الحذر والانتباه من اساليب المخابرات الايرانية في تشويه وضرب الحراك المدني في العراق
بقلم : حازم الحسوني
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

منذ ان انطلقت المظاهرات الشعبية السلمية المطالبة بتحسين الخدمات وتوفير الكهرباء والمياه الصالحة للشرب، ومحاربة الفاسدين المتسلطين في اجهزة الدولة على اختلاف مراتبها، وتقديمهم للعدالة والقضاء، وتغيير الأسس السيئة التي بنيت عليها العملية السياسية المحاصصية، لمن يدعون تمثيل المكونات المجتمعية العراقية، حتى تحركت الماكنة المخابراتية الأيرانية لؤد هذا الحراك، بحكم التجربة المتراكمة لديها طيلة 37 عاماً، من فنون وأساليب للقمع والتدرج بمراحله ضد المجتمع الأيراني، وقدمت خدماتها الجليلة بهذا المجال ، للمتنفذين بالعراق.

لا ننفي هناك خصوصيات لكلا المجتمعين، العراقي والايراني، ولكن أساليب القمع هي واحدة، لذا نحذر وننبه لبعض اساليبهم  الممكن تطبيقها في العراق ، ومن الواقع الميداني نستشف تأثيرها.

1ـ البدء بالتشكيك بهذه المظاهرات، وافراغ مكنونها الاجتماعي، وربطها بمجرد مطاليب لتحسين الخدمات لا قيمة ولا اهمية لها، وممكن الألتفاف والمرورعليها، عبر المماطلة وكسب الوقت.

2ـ عندما تكون هذه المطالب قد تجاوزت سقف معين وضعوه في ادمغتهم، تبدأ الماكنة الإعلامية، في تشويه التظاهرات وربطها بأجندة محلية شاذة، وفاشلة في الانتخابات، ولم تحصل على مقاعد. أو ببعض المجاميع الصغيرة المتهورة هنا وهناك.

3ـ وعندما تكون التظاهرات قد اخذت مدى اكبر وأوسع مما يتصوروه، فهنا لابد من تحريك العمامة في المنابر للتحذير من هذه التظاهرات، وبمن يقف وراءها، دون الأشارة الى العامل الخارجي بشكل مباشر بل ايحاءا، والتركيز على الأجندة المحلية للمتهورين والشاذين الذين يقفون وراءها ، ويطمحون بتغير شكل الدولة الدينية في العراق كما يزعمون!. وبالتالي البدء على تحريك السياج الأول للممانعة عبر المنابر ذاتها، ورَبط هذا الحراك بدعوات العِلمانية والمدنية والكفر، كون الداعين لها خارجون عن القيم المجتمعية والعشائرية والقبلية السائدة في المجتمع!.

4 ـ بعد مراجعة هذه الخطوات ان كانت قد ادت دورها او لا، يبدأ العمل الى اثارة الشبهات إعلامياً وعبر كل الوسائل والقنوات المتاحة ، لربط هذا الحراك باجندات مخابراتية اجنبية صهيونية، امريكية، غربية عالمية!. ففي ضمن هذا السياق ، ومن دواعي السخرية ان يخرج علينا احد المعممين و يتفتق عقله ليستنتج  ويربط الحراك المدني في العراق ويصفه كجزء من الاستعمار المدني العالمي!!!.

5 ـ بعد استنفاذ كل هذه الأساليب يبدأ العمل على ما يسمى بالقوة الناعمة، وهذه لها  ثلاث طرق :

أ ـ ان يبدأ بعض رجال الدين المعممين في الأستياء من الوضع المزري للواقع العراقي، لركب الموجة ، ويدخلوا في هذه الأحتجاجات متجاوبين لطلبات المتظاهرين، ولكن بشرط ان يمرروا بعض الشعارات التي تبعد طبيعة الأحتجاجات عن مسارها الحقيقي( كأن يطلق شعارات هيهات منا الذلة.. كلا كلا للفساد، ونعم نعم للمرجعية...تاج على الراس سيد علي السيستاني....الخ).

ب ـ ان تبدأ حملة إعلامية متجاوبة مع التظاهرات، ولكن بشرط ان يجرى تمرير وتركيز على ما تريدهُ المرجعية دون ما يطالب به المتظاهرون. ويجرى التركيز على مطالب الأصلاح من الفساد دون التأشير على الفاسدين ، ومن يقف ورائهم في الداخل او الخارج ، ولا يمس مصالحهم ومراكزهم بالدولة.

ج ـ ان تبدأ القوى المليشياوية  بالدفع لبعض الاشخاص العديميي الوعي والمندسين (مبلغ من المال 25 الف دينارأو اكثر او أقل) للتغلل وسط المتظاهرين والعمل على رفع شعارات، تحرف هدف التظاهرات، وأفراغها عن طبيعتها السياسية الاجتماعية المطلبية، أو من خلال رفع يافطات يدعو بعضها للمسخرة والاستهزاء، كي يساء للتظاهرات والمتظاهرين!. ومن الأساليب الخبيثة أيضاً، أن يجري دس قناني الماء مليئة بالكحول، واتهام المتظاهرين بكونهم سكيرين لا دين لهم!، أو تلفيق أقوال للكفر ، وبرفع يافطات اخرى كاذبة بان هولاء المتظاهرين قد سبوا الدين وتهجموا عليه، او تهجموا على هذا المرجع الديني الفلاني او غيره، مع بعض الصور وربما التسجيل الصوتي والصوري ( مقابل ثمن) ، لتأليب العامة ضدهم.

6 ـ في مراحل متداخلة مع هذا الحراك، يجري تكليف العملاء للمخابرات (وبالزي المدني) بتصوير الناشطين، وابداء التعاطف معهم، وربما اخذ معلومات منهم او من غيرهم، معلومات عن اسماءهم ومحال سكناهم، ومستوى حياتهم، وغيرها الكثير. حيث يوفر هذا الأسلوب خزين معلوماتي مهم للمخابرات. لذا ينبغي الحذر من اعطاء اي معلومة عن اي ناشط  مدني دون التدقيق، حتى وأن كان عبر وجوه تدعي وكالة انباء فضائية.

7 ـ في مرحلة لاحقة وبعد اصرار المتظاهرين على التظاهر، تبدأ القوى الخشنة  المليشياوية بالتحرك ميدانياً، عبر التهديد الشفهي اثناء التظاهر، او عبرارسال مظروف للبيت، او عبر تهديدات بواسطة الأيميل والمسنجر او غيرها. واخيرا اللجوء للاغتيالات، كمحاولة يائسة لوقف الأصوات الداعية للاصلاح وتغيير الأوضاع العجاف.

تبقى هناك الكثير من الاساليب  الخسيسة الدنيئة التي  تمارسها الأنظمة الأستبداداية سواء في ايران او غيرها، ويجري تقمصها مع الموروث البعثي لثقافة الكثير عندنا في اجهزة الدولة الأمنية، لا مجال لحصرها هنا. من قبيل زج البلطجية والشقاوات كاسري الاضرابات والتظاهرات .... وغيرها ، واخيراً ربما يكون لهم الأسلوب المفضل بانزال مليشياتهم العسكرية لساحة الصراع، وهذا مستبعد بتقديري ومرهون بصراع وطبيعة التنافس المليشياوي ذاته للزعامة والسيطرة من جهة، وطبيعة الوضع العراقي المحكوم بالتوازنات الأمريكيةـ الأيرانيةـ والأقليميةـ والدولية من جهة أخرى.

ليس امام قوى المجتمع المدني ،الأ الأستمرار في نضالها، وأن تزيد من زخم هبتها الشعبية في الضغط السلمي والمظاهرات لتغيير البناء الماحصصي الطائفي الفاسد للدولة، وتعديل الدستور، واقرار المواطنة العراقية وحدها دون غيرها، والمطالبة بكشف السراق بكل مفاصل الدولة وتقديمهم للقضاء. والمطالبة بالدولة المدنية الديمقراطية، عنواناً للتغير.

31ـ 08ـ 2015

  كتب بتأريخ :  الإثنين 31-08-2015     عدد القراء :  1518       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced