رغم خطورة السلوك السلبي لعلاقته بالاخلاق والتكافل الاجتماعي ولانه يساوي السلوك الايجابي عند ارتكاب الجرائم ولان العبره بالنتيجه لابنوع بالسلوك . مع ذلك لم يعاقبه القانون دائما رغم مخالفته للقواعد الاخلاقيه . مثل الامتناع عن تقديم المساعدة والمعونه والارشاد والاخبار والنصيحه لمن يحتاجها ،او للصالح العام ،وتكاد تخلو منه المجتمعات المتماسكه بالتعاون و االتكافل الاجتماعي ، وتتفشى السلبيه في المجتمعات الواهنه الروابط والمخلخله العرى والخاويه من المضمون الروحي والتألف ،والمسفهه للقيم والمبادئ النبيله والتي انغمرت بضعف
الشعور بألمسؤليه العامه والخاصه والتي تعاني من انهياراسس المواطنه الصالحه، وهومايقتضي تحفيز المشاعر النبيله لديها والارتقاء بها وتعميق جذورها لوقف انهيار المجتمع امام التحديات الاجنبيه والسياسيه والاجتماعيه والاقتصاديه والانسانيه ، للحد من سريان هذا السلوك وهو مهمة علم الاجتماع.وللقانون دوره ايضا
الامتناع لغة هو الكف عن الشئ ،وقانوناً هو الامتناع عن عمل يعاقبه القانون .وقد ثار الجدل عما ذا كان الامتناع عدم ولاينتج وجود؟الاغلبيه يؤيدون صلاحية الامتناع اوالسلوك السلبي كوسيله لارتكاب الجرائم وهو ماأخذ به ق.ع.عراقي في (م19،28 ) ولابد من التميز بين السلوك السلبي الذي تعقبه نتيجه وبين السلوك السلبي او الامتناع عن تنفيذ القانون دون نتيجه والاخير يعد بحد ذاته جريمه مستقله كامتناع الموظف عن اداء واجبه وامتناع المدعي العام عن تحريك الشكوى بالحق العام بمجرد علمه بها وامتناع القاضي عن القضاء والامتناع عن اداء الشهاده وغيرها ،
والنوع الثاني السلوك السلبي الذي يتسبب بنتيجه كامتناع الام عن ارضاع وليدها فيموت وامتناع الطبيب عن ايقاف النزيف الدموي او تقديم العلاج فيموت المريض مثلا.
عرف الفقه الاسلامي الامتناع كوسيله لارتكاب الجرائم وايد معظم الفقهاء وقوعها بهذا السلوك لعلاقته السببيه بالنتيجه ،وخالفهم القله مستندين الى ان الامتناع عدم ولاينتج الاالعدم والمؤيدين كل له رأيه المستقل.
يرى الاحناف والشافعيه ان الجريمه تقع بسلوك سلبي بشكل مطلق ،فمن حبس انسان ومنعه مقومات الحياة ومات باحداها كالطعام فهو قاتل،والمالكي يرى ان يكون الفعل الممتنع عنه واجب،وان تحدد العقوبه تبعا لقصد الممتنع ،فاذا كان قصده القتل استحق عقوبة القتل وبعكسه يتحمل عقوبة قصده ،والحنبلي يرى مراعاة الظروف الطبيعيه كمدة المنع و درجة الجوع والمرض، وغيرها،عندها تطبق الاحكام العامه حسب كل حاله، ويضيف الشافعي ان يكون المجني عليه حراً في مقاومة ما منع ، فالحر في تناول ما سبب هلاكه ، هو المسؤل عن هلاك نفسه .
يؤخذ الفقه الجعفري بصلاحية السلوك السلبي في ارتكاب الجرائم عندما يستند الفعل المباشر(الجوع) للنتيجه الى سبب غير مباشر(الحبس) ،كمن حبس شخصاً ومنع عنه الطعام فمات جوعاً فيكون الحابس هو القاتل عمدا ًوعند الامام جعفر الصادق ان القتل العمد متى ما صدق عرفاً جازالقصاص سواء كان مباشرةاوبالتسبيب.وقله من الفقهاء المسلمين خالفواهذا الاتجاه .
القوانين الوضعيه الحديثه معظمها تساوي بين السلوكين السلبي و الايجابي في ارتكاب الجرائم وبعضها تقيد تجريمها بوجود نص قانوني مثل المانيا وانكلترا واميركاوفق رأي الفقيه جارسون الذي يستشهد بتعديل نص(م311)فرنسي التي تعدم من يحرم صغير من العنايه بقصد قتله ،وهوما يميل اليه القضاء الفرنسي القديم .وتشريعات اخرى تساوي بين السلوكين عند توفر الرابطه السببيه مثل ايطاليا ولبنان والاردن والعراق. وهو اتجاه التشريعات والفقه والقضاء حديثا ،ويمكن اختصار الاتجاه الحديث في الماده 28 ق. ع .عراقي وهو:( سلوك في ارتكاب فعل او الامتناع عن فعل جرمه او
أمربه القانون .)
عرفت القوانين الوضعيه جرائم السلوك السلبي او الامتناع بشرط النص عليه في قانون اواتفاق.في حين عَرفها الفقهاء المسلمين قبلهم بقرنين،وتوسعوا في مسؤولية الممتنع جاعلين (العرف ) فضلاً عن القانون والاتفاق اساساً لهذه المسؤوليه،وهي ميزه محموده لتكريسها القواعد الاخلاقيه ضمن القواعد القانونيه،فتعمل على شد التماسك الاجتماعي وبعث روح التكافل والتضمان بين افراده فيكون الشخص مسؤولاً جنائياً بسبب سلوكه السلبي فضلا عن مسؤوليته الاخلاقيه عرفاً دون الحاجه الى نص او اتفاق،وهو ما يؤدي الى توسيع القاعده الاخلاقيه كمصدر للقوانين ، وهو
مايتفق والطبيعه البشريه والآخلاقيه ورقي المواطن وصلاحه والحد من نمو سلبية المجتمع في الدول(النايمه؟!)خاصة...
22/ 6 /2015
السلبيه جريمه اخلاقيه وقانونيه
