ثقافة الاعتدال
بقلم : عصام الطائي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

معنى الاعتدال هو الشيء الذي يتصف بالحق والعدالة والاستقامة والأفضلية وهو المدلول الصحيح قال تعالى ( قال أوسطهم ) أي أفضلهم و( الصلاة الوسطى ) أي الصلاة الفضلى كما في صلاة الجمعة التي تعتبر الصلاة الفضلى بالقياس الى بقية الصلوات على اصح الآراء.

وهناك من يفهم الاعتدال وفق تصور ساذج حيث يتصور ان الاعتدال هو الأمر بين الأمرين كالوسط بين الصغير والكبير وهذا وان كان يحقق معنى الوسط ولكن ليس هو المراد بالمدلول القرآني المطلوب فالأمة الوسط هي الأمة الفضلى بالقياس الى الأمم ولكن مع تحقق الشروط أي تحقق الموضوع والا مع تخلف أي شرط تفقد الأمة هذه الخاصية كما في ضرورة وجود صفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فاذا اتصفت الأمة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تحقق هذه الصفة ومع فقدان هذا الشرط لا ينطبق هذا العنوان عليها.

و لا بد ان تكون الأمة لها معرفة حقيقة بالأمر بالمعروف والنهي على المنكر والا تحول المعروف منكرا والمنكر معروفا فلا بد ان تحمل هذا الصفة الواقعية لا التخلف او التأخر عن الواقع وهناك البعض من أفراد الأمة قد لا يمثلوا بما يحملون من أفكار وتصورات حقيقية بما هي في الواقع ويتصورون او يتوهمون انه يمثلون الواقع ويحاولون ان يجعلوا أنفسهم بأنهم يمثلون الواقع فان مثل هؤلاء الأفراد يكونون متوهمين في الأفكار والتصورات لأنهم لا يمثلون الواقع لذلك من يطلق على نفسه صفة الاعتدال لابد ان يكون واقعا له هذه الصفة.

ولكن لماذا كان الاعتدال او الوسطية هي التي تمثل الأفضلية وذلك لأنها الصفة المطلوبة لدى الله تعالى ولدى العقلاء والكثير يتصور انه يمثل الاعتدال الا ان السلوك الخارجي هو الكاشف عن هذا الصفة والا كل الادعاءات لا تنفع المدعي فالقرضاوي مثلا يدعي انه يمثل الاعتدال لذلك يعتبر نفسه هو يمثل الفرقة الناجية ولكن هذا مجرد ادعاء مبني على أساس الوهم ويقول الفلاسفة ان كبرى المزالق في الفكر البشري هو توهم او تخيل الكثير أنهم يمثلون الحقيقة الا انه في كثير من الأحيان يكون هذا مجرد وهم مبني على الظن وليس العلم .

وان الاعتدال هو الاتصاف بصفة العدل والخضوع له وان عدم الخضوع للحق والانقياد له لا يحقق هذا العنوان وان الإنسان العادل حينما تترجم أفكاره الى مشاريع فالكثير من الناس حتى المختلفين معه بالاعتقاد يتمسكون به وكلما كانت الناس تتمسك به فيعتقد الناس انه يمثل العدل لذلك يكون مصداق للاعتدال وكلما ابتعدت عنه الناس يكون ابعد عن مصداق الاعتدال والبعض يتساءل ما هي المواقف التي قام بها القرضاوي التي تجعل الناس تتمسك به وعلى العكس قد ترى بعض الفئات التي يتهمهم القرضاوي بالمبدعة قد تمسك الناس بهم واستطاعت ان تكتسب تعاطف الناس لصدقها وعدلها .

ويمكن طرح مسالة الاعتدال بصورة أخرى فتوجد مشكلة في أيامنا هذه يتعرض لها المجتمع المسلم كما نلاحظ في الأعياد فان الأحكام الشرعية قائمة على أساس المصالح والمفاسد النوعية فاذا كان الحكم يتعلق بشخص ما كما في الطهارة فيتوضأ الشخص كي يقوم بالصلاة بمفرده هنا من الممكن ان يرتب عليه حكم معين وان مع تعددت الآراء الفقهية فلا مشكلة او كما في رؤية الهلال للشخص الذي يعيش بالصحراء فمتى شاهد الهلال يستطيع الصوم ومتى شاهد الهلال في نهاية الشهر يمكن ان يفطر فليس به مشكلة اجتماعية .

ولكن حينما يكون هناك الأمر يتعلق بالمجتمع فيكتسب ملاك الحكم صيغة أخرى ويترتب عليه عناوين أخرى لها أهمية خاصة منها وحدة المجتمع المسلم وضرورة عدم الاختلاف والتشتت وان أي حكم شرعي اذا ترتب به مفسدة على المجتمع وعلى الإسلام لا يجوز ان يطبق فلو طبق مثلا نظام الرق في أيامنا هذه فهنا لا يجوز لان به مفسدة وكذلك لو طبق نظام الجزية فلا يجوز لان به مفسدة وهكذا بالنسبة الى هلال شهر رمضان اذا ترتب على ظهور الهلال وأضحى ذلك اليوم يسبب مفسدة اجتماعية فهنا قد يصل الى الحرمة وان بعض الفقهاء يصر على رأيه هنا فلا يجوز شرعا لأنه يكون سبب في المفسدة وحصول خلل في المراد من العيد نتيجة لتعدد الأعياد فنحن لماذا في الحج نعمل على وفق فتوى غيرنا باعتبار وجود عنوان معين يحتم علينا الانقياد لفتوى غيرنا فما هو الفرق بيمن ذلك الملاك وهذا الملاك إذن ؟ ومع الأسف ان السير على هذا النمط الفقهي السائد الذي يسبب تفرقة المسلمين اذ كان بداية شهر شوال احدهم عنده الثلاثاء والبعض الأربعاء والأخر الخميس هذا الأمر يسبب في ظهور مشاكل لدى الأسر وكذلك تشتت وتمزيق المجتمع المسلم فهنا قد وقعنا في تسبب مفسدة في المجتمع ويتحمل البعض وزر فتواهم المخالفة للغالبية.

وان الإصرار على هذا النمط من الاستنباط واعتماد نمط معين ولا ينتبه لأهمية العامل الاجتماعي يعتبر ضعف في الاستنباط وعلى الفقيه ان لا يعتبر الحكم هو الغير قابل للنقاش العلمي فمثل هذا التصرف هو تسفيه للعقول والقدرات العقلية ومحاول اختزال الحقيقة للبعض دون الأخر.

اننا نحترم التقليد باعتباره وسيلة عقلائية للوصول الى الغرض الشرعي من إبراء ذمة المكلف الا انه قد يتحول الى حالة مرضية به مفسدة اجتماعية بعض الأحيان وماذا نسمي هذا التمزق بالأمة هل ان الله تعالى وحاشا لله أراد ان يكون العيد عامل فرقة ام عامل توحيد للأمة ؟ لذلك على الفقهاء إعادة كثير من الآراء الفقهية والتفريق بين الأحكام التي تتعلق بالشأن الشخصي الذي من الممكن ان يحصل الاختلاف وبين الحكم اذا كان متعلق بالمجتمع فالقضية يجب ان يكون لها اعتبار أخر.

وان من ضمن الأسباب الأساسية في هذا الاختلاف التي او صلتنا الى هذه الحالة فهناك لا زال البعض يتمسك بنمط معين بالاجتهاد الا ان في الحقيقة يجب ان ينظر الى الأحكام بصورة أكثر عمقا والدليل على كلامي هذا فكتاب فقه الامام الصادق للشيخ محمد جواد مغنية قد وقف صنف من الفقهاء ضده حيث اعتبروا ان الشيخ مغنية قد خرج على جلالة النص الشرعي الا ان السيد محمد باقر الصدر وقف معه ووصفه بأنه الذي له فهم عرفي للنص ووصفه بالشيخ الكبير

ان اي مدح لأي عالم ما لم يكن يطابق الواقع يعتبر تسفيه للعقول ولا بد ان يكون عقلنا له صفة نقدية لا تقديسية للأشخاص ان العقل النقدي يعالج الأخطاء اما العقل التقديسي يكرس الأخطاء وان العقل النقدي يعالج كل السلبيات والأخطاء اما العقل النقدي يزيد من الأخطاء والسلبيات وان العقل النقدي هو صفة الإنسان الواعي الباحث عن الحقيقة اما العقل التقديسي هو صفة الإنسان الذي يكرس اللاوعي في المجتمع ان كبرى مصائب العالم الإسلامي اليوم هو التقديس الغير عقلائي وغير المبرر له في كثير من الأحيان ولكثير من الشخصيات غير الفاعلة مما سبب تقديس من لا يستحق التقديس وتجاهل الذي يستحق التقديس .

  كتب بتأريخ :  الخميس 16-07-2015     عدد القراء :  1818       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced