صديقي كريم الترابي
بقلم : طارق الربيـــــعي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

عرفته من خلال العالم الافتراضي في شبكات التواصل الاجتماعي ، من خلال ما ينشره على صفحته من مقالات وآراء ، أو ما يكتبه من تعليقات . وكلها تنبئ عن شخصية عراقيـة أصيلة ، هادئة متواضعة ، طموحة ، مثقفة . بل إنه يعد أنموذجا للشباب العراقي المغترب ، وقدوة حسنة لهم . فهو لم يركن إلى الراحة والخمول ، ويكتفي بالجلوس أمام حاسبته في غرفة موصدة الأبواب لينشر على صفحات الفيس بوك تذمره وشكواه مما آلت إليه حيــاته في الغربة ، وما يتعرض له وطنه من ويلات ، أو ليقف أمام بضعة أشجار يلتقط الصور ويرسم على وجهه ابتسامة باهتــة لا تخفي حقيقة ما يعتمل في نفسه من مشاعر مناقضة .

كريم الترابي نموذج مختلف ، فقد هاجر إلى سويسرا منذ أكثر من عشرين عاما بكيانه المادي والروحي ، بمعنى إنه بقي مشدودا إلى جذوره السومرية العريقة ، يفتخر بها ، ويشعر بالزهو لأنتماءه إليها . في الوقت الذي يثابر فيه على التزود من علوم وثقافات الأمم الأخرى ، ويحصد من مثابرته هذه شهادة الماستر في واحد من أهم العلوم الإنسانية الحديثة وهو علم البرمجة اللغوية العصبية والتنمية البشرية ، ليهدي نجاحه هذا كما كتب على صفحته (إلى بلدي العراق وإلى أرواح شهداؤنا وعوائلهم والى أبطال الحشد الشعبي المقدس ...) .

إجادته لست لغات أجنبية ، وتعلقه الكبير وإحساسه بما يجري داخل بلده الأم ، وما يعانيه أهله في العراق من ظلم وإرهاب ، ولنشاطه الدائب في خدمة قضايا الوطن ، ولكونه رئيس المجلس السويسري لحقوق الإنسان ، يتيح له ذلك الدخول إلى قصر الأمم المتحدة في جنيف ، ليلقي كلمته ، ويستثمر مثل هذه الفرص في إبراز مظلومية الشعب العراقي ، ووضعها أمام أنظار الرأي العام العالمي وكسب تعاطفه . ثم يواصل نشاطه في جمع ما تيسر من الأدلة والشهادات والأسماء حتى يكتمل عنده ملف الدعوى القضائية المتعلقة بجريمة العصر (سبايكر ) لغرض إرساله إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي ، وفتح تحقيق حول المجزرة ومحاسبة الجناة . ويبقى هناك عمل آخر لا بد أن ينجزه ، وهو كتابة المقالات في الصحف السويسرية ، وعادة ما يناقش فيها مسائل مختلفة أبرزها ظاهرة الإرهاب وويلاته على البلدان ، ومن ضمنها بلده المحبوب العراق . أن يومه حافل بالعمل المثمر .

أعرف إن هناك الكثير من العراقيين في الخارج ممن يتحلون بروح المواطنة العراقية أمثال صديقي كريم الترابي ، وربما كانوا أكثر نشاطا منه . لكن مع هذه النماذج الايجابية المخلصة ، توجد نماذج أخرى سلبية ، متمثلة بعراقيين أيضا ، تركوا وطنهم والتجأوا إلى ديار الغربة ، وحالما استقر بهم المقام هناك عمدوا إلى التبرىء من كل ما يمت لهم بصلة مع العراق ، ويا ليتهم اكتفوا بذلك فأكرمونا بسكوتهم ، وإنما أستغلوا العالم الإفتراضي وأخذوا بكيل الشتائم والسباب ، ووصف العراقيين بكل ما هو قبيح ومنكر ، والبحث عن حادثة شاذة هنا وهناك وتضخيمها للنيل من أبناء وطنهم الذين بقوا صامدين في ديارهم . هذه النماذج السلبية بقيت تائهة في منتصف الطريق ،حائرة بلا مبدأ أو هدف محدد ، أو شعور بالانتماء . فهي لم تتحرر من أصولها الشرقية تماما كما تدعي ، ولم تندمج إندماجا كليا مع ثقافة الشعوب التي لجأت إليها ، ما أدى إلى إصابتهم بحالة من الفصام والتخبط والتشوه النفسي والأخلاقي ، لينعكس كل ذلك على شخصياتهم المرتبكــة ، ويبرز من خلال كتاباتهم المعبأة بالشحنات العدائية الكبيرة للعراق وأهل العراق .. بل إني أكاد أجزم بأنهم يتمنون المزيد من الخراب والفوضى لبلدهم ، ليعطوا لأنفسهم المبرر لأدانته وتجريمه وتشويهه . إنهم عادة يلومون عراقيو الداخل لأنهم يعيدون انتخاب نفس الوجوه الفاسدة ، بينما هم لا يكلفوا أنفسهم الذهاب إلى صناديق الاقتراع أيام الانتخابات ، ويحاولوا تغيير المعادلة ومساعدة العراقيين وذلك أضعف الإيمان . إنهم ساخطــون فقط .

إني هنا ومن خلال هذه المقالة القصيرة لا أروج لصديقي ، فهو لا يمت للأحزاب وللحكومة بصلة او لأي جهة سياسية أخرى ، بل أخشى إنه سيشعر بالامتعاض مني بسبب هذه المقالة . إن الغاية ليس كريم الترابي وإنما التذكيــر بأنه يجب علينا أن نبرز النماذج العراقية المشرقة والحالات الإيجابية أينما وجدت ، لا سيما في الوقت الراهن ، كما نبرز الحالات والظواهر السلبية أيضا . فذلك أقرب للعدالة والإنصاف ، وأدعى لبث الأمل والعزيمة في نفوس الشباب ليعملوا وكل حسب إمكانياته وموقعه لخدمة العراق فهو أحوج ما يكون لذلك .

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 07-07-2015     عدد القراء :  2181       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced