ازمة الفكر الحداثي المعاصر
بقلم : عصام الطائي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

ان مشكلة الفكر العربي المعاصر الذي تأثر بالفكر الغربي بشتى مدارسه الفكرية في الغالب قد وقع في فخ الادلجة وكانت النظرة الى التراث تتسم بالافكار المسبقة لكل هؤلاء فالماركسي حينما ينتقد التراث الفكري القديم والمعاصر سوف تكون قناعاته الفكرية سابقة في الحكم على القضايا من خلال التفسيرات الماركسية فلا يكون حياديا في الغالب وهذا الكلام ينطبق على حسين مروة فيما طرح من افكار واراء وتصورات عن التراث الفكري الاسلامي القديم والمعاصر.

والمفكرون الذين تأثروا بالمدارس الفكرية الغربية بشتى اتجاهاتها والتي تتصف باللاعقلانية واللاواقعية بسبب عدم ارتباط الفكر الغربي بالمطلق فكانت اراء الباحثين الغربية حاضرة في نقد هؤلاء المفكرين لتراث الفكر الاسلامي فالافكار المسبقة حاضرة في اطروحاتهم لتشخيص النتاج الفكري القديم بشتى انظمته المعرفية سواء أكان النتاج للمنهج البياني او البرهاني او العرفاني وهذا الخضوع قد سبب حالة الاستلاب لدى هؤلاء فجعلهم يخضون بصورة كاملة للفكر الغربي وان رموز الفكر العربي المعاصر والمتأثرين بالمدارس الفكرية الغربية كمحمد عابد الجابري ومحمد اركون وحامد ابو زيد وغيرهم قد انبهروا بفكر الغرب وهي نفس المشكلة التي وقع فيها الفكر الفلسفي القديم مثل ابن سينا والكندي والفارابي وغيرهم الذين خضعوا للفكر الفلسفي اليوناني مما سبب حالة الاستلاب ووصلت الحالة بالفكر الفلسفي القديم كما عند ابن رشد بانه الغى جملة من الحقائق الغيبية فقد رفض البعث وهذا مما سبب قطيعة بين الفكر الفلسفي والفكر الديني ونفس المشكلة في الفكر العربي المعاصر فقد جعل قطيعة بين الفكر الديني والفكر العربي المعاصر.

وهذا بخلاف السيد محمد باقر الصدر الذي استطاع ان يتجاوز النزعة الاقصائية والتوفيقية للمتاثرين بالفكر الغربي وقطيعتهم مع الوحي فقد رفض السيد الصدر كل الترقيع بين الاسلام والماركسية وبين الاسلام والفكر الغربي بشتى مدارسه الفكرية وقد ادى بهؤلاء الى اقصاء الفكر الاسلامي عن الفعالية وحدث تصادم بين اطروحاتهم والفكر الديني فان خضوع وانحياز الجابري للمنهج البرهاني على حساب منهج الوحي قد اوقعه في قطيعة معرفية مع الغيب بصورة غير مباشرة وهذا بخلاف السيد الصدر فقد تحرر السيد الصدر من هذا الاستلاب بسبب نظرته الكلية من خلال جعل علاقة واقعية بين الثوابت والمتغيرات بصورة تتسم بالتوافق بين الوحي والعقل.

ونفس المشكلة وقع فيها محمد اركون من خلال ما طرحه من اراء سبب حالة من القطيعة بين الفكر الديني والفكر العربي المعاصر وقد اخترق المقدس من خلال محاولته تفكيك النصوص وفق السياقات للفكر الغربي حيث تعامل مع النص القراني كأي نص اخر حيث يعرضه للمحاكمة وهذا بخلاف السيد الصدر الذي استطاع بتعامله مع النص والعقل بصورة لا تجعل تصادم واستطاع ان يكتشف من خلال النصوص الشرعية منهج متكامل يعالج كل مشاكل الانسان المعاصر بصورة تنسجم مع عقيدة الانسان فالسيد الصدر لم يتهم النص كما عند محمد اركون وانما استطاع ان يبني صرحا فكريا معتمدا عن التوفيق بين النص والعقل.

ونفس المشكلة مع حامد ابو زيد الذي حاول اثبات عدم علمية نتاج الوحي من خلال التشكيك بجملة من النصوص الشرعية كما هو الحال حول حقوق المراه والارث من خلال اعتماده على التأويل كثيرا بصورة مبالغة فيها بحيث وقع بجملة من الاخطاء اتجاه المفاهيم الغيبية والتشريعية وهذا بخلاف السيد محمد باقر الصدر الذي استطاع ان يستلهم من الحقائق الغيبية بصورة تثير الاعجاب وقد توصل الى نظرية لسنن التاريخ مستلهمة من القران الكريم وهو بخلاف مع ابن خلدون في نظريته التاريخية فلم يستلهم ابن خلدون من القران كالسيد الصدر بل فكر ابن خلدون اشبه بالفكر العربي المعاصر وقد اعتمد بنظريته بصورة اقرب الى اراء الفلسفة اليونانية المهم ان السيد الصدر لم يشكك في النصوص وانما استطاع اكتشاف حقائق رائعة في النصوص وذلك بفضل دراساته الفكرية والفقهية والاصولية والكلامية والعقائدية والفلسفية والقرانية والمنطقية بالاضافة الى ثقافته العامة فقد كان السيد الصدر يقرأ الكثير من القصص والروايات لذلك كان اسلوبه الادبي له اثر واضح في كتاباته الفكرية وبفضل ذلك لم ينزلق ويبتعد عن الحقيقة .

وان كل هؤلاء يتصورون ان الاسلام له موقفا سلبيا من العقل وان الاسلام وقف حائلا من النهوض والتقدم لذا محاولة كل هؤلاء هي استنهاض العقل المغيب بزعمهم واننا لا نكر ان الفكر السلفي قد وقف موقفا سلبيا من العقل من خلال الغاء دور العقل واعتمادهم الكامل على النصوص بالاضافة الى طريقة الفهم التي تعتمد على الفهم الحرفي للنصوص وقد وقع اصحاب الفكر الحداثي في فخ الالسنة حيث تعامل هؤلاء مع النص كأي نص بشري وهذا ما يجعل رفع القدسية عن النصوص برفع الغيبية بوصفها العائق بالنسبة لهم وتنزيل القران من الوضع الالهي الى الوضع الانساني .

ووقعوا هؤلاء في فخ الارخنة من خلال محاولة هؤلاء اخراج النص من محتواه التشريعي من خلال التشكيك بالنص واضفاء النسبية عليه من ان القران لا يمثل التشريع الكامل لحياة الانسان وانه لا الزام فيه بل كونه مجرد نصائح اخلاقية وحصر القران بالامور الاخلاقية وتحديث التدين بتبني امامة المراة ورفع ايات الجهاد والحدود ووقع هؤلاء في فخ العقلنه بمحاولتهم لاخضاع النص الى اليات العقل ومحاكمة الوحي بتلك الادوات التي اقتبسها هؤلاء من الفكر الغربي من خلال النظريات الفلسفية المعاصرة وان الخطا الكبير الذي وقع به هؤلاء هو انهم خلطوا بين الحقيقة الدينية الثابتة والدنيوية المتغيرة فهم لا يفرقون بين النتاج الفكري في التراث الاسلامي وما طرحه الوحي من افكار ومفاهيم وتصورات وانهم ارادو ان يحاكموا النص والتراث بمقياس واحد وقد اوقعهم بجملة من الاخطاء.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 24-06-2015     عدد القراء :  3984       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced