العراق بعد داعش الحلقة الثالثة : الشيعة ــ الحشد الشعبي
بقلم : تحسين المنذري
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

بعد أكثر من ثمانين عاما من حكم الدولة العراقية الحديثة دالت الدولة الى طائفة كانت تعتبر نفسها مظلومة ومهمشة ومضطهدة و...الخ حيث حَكم السنة تلك الحقبة وقبلها كانت الدولة العثمانية والعباسية وغيرها وكانت كلها دول سنية ، من هنا جاءت فكرة المظلومية عند الشيعة ، لكن من حَكَم العراق في فترة نشوء الدولة وبعدها وإن كانوا سنة لكنهم لم يمثلوا طائفتهم بذلك بل كلٌ مثل إتجاه ً سياسيا ، فالانتماء الى طائفة لايعني ان يكون المرء طائفيا ، صحيح هناك بعض الممارسات الاقصائية لكنها ليست سياسة رسمية للدولة ، فالشيعة في فترة الدولة الحديثة هم من قاطعوا المؤسسات الحكومية الناشئة حديثا وفق فتوى المرجع الخالصي آنذاك والتي ايدها كل مراجع ذلك الوقت ، واستمر الحال متذبذبا هكذا إبتعاد وإقتراب ، رغم وصول رؤساء وزارات شيعة ووزراء ومسؤولين مهمين لكنهم لم تكن الطائفة الشيعية ــ متمثلة بمرجعاياتها الدينة ــ تعتبرهم ممثلين للطائفة ، في حين إن كل سني هو ممثل لطائفته !! مفارقة غريبة لكنها عشعشت في أدمغة أكثرية الشيعة في العراق . حتى جاء التغيير في 2003 ليقفز سياسيون يعتبرون أنفسهم ممثلين للشيعة وبرعاية أميركية ، كان كل همهم ومازال هو حكم العراق وإعادة الاعتبار للطائفة ، لكن الاهم هو كسر شوكة الطائفة السنية وجعلها تابعا لهم تمتثل بأوامرهم ،وتخضع لمشيئتهم ، مما ولد حالة من النفور تطورت الى حرب أهلية في فترات معينة والى عداء دائم وترقب لفرصة معركة أخرى لكسر شوكة المقابل ، وهكذا الحال حتى جاءت داعش وفرضت نفسها كأجندة حاسمة للموقف ، وفي البدء إعتبر ممثلو الشيعة في الحكم ومازال قسم كبير منهم يعتبر داعش هي كل السنة وكل السنة هم دواعش ولو الى حين !! وأستغل الساسة المتنفذون وأغلبهم  في نفس الوقت قادة لميليشيات مسلحة فتوى للمرجعية العليا بالجهاد الكفائي لكي يزجوا بكل ميليشياتهم في حملة التطوع لتنفيذ الفتوى وليأخذوا الاذن بالعمل العلني المشرعن بحكم الفتوى ورغبة الحكومة المركزية . أنا شخصيا لاأمنح فتوى الجهاد الكفائي البراءة من طائفيتها وبناءا عليها لا أستطيع أن أقول إن قادة الميليشيات تحولوا في رمشة عين الى قادة وطنيين ، هم مازالوا طائفيين ومازال الهدف هو كسر شوكة الاخرين والتحكم بمصائرهم.

إن الخطاب السياسي للحكومة اليوم ولبعض قادة الكتل البرلمانية يبدو وكأنه خطابا وطنيا عاما ، لكنه كما أظنه مؤقتا فالجميع مازال بنفس إنتماءاته السياسية ومنطلقاته الفكرية ولم يعلن أحدٌ منهم الى اليوم تبرأه من طائفيته ولا حتى من ممارسات طائفية كانت تسود خطاب وعمل حزبه أو كتلته ، الجميع يحاول التستر على طائفيته لكن ـ كما أعتقد ـ الى حين .

إن (44) فصيلا مسلحا هم عداد الحشد الشعبي وكلها تحمل الهوية الشيعية وبعضها يعلن على الملآ ولاءه للخامنئي وأيران بل ولا يخجلون من الاعتراف بالتمويل الايراني والمشاركة الايرانية لهم في توجيه المعارك وقيادتها وأيضا وجود بعض المتطوعين الايرانيين الذين يقلدون مرجعية النجف العليا ،اي بالمختصر فإن الحشد الشعبي محسوم أمره للشيعة ومهما حاولت الحكومة زج بعض من أبناء الطائفة السنية أو الايحاء بدعم أبناء المناطق المحتلة من داعش للحشد فإن هويته تبقى مرفوضة من قبل أكثرية السنة مدعومين من قبل قوى خارجية.  إن لميليشيات الحشد الشعبي جميعا إستحقاقات إذا ما أندحرت داعش عسكريا، ولهم حسابات خاصة لكل فصيل إضافة الى أهداف أخرى مشتركة لتعزيز الطائفية السياسية وحسم الموقف مع الطائفة السنية وإعتبارها طائفة تابعة لهم مهما علا الصوت ومهما تضامن الاخرون من الخارج مع تلك الطائفة .

كما إن أعداد ( المتطوعين) اليوم في الحشد الشعبي ستشكل عبئا كبيرا على إقتصاديات الوطن إذا ماتركت السلاح ــ رغم إنها فرضية متفائلة قليلاــ فأين سيتم الاستفادة من خدماتهم ومن سيدفع رواتبهم وكيف سيتم تطويعهم للحياة المدنية وغيرها من الاسئلة التي ستكون الاجابة على بعضها أحيانا دموية ، فإمتهان القتال سيسهل عملية إعادته الى الواجهة في أية لحظة ، مالم تتحقق الامتيازات الفئوية لقادة تلك الميليشيات وعناصرها ، فالدم الذي يعطيه الان أبناء الحشد الشعبي ليس مجانا ولا هو لاجل الوطن ،رغم تمظهره كذلك،إلا إنه دم لاجل أجندات أخرى،ليس برغبة الضحايا أنفسهم ، بل بمشيئة قادة الحشد، وعلى القادم من الايام أن تعطي الفرصة لهؤلاء كي يحققوا ما يطمحون اليه وحتما سوف لن يكون الا على حساب الانسان والوطن .

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 09-06-2015     عدد القراء :  1824       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced