العراق بعد داعش الحلقة الخامسة : القوى المدنية الديمقراطية (5)
بقلم : تحسين المنذري
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

لم تتضرر قوى سياسية من نظام المحاصصة الطائفية ــ بقدر تضرر القوى المدنية الديمقراطية ، فالتقسيمات الهلامية التي نتجت عن ذلك النظام شتت وحدة الروافع الاجتماعية للقوى الديمقراطية عموما واليسار خصوصا ، بل إن الاكثر من ذلك فإن قوى من الاسلام السياسي تبنت نفس شعارات وطرق نضال وأساليب عمل تلك القوى بل وأحيانا بنفس مستوى الراديكالية الذي إعتادت الجماهير أن ترى به تلك القوى واليسار خاصة ، مما ولد حالة ضعف وتراجع في جماهيرية القوى المدنية الديمقراطية ، بالتأكيد الى جانب عوامل أخرى موضوعية وذاتية ، فأضطرت القوى المدنية الى اللجوء لاسلوب إقامة العلاقات مع قوى الاسلام السياسي والقوى القومية الكردية على مستوى القيادات فقط لحجز مكان في السفينة لاغير وإثبات وجود ، وإن حمل ذلك الموقف شيئا من الصحة فقد كان على القوى الديمقراطية أن تعطي إهتماما أكبر لمطاليب الجماهير وبشخيص همومها ، وألا تتحول علاقاتها مع قوى الاسلام السياسي الى مايشبه علاقات التحالف التي سادتها المجاملة أكثر من علاقات التضاد والتصارع ، مما أثر في شعبية قوى اليسار خصوصا بل ذهب البعض الى عد مشاركة فصيل من تلك القوى مشاركة محسوبة على جهة طائفية !!رغم إن هذا الفصيل مبرأ تماما من كل اردان الطائفية.

إن تشخيص الخطأ وتسميته والجهة التي قامت بها لاتنتقص من المكانة السياسية لمن يقوم بها بل هي من صلب طبيعة الصراع في الانظمة الديمقراطية ، وإن السكوت عن الخطأ أو توجيه النقد المخفف لايؤثر الا على جماهيرية تلك القوى لا غير ، وهذا ماحصل بالضبط ، فاللجوء الى الوسطية رغم إنه لايمت الى مبادئ اليسار بصلة الا إنه في نفس الوقت يزعزع ثقة الجماهير بها ، فقد إعتادت الجماهير الشعبية أن ترى في القوى المدنية الديمقراطية أفضل من يشخص همومها ويتبناها ويرسم طرق النضال الصحيحة لتحقيقها ، ولا تقتنع تلك الجماهير بقوى سياسية تساند اليوم حكومة لموقف كذا وتعارض لاخر ، وهذا مايجب على ينبغي للقوى المدنية الديمقراطية أن تأخذه في الحسبان للقادم من الايام بعد تحرير ارض الوطن من داعش ، فالاستقطاب الطائفي سيكون على أشده ومطاليب الانفصال أو الاقاليم الاكثر استقلالية ستكون من أولى مطاليب جميع القوى الطائفية أو القومية الكردية ، وذلك حسب منظور القوى الاقليمية والدولية المؤثرة في الشأن العراقي وحسب الطبيعة الاجتماعية لقيادات تلك القوى وتوجهاتها السياسية بحثا عن مكاسب أكبر وإن كانت على حساب الوطن ، وهنا لابد للموقف الوطني للقوى المدنية الديمقراطية أن يبرز أكثر من أي وقت آخر ، وما عليها إلا أن تلجأ الى سياسة الفضح لكل التوجهات الفكرية والسياسية لتلك القوى والتأكيد على أن من أوصل البلد الى حالة التمزق والضياع ، هي سياسات القوى المتنفذة في الحكم منذ فترة مكابعد السقوط والى الان ، وبدون ذلك فإنه سيمسي لا مكان للقوى المدنية  الديمقراطية بين صفوف الجماهير ، وعلى ذلك فلابد البدء من الان بمراجعة فكرية أولا ، وبنقد موضوعي للسيسات التي أتبعت منذ 2003  والى الان ، وتغيير الخطابين السياسي والاعلامي ، واللجوء الى سياسة فضح المفسدين والمزورين علنا وبالاسماء والجهات التي ينتمون إليها ، والوقوف في كل صغيرة وكبيرة مع مطاليب الجماهير وجعلها الشغل الاكبر في حياة تلك القوى ، والابتعاد قدر الامكان عن روح المجاملة على حساب مصالح الوطن والمواطن وترتيب الاوضاع التنظيمية والسياسية لتلك القوى على أساس المجابهة مع القوى التي قادت البلاد الى هذا المستوى المتردي حتى وإن إقتضى الامر البدء من الان بعقد مؤتمرات تنظيمية ـ فكرية داخلية لتنظيمات القوى المدنية الديمقراطية إستعدادا للقادم من الاحداث والتطورات.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 17-06-2015     عدد القراء :  1779       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced