عن مدنية الاحتجاجات
بقلم : تحسين المنذري
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

لم يترسخ مفهوم في الحياة السياسية العراقية مثلما ترسخ مفهوم الدولة المدنية ، ليس فقط نتيجة لحجم الدراسات والمواد التي نشرت عنه بل أيضا نتيجة لممارسات دعاة المفهوم المضاد ، فمنذ عام 2003 والى الان دافعت أحزاب الاسلام السياسي عن مفاهيمها السياسية من خلال خططها المعدومة في مناهجها الحكومية وبرامجها السياسية الفاشلة والاهم عبر تكريس نظام المحاصصة الطائفة ـ الاثنية ،والذي تمكنت عن طريقه من تنمية مجموعة من الفاسدين سياسيا وإداريا وماليا بحيث خلقت منظومة فساد متكاملة تستمد بقائها وقوتها بتواجد شلة الفساد في مفاصل الحكم وإستمرارهم بنفس نهجهم وممارساتهم. حتى بات كل عمل تقوم به القوى المتنفذة في الحكم مرتبطا في الوعي الجمعي للشعب بالاسلام السياسي ، حتى وإن كانت بعض تلك الممارسات المشينة من أشخاص وكتل سياسية لا تستمد فكرها من الاسلام السياسي إلا إن وجودها الى جنب قوى السلطة المتنفذة يجعل من أخطائها محسوبةً على قوى الاسلام السياسي عند عامة الناس ، وتولد موقف رد فعل وشعور رافض لخطاب الاسلاميين في الحكم وتشكيك بكل ما يصدر عنهم حيث لم تسعف كل خطابات المسؤولين ومحاولات الظهور وكأنهم المنقذين للوضع لم تسعف أي ذا حاجة ملحة كانت أم مؤجلة ، وبقيت معاناة الناس كما هي في وضع أمني متردي وخدمات لاترتقى الى أدنى مستوى إنساني ، ووصل اليأس أوجه ،سيما مع العلاقة الطردية بين تزايد أخطاء الحكم الكارثية وتزايد مطاليب الناس  ، وصار البحث عن منفذ من محنة الوضع هاجس يومي للمواطن العراقي ، حتى جاءت حركة الاحتجاجات رافعة لواء الدولة المدنية كبصيص أمل لملايين المسحوقين خاصة مع شعاراتها المطالبة بالخبز والحرية والعدالة الاجتماعية. وقد حاولت جهات سياسية عدة "ركوب الموجة " خاصة تلك ذات التوجه الاسلامي والتي لاقت رفضا علنيا من قبل المحتجين وإبتعاد كلّي عن خطابها وشعاراتها. وحتى بعد تأييد المرجعية الدينية في النجف للحركة الاحتجاجية فإن الناس بقت تنظر الى مدنية الاحتجاجات فقط . إن الوضع بات في العلن صراعا بين دعاة الدولة المدنية وبين الحكام المتمترسين بنظام المحاصصة المقيت ، مع كل مايقف وراء هذا الصراع من تباينات طبقية ووجهات نظر سياسية وأفكار إقتصادية وسياسية بل وحتى ثقافية ، وفي وضع مثل هذا لابد للقوى والشخصيات التي تصدت واجهة الاحتجاجات أن تحافظ على هوية ماتصدت له وألا تنساق خلف شعارات تصب في الاخر بمصلحة قوى السلطة مهما كانت تلك الشعارات نبيلة ومهما كانت مناسباتها إنسانية عامة تخص المظلومين والمهمشين ، فالخيط هنا دقيق جدا بين أن تكون مع مطاليب الناس وبين أن تتبنى خطابا سبق للسلطة الفاسدة أن تبنته ، بين أن تحافظ على تشكيلة القوى التي تقوم بتلك الاحتجاجات وبين أن تسمح لقوى مازال بعضها في السلطة ومتهمة كبقية قوى السلطة بالفساد والرشى والتخندق الطائفي. إن المواطن العراقي يبحث الان عن وضوح الموقف والصراحة في التعامل مع قضاياه الحياتية والفصل بين من يريد مصلحة الوطن والشعب وبين الباحثين عن مصالحهم الضيقة حزبية أو كتلوية أم طائفية ، وتبقى الاشياء بمسمياتها كما هي لايمكن الخلط بين هذا وذاك فالمواكي الحسينية هي مواكب لاقامة الشعائر الحسينية حتى تلك التي تتبى مطاليب الناس وحتى تلك التي ترفع في العادة شعارات يسارية فإنها تبقى مواكب لاقامة لاشعائر الحسينية وليست شيئا آخر ، فلتكن الاحتجاجات مدنية لا تشوبها أية شائبة على صعيد الشعار والمشاركة والاهداف .

  كتب بتأريخ :  الجمعة 23-10-2015     عدد القراء :  1626       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced