس الاحتمال ان فئة معينة لها نسبة كبيرة من المصداقية وفئة لها نسبة معينة من المصداقية فلا يمكن اختزال الحقيقة لطرف دون أخر.

وتظهر أهمية الحوار من خلال كون الحوار يكشف للطرف الأخر كثير من الانطباعات التي قد يحملها على الأخر في كثير من القضايا عن الأخر المجهولة او الموهومة وقد توجد نقاط كثيرة مشتركة وقد يكون خلاف جوهري كما في الفكر العلماني والفكر الإسلامي ولكن مع هذا قد توجد عناصر مشتركة يمكن التعامل ولكن لا يمكن ان يكون الفكر العلماني النموذج المطلوب بل هو فكر انساني قابل للصحة والخطأ ولكن هناك كثير من عناصر الضعف موجودة في مفاهيمه وتصوراته خصوصا الرؤية للوجود من خلال الموقف السلبي للوجود كذلك هناك عناصر قوة .

سلبية الحوار

قد يتحول الحوار الى جدل وقد يكون الحوار عدمي اذا كان كل طرف يختزل الحقيقة لنفسه او كان الحوار من طرف يتكلم على نحو الاستعلاء على الآخرين او يمثل التسلط على الأخر او قد يكون الحوار سطحي اذا تعلق الحوار بأمور غير أساسية.

أهمية المرجعية في الحوار

كل فكر يكون له منطلق معين ينطلق منه وكانت مرجعية ما لها مواصفات تطابق الواقع فمثل هكذا مرجعية يكون قريبة من الواقع وكلما كانت المرجعية متخلفة وضيقة الأفق وسطحية ومحدودة التفكير تكون المرجعية ابعد عن الحقيقة.

التركيز على ثقافة الخلاف

هناك ظاهرة سلبية لدى بعض من الأطراف في الساحة الشيعية والسنية تركز على ثقافة الخلاف ولا تعير أهمية للمعطيات الفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية والاجتماعية للإسلام بل تركز على قال فلان وقال فلان فمثل هذه الثقافة تساعد على الشقاق والنزاع والصراع وبالتالي يؤدي الى ظهور الأزمات.

  كتب بتأريخ :  السبت 23-05-2015     عدد القراء :  1635       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced