الكثرة والقلة
بقلم : عصام الطائي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

اولا : مبدأ الكثرة والقلة في الانتخابات

ان مبدأ الفوز في الانتخابات هو مبدأ عقلائي سائد ولكن هل يكفي هذا المبدأ كأساس يعتمد عليه دائما ام لا؟ والحقيقة لا وذلك لانه لا بد من احاطة هذا المبدأ العقلائي بنوع من التقنين لئلا يقع في اخطاء وسلبيات ولو فرض ان الاكثرية كانت خاطئة او منحرفة او ساذجة او مضلله من قبل الغير من خلال تصويتها في الانتخابات فماذا سوف تكون النتيجة ؟ فطبيعي سوف تكون النتائج سلبية كما في الانتخابات الاخيرة في الدانمارك من صعود اليمين المتطرف الذي احدى اسبابها نتيجة للعملية الارهابية في الدانمارك مما ادى الى زيادة رصيد الاتجاهات اليمينية المتطرفة.

ان هذا المبدأ العقلائي اذا ما قنن بأطار شرعي فنستطيع ان نحرز ضمان سلامة هذا المبدأ العقلائي فاذا ما كان هناك مجلس من العقلاء والفضلاء والخبراء لهم الدور في امضاء نتائج الانتخابات فمن حق هؤلاء ان يلغوا الانتخابات اذا ما حصلت مفاسد اما وفق المبدأ الديمقراطي المتبع فالنتائج هي الاول والاخير وهناك تجربة اثبت فشل هذا المبدأ فحين اصر الرئيس الفرنسي على ان يصوت الشعب الفرنسي على الدستور الاوربي المشترك فلم يصوت الشعب لصالح الدستور الاوربي المشترك ولكن في بعض البلدان قد صوت على الدستور من قبل البرلمان باعتبار هؤلاء اصحاب خبرة وهم اعرف بأهمية هذا الدستور والحقيقة ان الامور العقلائية ضرورية ولكن لا بد من احاطتها بأطر شرعية وان الملاك في المبدأ العقلائي هو تحقيق المصلحة واذا ما حدث مفسدة فلا بد ان يرفض عقلا وقد تبنى الفقه الشيعي المعاصر جملة من المبادى العقلائية منها الدستور والانتخابات وحق المواطنة ولكن احاطة بجملة من الضوابط الشرعية لئلا تتعرض الامة الى الانحراف.

ثانيا: النصر بين منطق الكثرة والقلة

المعروف لدى الناس ان الكثرة غالبا هم الذين يحققون النصر ولكن وفق المنطق القراني ليست دائما الكثرة هي التي تنتصر ومن الممكن ان تكون هناك فئة قليلة هي التي تغلب فئة كثيرة باذن الله تعالى وكلما ازداد الايمان والاخلاص يتحقق النصر اكثر واكثر وقد يتخلف هذا القانون ففي ثورة الحسين ع وان كانت هناك فئة قليلة مخلصة فقد شاءت ارادة الهت تعالى ان لا يتحقق النصر المادي لحكمة من قبل الله تعالى فقد شاءت مشيئة الله ان يستشهد الامام الحسين ع لوجود مصلحة في استشهاده بينما في معركة بدر كان هناك مصلحة في النصر ففي معركة بدر تحقق التسديد ولنصرة والتوفيق الالهي وفي ثورة الامام الحسين ع ومع مرور الايام اعتبر الامام الحسين ع هو المنتصر الحقيقي لان الافكار والمفاهيم التي بذل الامام الحسين ع نفسه لاجلها قد نقلت من جيل الى جيل وهذا هو النصر الحقيقي .

ثالثا: الكثرة والقلة واختزال الحقيقة

هناك بعض الاطراف من اصحاب الاديان او المذاهب او الاحزاب يعتقدون انهم ما داموا الاكثر اذن لا بد ان يكون هم على حق دائما وان غيرهم على باطل وهذا المقياس لا قيمة له لان الانسان العاقل يعتبر اصل الحق هو الاساس وليس الكثرة او القلة وقد نجد حتى على مستوى بعض الذين يدعون انهم مفكرين يعتقدون بان مبدأ الكثرة هو اساس الحق لا الحق نفسه كما سمعت من سليم العوا ويوسف القرضاوي ومحمد عماره وغيرهم قد تحدثوا بذلك حيث يعتبرون انفسهم اصحاب السنة والجماعة باعتبار هم الكثرة فلا بد ان يكونوا هم على الحق لا غيرهم وهذا يعتبر بمثابة حكم مسبق لتصور ساذج يدل على الاعجاب بالنفس وهو مرض من امراض النفس .

رابعا: مبدأ الشورى وعلاقته بالكثرة والقلة

حاول البعض ان يتصور ان يجعل من مبدأ الشورى كأساس شرعي ومن خلال التدقيق بالنصوص الشرعية نجد ان هذا المبدأ لا ينطبق هذا المبدأ في الاحكام بل هو خاص في الموضوعات وذلك لان رسول الله ص كان يستشير قومه في الامور التي تتعلق في الموضوعات كالحروب ومن الممكن ان يأخذ بالاستشارة اذ وجد مصلحة في ذلك كمعركة الخندق ولكن قد اتخذ البعض هذا المبدأ كاساس في نظرية الحكم لاختيار الخلفاء وهذا خطا طبعا وذلك لان اختيار الحاكم هو من قبيل الاحكام وليس الموضوعات والدليل على عدم شرعية هذا المبدأ في اختيار الحكام كتنصيب خليفة وذلك لانه لا يجوز الاقتراحات على الله تعالى في الاحكام ولا دليل على حجية الشورى في الاحكام بل ثبت حجيتها في الموضوعات فقط ولا بد من كل متفقه ان يفرق بين الموضوعات والاحكام وهذا الفرق واضح من له الاطلاع في الامور الفقهية ولكن قد يسال البعض اذن لماذا تبنت بعض الدول كايران مبدأ الانتخابات ؟ والحقيقة ان تبني هذا المبدأ أي الانتخابات ليس على اساس كونه من الشورى بل تبنت الانتخابات على اساس كون الانتخابات مبدأ عقلائي قد تبناه الفقيه وامضاه ولكن اطر بأطار شرعي تحت اطار نظرية ولاية الفقيه والمهم في الموضوعات يمكن تبني اقتراحات الناس واما في الاحكام الشرعية فلا يجوز ذلك.

خامسا : مبدأ الكثرة والقلة في الهيئات الدولية

ابسط دليل على تهافت الفكر الغربي هو الاعتماد على منطق الكثرة كاساس في اخذ القرارات كما في الانتخابات بصورة عامة وقد تحدث تخلف لهذا القانون ففي حق الفيتو للدول الخمسة الكبرى تستطيع ان تقف ضد أي قرار حتى لو كان فيه مصلحة للدول حيث تقف ضد أي قرار اذا كان لا يخدم مصالحها وان كل العقلاء لهم الادلة القاطعة التي تثبت سخافة هذا الحق واستهزاء بحق حقوق الشعوب والدول على حساب الحقيقة وهذا يثبت تهافت تلك الادعاءات بتحقيق العدالة .

سادسا: المعيار القيمي يتقدم على المعيار الكمي

ان الانسان الذي يمثل الحق والصدق والعدل والاستقامة والخير والفضيلة يتقدم على الاخرين سواء أكانوا قلة او كثرة فقد يكون انسانا مستقيما يحب الخير للجميع افضل من الكثرة اوالقلة اذا كانوا لا يمثلون خط الاستقامة والنزاهة ونستطيع ان نتوصل بان المعيار القيمي يتقدم على المعيار الكمي ويتقدم المعيار العلمي على المعيار الكمي فالعالم الذي يخدم البشرية افضل من الكثرة والقلة الجاهلة وهكذا بالمقياس النوعي لو شخص يمثل الاختصاص في حقل من الحقول هو افضل من الكثرة والقلة الغير متخصصة ويتقدم المقياس التنظيمي عن الغير تنظيمي فالشخص المنظم افضل من الكثرة او القلة الغير منظمة وبذلك نفهم ان المقياس المقياس الكمي هو من متبنيات الفكر المادي ولكن المعيار القيمي هو الذي يتقدم دائما.

  كتب بتأريخ :  الخميس 25-06-2015     عدد القراء :  1653       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced