العراق بعد داعش الحلقة الرابعة : السنة ــ العشائر
بقلم : تحسين المنذري
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

كان يوم التاسع من نيسان 2003 كابوسا حل على أبناء الطائفة السنية في العراق ، ليس لأن نظام المقبور صدام قد سقط ، بل لان من يعتبرون ذلك النظام ممثلا للسنة قد بدأوا بالبروز وتبوء الصدارة في المشهد السياسي والدفع بإتجاه تبني المطابقة بين النظام المقبور والطائفة السنية في العراق ، ليجد العراق نفسه في خندقين: الشيعة القوة الجديدة الصاعدة والسنة مرغمين على لصقهم بالنظام البائد . لقد جرت محاولات عديدة من بعض عقلاء السياسة في كلا الطرفين لتبرأة الطائفة السنية من تهمة دعم ومساندة نظام البعث المقبور ، حققت بعض الاضاءات الا إنها بجميع الاحوال كانت أقل بروزا من أصوات التهميش الطائفي والاقصاء ، مما دفع بالكثير من أبناء الطائفة السنية الى تبني الدفاع عن نظام المقبور صدام وحماية بقاياه في محاولة للعودة للمشهد السياسي بقوة ، إلا إن ذلك كان خيارا بائسا ، فقد تبنى البعث المنهار بما تبقى منه سياسة اللجوء الى القوة بحجة مقاومة المحتل والقيام بعمليات إرهابية ليس ضد المحتل بل ضد من يصوروهم على إنهم مطايا الاميركان ومساعديهم في إحتلال العراق ، والغريب إن ضحايا هذه السياسة كانوا الابرياء من كلا الطرفين دون المساس برموز الطائفتين ، وحينما برز تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين كانت له حواضن في مناطق السنة التي أطلق عليها الاحتلال الاميركي المثلث السني وتبنى الطائفيون من الساسة الشيعة ذلك المفهوم وروجوا له في عملية تصعيد للصراع الطائفي بلغت أوجها بحرب أهلية ، حتى جاءت الصحوات التي ساعدت في الحرب ضد تنظيمات القاعدة الارهابية وطردها من أغلب الاراضي العرقية وسط وعود براقة بالحصول على مكاسب الدمج في القوات المسلحة بمختلف تلاوينها أو بالحصول على وظائف مدنية تنتشلهم من شبح البطالة المدمر ، ألا إن تلك الوعود لم يتحقق منها حتى ولو جزء يسير ، بل جرى قطع الرواتب عن منتسبي الصحوات وهم مايزالون في الخدمة ووقف الامدادات التسليحية بحجج واهية ، دفعت بالتالي منتسبي الصحوات الى تحول جزء منهم بما يشبه المافيات أو حتى قطاع طرق . إن هذه التجربة مازالت شاخصة للعيان وداعش تحتل مناطق كبيرة من اراضي يسكنها أبناء السنة رغما عن سكانها، وليس برضا الاكثرية منهم، فإني لا أبرئ بعضهم بإحتضان الداعشيين وتسهيل أمر أحتلالهم لاراضي العراق ، لكن هل يجوز معاقبة الكل بجريرة الجزء ؟ أتصور إن أي منصف سيقول لا حتما . إن تجربة مايقرب من العشر سنوات من تصدرا لقوى السياسية الطائفية الشيعية للمشهد السياسي العراقي وماجره من سياسات إقصاء وتهميش وإتهامات رخيصة لعموم أبناء الطائفة السنية ولدت حالة من النفور العام ورفض الانضمام الى الحشد الشعبي وفي نفس الوقت رفض دخول تلك القوات الى مناطقهم السكنية حتى كمحررين من داعش ، ليس حبا بداعش بل خوفا لما سيجره وجود شيعة مسلحين في أراضي يسكنها السنة ، لذلك جرت ومازالت محاولات حثيثة لتشكيل مليشيات مسلحة تحت أسم تنظيمات العشائر الغاية منها كما يزعم القائمون عليها مشاركة الجيش وقوات وزارة الداخلية في تحرير الاراضي المحتلة كبديل عن الحشد الشعبي . إلا إن تلك المحاولات ماتزال تلاقي الكثير من العراقيل من قبل سلطة بغداد بما يؤثر على عمليات تجهيز العشائر بالسلاح والعتاد . وفي خطوة غير مسبوقة يلجأ رموز وقادة الطائفة السنية الى القوى الخارجية مثل أميركا والاردن بشكل علني من أجل تسهيل تسليح عشائرهم ، مما يعد خطوة تصعيدية تلقي بظلالها على المشهد السياسي .

قد يكون بعض الحق مع وجهة نظر السلطة المركزية في الحذر من تسليح العشائر فالبعض من أبنائها كما أشرنا شكل حواضن لداعش وغيرها من التنظيمات الارهابية التي سبقتها ، وأيضا فإنهم جميعا يشعرون بالريبة من التوجهات اللاحقة للحكومة، فربما يحتفظون بالسلاح لمواجهة السلطة نفسها في محاول للعودة بقوة للمشهد أو على الاقل تعطيل محاولة كسر شوكة الطائفة السنية لمصلحة الطائفة الشيعية وغير ذلك من الاعتبارات التي لاتقل خطورة عنما ذكرنا والتي تعني بجميع الاحوال إن حالة الاحتراب ستبقى قائمة والحذر والخوف من الاخر وإنتهاز أية فرصة لفرض الارادات حتى ولو بقوة السلاح ، وهنا مكمن الخطر الاكبر حيث العودة الى الحرب الاهلية بيافطات طائفية. بالاضافة لذلك فإن قادة السنة السياسيين لجأوا لخيار التسليح من الخارج وبذلك وضعوا يدا تتكئ على الاجنبي الذي سوف لن يرضى لحلفائه السنة التهميش بعد إندحار داعش ، أي إن تدخل الاجنبي في الشأن العراقي عن طريق السنة بات أمرا ممكنا ، وبذلك سيكون المشهد اكثر تعقيدا ، فإما أن يأخذ أبناء السنة ما يشاؤون من الامتيازات والمناصب أو إن الوضع ذاهب نحو تقسيم العراق وفي أفضل الحالات التحول الى كونفدراليات .  

  كتب بتأريخ :  الجمعة 12-06-2015     عدد القراء :  1602       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced