الخلاف وادارة الخلاف في مسالة الامامة
بقلم : عصام الطائي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

تعتبر مسالة الامامة من الأمور الشائكة في تاريخ حضارتنا الإسلامية وحتى يومنا هذا ولقد كان الامام علي ع عبقريا في إدارة الخلاف حول مسالة الامامة فنستطيع بحق ان نصف الامام بكونه عبقريا في ادارة الخلاف فمن الناحية الواقعية كانت هناك مشكلة والتي تحولت بمرور الأيام الى أزمة واستطاع الامام ع ان يحتوي المشكلة بفضل ادارته للخلاف فاستطاع ان يتعامل مع بقية الخلفاء على أساس التسديد والنصرة والنصح فقد ساهم الامام علي ع في علاج كثير من المشاكل التي تعرضت له الدولة الإسلامية اثناء حكم الخلفاء.

ولقد كان الامام مساهما في النصائح والإرشادات الى الخلفاء ولقد تعامل بصدق في كل نصيحة ووصية وإرشاد لاجل حفظ رسالة الإسلام لان الامام كان يتعامل على أساس منطق حفظ الإسلام او حفظ رسالة الإسلام التي هي الهدف الأساسي وليس التعامل على مكتسبات السلطة وكذلك تعامل على رفض منطق القتل من قبل الثائرين الذين جاءوا من مصر وكذلك تعامل برفق مع عائشة حيث أرجعها الى ديارها بصورة تحفظ كرامتها لان كرامتها من كرامة الرسول.

وكذلك ساهم أئمة أهل البيت ع مع منطق حفظ رسالة الإسلام عبر مسيرتهم في تاريخ الحضارة الأموية والعباسية اما في أيامنا هذه يتعدد التعامل في الجانب الشيعي فهناك من يركز على اعتبار الامامة هي من اصول الدين واعتبر كل من لا يؤمن بها تسلب منه صفة الايمان وهناك من اعتبرها من اصول المذهب لذلك يكون الشخص الذي لا يؤمن بها يبقى مسلما ولا ينطبق عليه عنوان الكفر علما ان الإمامة من الأمور الخلافية التي يمكن الاجتهاد فيها اما بالنسبة الى الايمان بالله تعالى فهناك علم بسيط بالفطرة ولكن هذا الايمان غير كاف اذا اقتصر على مصادره الفطرية فلا بد من وجوب النظر ليكون الايمان عن دليل وبرهان فلا يجوز التقليد فيها ومع عدم الايمان يترتب عنوان الكفر على المنكر لأنها من الأمور الضرورية لدى عامة المسلمين وينطبق الكلام على النبوة والمعاد.

وان الذي يقول بانها من اصول الدين فسوف يستلزم كفر الشخص الذي ينكرها وهذا ما يمثل التوجه لقسم من الفقهاء القدماء والمعاصرين وهناك توجه لقسم اخر من الفقهاء كما في موقف السيد محمد باقر الصدر ومرتضى مطهري ومحمد مهدي شمس الدين ومحمد حسين فضل الله وغيرهم من خلال محاولة تأصيل فهم يختلف عن تلك المجموعة الأولى من الفقهاء القدماء والمعاصرين وكذلك كانت قدرتهم على ادارة الخلاف كي لا تتحول المشكلة الى أزمة في عالمنا الاسلامي والتي قد تؤدي الى تفكك وانقسام وتناحر الأمة.

اما في الطرف السني فهناك من تمسك بكل ما قام به الخلفاء ومحاولة استعمال شتى أساليب التأويل كي تثبت عدالة كل الصحابة وعدم تسفيه أي فعل من افعالهم وهناك من تعامل بالتمسك ما طرح الفكر السني ولكن مع استعمال النقد كما في موقف عبد ربه في كتابه السنة النبوية وعلى العموم لقد كانت مشكلة السقيفة ثم استلام الحكم هو السبب في الاختلافات ثم تفرع عنها بالتالي الى ظهور مدارس فكرية ومذهبية مختلفة قامت كل طائفة بتأصيل أفكارها ومعتقداتها بحيث تجعل كل التبريرات لإثبات صحة مدعياتها.

ان المشكلة على العموم تكمن في كيفية ادارة الخلاف بين عقائد الشيعة والسنة وعلى العموم كان الاعتقادات المذهبية تتأرجح بين التطرف والاعتدال فهناك في الطرف الشيعي اتجاهان يمثلا التطرف والاعتدال وكذلك في التوجه السني من يمثلا التطرف والاعتدال وان الصراع الدائر بين الشيعة والسنة يعود من قبل الاتجاهين اللذان يمثلا التطرف وليس الاعتدال فان مدرسة الاعتدال تساهم بالحفاظ على وحدة الأمة ولكن قد نجد تأثيرات قوة التطرف هي التي لا تسمح من وصول الأفكار الواقعية الى الأمة.

وعلى أي حال تعتبر مسالة الخلاف وادارة الخلاف اصعب مشكلة تجابه التسنن والتشييع لذلك يمكن القول ان الخلاف حالة طبيعة ولكن الحالة الغير طبيعية هو تحول الخلاف الى فرقة فهو مرفوض عقلا وشرعا علما ان البعض من الخطباء لا يفهم من الاسلام الا ثقافة الخلاف فلا يتحدث عن عظمة افكار ومفاهيم الاسلام ولكن يتحدث فقط على ثقافة الخلاف.

ومن المعلوم ان الامامة تنقسم الى قسمين الامامة الدينية والامامة السياسية وان الامامة الدينية ثابتة للامام علي ع ولكن المشكلة حصلت في الامامة السياسية فبعض الشيعة تعتبر وجود نص الى هذه الامامة السياسية ويقول البعض الأخر بثبوت الإمامة الدينية فقط وأهل السنة يقولون بعدم ثبوت الإمامة السياسية وثبوت الإمامة الدينية للامام علي ع ويمكن حل إشكالية الامامة السياسية لو عرفنا صلاحيات الإمامة الدينية أي الصلاحيات للنبي او الامام او الفقيه علما ان الإمامة الدينية من نوع خاص تختلف عن الإمامة الدينية التي يتسمى بها بعض الفقهاء وذلك لان الإمامة الخاصة تتحقق بتعين من قبل الله للأنبياء والأئمة اما إمامة الفقهاء فهي بتعين من قبل الإمام وفق مواصفات خاصة فتكتسب مشروعيتها بموافقة الإمام الإجمالية كما جاء في بعض النصوص التي توضح المعالم العامة لصفة الفقيه.

ومن المعلوم ان النبوة تختلف عن الإمامة في نقطة أساسية فالنبي له اتصال مع الوحي في فترة زمنية محددة بينما الإمام له القدرة والقابلية على حفظ مكتسبات الرسالة لوجود المؤهلات والتي يمكن من خلالها ادارة كل القضايا المتعلقة بالأمور الدينية من خلال الشرح والتوضيح والتفصيل وقد ثبت من الناحية التاريخية قدرة أئمة أهل البيت ع على ذلك.

لقد كانت صلاحيات النبي محمد ص واسعة حيث تجمع الإمامة الدينية والسياسية فهل الإمامة التي منحت الى الامام علي ع هي نفس صلاحيات النبي ص فلو ثبت هذا كما هو متبادر من خطبة النبي محمد ص في يوم الغدير يعني ان الإمام علي ع هو الذي يحق له تعيين نفسه في الحكم او تعيين غيره وقد سلب من الامام علي ع هذا الحق كما في حادثة السقيفة فحصل إقصاءه من السماح له بتعيين نفسه او السماح له بتعيين غيره لذلك كان التعدي على الإمامة الدينية التي منحت له وليس مجرد إقصاءه من الامامه السياسية فحتى لو لم تثبت الإمامة السياسية فعلى الأقل الإمامة الدينية فقد منحت له الإمامة الدينية والشيء الثابت ان الرسول بأمر من الله تعالى قد منحه الامامه الدينية وهي مرتبة اعلى من الإمامة السياسية وكان الإمام علي ع قد ساهم في تقديم الإرشادات والتوجيهات والنصائح وكان المجال مفتوحا للإمام علي ع من خلال تقديمها للنخب السياسية وللأمة بعدما لم يسمح له بمزاولة صلاحيته في الإمامة الدينية والسياسية بل اقتصر على الارشاد والتوجيه والنصيحة.

والحقيقة ان صلاحيات الإمامة الدينية اوسع من حصرها بالإرشاد والنوجية والنصيحة وفي وقتنا الحالي توجد نظرية للسيد الخميني أعطى للفقيه صلاحيات واسعة أي ولاية الفقيه المطلقة وقد طبقت هذه النظرية حيث مارس السيد الخميني هذه الصلاحيات وتوجد نظرية ثانية للسيد محمد باقر الصدر وهي ولاية الفقيه مع دور الأمة ودور الأمة أشبه بالبيعة أي يكون جمع لدور الفقيه و الأمة وهناك نظرية ثالثة وهي الولاية الجزئية للفقيه من خلال الارشاد والتوجيه والنصيحة وهي يؤمن بها كثير من الفقهاء المعاصرين.

والحقيقة لا يمكن حصر الصلاحيات للفقيه بل الفقيه له كل الصلاحيات ولكن هناك الظرف الموضوعي هو الذي يجعل الفقيه يتقيد بنوع معين دون الأخر لذلك يمكن القول ان الامامة الدينية اوسع من الامامة السياسية فمنح هذا المنصب لأي شخص الى النبي او الإمام او الفقيه يسمح له بصلاحيات الامامة السياسية وهذا يلغي نظرية البعض بان الامام علي ع حينما سلبت منه الإمامة السياسية سمح باستعمال منصب الامامة الدينية بل ان الامامة الدينية هي اوسع من الإمامة السياسية لان هي التي تعطي المشروعية للإمامة السياسية ولكل الأشياء وللشخصيات والأفكار والمفاهيم لأنه المعين من قبل الله تعالى بالإمامة الدينية وان موافقة الله تعالى على هذا التعيين أي منح الإمامة الدينية هو من حق الله تعالى فقط ولا يجوز لغيره اغتصاب هذا الحق منه فالمشروعية للإمامة الدينية هي من خلال منح الله تعالى لهذه المشروعية لذلك الادعاء بان عن طريق الشورى يمكن التعيين يعتبر خطا كبير لان الشورى او الاستشارة تتعلق بالموضوعات وليس بالأحكام فقد كان الرسول الأكرم يستشير أصحابه في الموضوعات فقط كما في معركة بدر التي تتعبق بالموضوعات لأنه لا يمكن الاقتراح على الله تعالى في الأحكام لأنه حق محصور لله تعالى فقط.

ان الله تعالى منح المشروعية الى الأنبياء ثم منحت المشروعية للائمة ثم منحت المشروعية للفقهاء وفي غير ذلك يعتبر تعديا على القيمومة الإلهية في هذا الكون فكل حكم لا يمنح المشروعية يعتبر حكما تسلب منه المشروعية لان لله الأمر والحكم فهو صاحب الولاية التكوينية في الكون والولاية التشريعية اما الأمور العقلائية من قبل العقلاء كما هو الحال في القضايا المستحدثة فتمنح لها المشروعية من خلال اجازة النبي او الامام او الفقيه وتكمن الصعوبة اليوم في الفقيه الذي يستحق صفة هذه المشروعية فلا بد من المواصفات التي تؤهله لذلك تخلف الأمة هذه الأيام يعود عدم السماح لوصول الفقهاء الذين يتصفون بالفهم الواقعي للقضايا والاحداث والأفكار والمفاهيم والقيم ولقد كان السيد محمد باقر الصدر رائدا في الفهم الواقعي وكذلك السيد محمد حسين فضل الله ومرتضى مطهري ومحمد مهدي شمس الدين وغيرهم.

  كتب بتأريخ :  الخميس 02-07-2015     عدد القراء :  1563       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced