الهجرة العالمية إلى فيينا: مرحلة جديدة من التسوية أم الحرب
بقلم : د. يحيى محمد ركاج
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

تخوض الدول والجماعات الحروب من أجل تحقيق هدف معين يتم غالباً بقوة السلاح أو بقوة التفاوض المدعوم بالنتائج المتحققة عسكرياً على الأرض، والتي تأخذ شكل الانتصار أو الوصول إلى أقل الأضرار. ويختلف تحقيق الأهداف غالباً باختلاف درجة الانتصار أو الإنكسار لكلا الأطراف، حيث يفرض المنتصر شروطه بالتفاوض، ضمن فرحة الانتصار، أو ضمن تسوية تُظهر الخاسر وكأنه حقق ما يريد. فيرافق عملية التفاوض حينها سيلاً عارماً من التصريحات والتهديدات التي لا تخرج عن كونها محاولة تضليل الرأي العام الذي تعمل العامة التي لا تعمل ولا تملك خبرة العمل بالحقل السياسي على صناعته، بتوجيه من الساسة من أجل مساعدتهم على اتخاذ قراراتهم أو إخراجهم من مأرثق الهزيمة في أغلب الأحيان. وبين تصريحات وتهديدات المنتصر والمهزوم تأخذ وسائل الإعلام دورها الفاعل في التضليل، والأمثلة والشواهد على هذه الحالات في التاريخ كثيرة جداً. تتكرر بين فترة وأخرى ضمن مشهد وآخر، لتتكرر اليوم في المشهد السوري. إذ لا يخرج المشهد السوري في حالته التفاوضية عن اللوحة المرسومة لعمليات التفاوض السابقة، ضمن محددات مختارة وضع أسسها صمود الشعب السوري وبسالة جيشه وحنكة قيادته في رسم سياساتها وتحالفاتها، فكانت اللقاءات السابقة في جنيف واحد وإثنين ولقاءات أخرى متفرقة ثنائية وثلاثية وأكثر أو أقل من ذلكـ تصب في بوتقة واحدة، قوامها بأن تحقيق شيء بسيط على الأرض مدعوماً بالآلة الإعلامية بما يوحي للعامة بأن هذا الطرف قد حقق الانتصارات المطلوبة، وأن الاستمرارية في تقديم الدعم لهذا الطرف من شأنه تحقيق المزيد من الانتصارات الكاسحة التي تجعله في كثير من الأحيان بمثابة الإله أو المنقذ للعامة التي غادرت بلادها فكرياً في سبيل أساطير العظمة الغربية. لقد اتفق المجتمعون في فيينا على بديهيات الأمور كما في كل مرة يجتمعون في أي مكان من الأرض الصغيرة التي تحتضننا، وكما في كل مرة أيضاً يفتقر اجتماعهم إلى حسن نية معلن تجاه الأمر المطروح بالاجتماع، فتخرج الولايات المتحدة الأمريكية بإعلان مشاركتها الحرب على الإرهاب في الأرض السورية بمستشارين عسكريين، بعد أن كانت تدعم الإرهاب نفسه الذي تنوي محاربته الآن. كما تتنطح العديد من الدول بمفرقعات إعلامية من التصريحات التي تُظهر تخبطها وتمردها لأنها قد تخرج من التسوية خالية الوفاض، ليبقى الباب مفتوحاً أمام احتمالات فيينا2 و فيينا 3 وفيينا 10 كما في حنيف، حيث: ما هو دور المستشارين الأمريكيين في سورية، وكيف يأمن الذئب على الغنم بعد أن انتهى عصر العمرين ابن الخطاب وابن عبد العزيز. من هو ضابط المعارضة التي سوف تفاوض وفد الجمهورية العربية السورية ما دامت العمليات العسكرية في أوجها. ما هي ضوابط الدول المنخرطة في الإرهاب على الأرض السورية بعد أن أصبح وجودها ككيان وحكومات وحكام مرتبط بالفوضى التي أحدثتها أمريكا وأذنابها. ألم يدرك العالم المتغابي أن أساس التسوية في سورية لا يمكن أن يكون لا في فيينا ولا في جنيف ولا في يالطا ولا في غيرها إلا في دمشق إن كان الهدف هو التسوية في سورية، وأن هذه الأسماء هي مكان التسوية العالمية بين القوى المتصارعة على السيطرة على موارد الأرض. لعل البند الأكثر جذباً في فيينا هو الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، في ضوء تواجد مستشارين أمريكيين هدفهم تدمير هذه المؤسسات كما عملوا في كل الدول السابقة التي تواجدوا بها. ختاماً من فيينا نقول: إننا أمام مرحلة جديدة من الحرب على سورية، تمتاز بكونها قد كشفت المستور حتى قبل وصول ديميستورا، وأصبح فيها الضرب من تحت الحزام هو الركن الرئيس، وأن لعبة السياسة والعسكر قد انتهت صلاحيتها من التداول على لسان العامة، لتصبح في دوري المحترفين، فعلى الجميع أن يدركوا أن العمل في المرحلة القادمة لتطوير وتنمية جيع النواحي الحياتية هو ذروة العمل السياسي الداعم للعمل العسكري في سورية والمنطقة برمتها، وأن دمشق هي القبلة والميعاد وهي مكان الحل والتسوية وأصل التسوية. عشتم وعاشت الجمهورية العربية السورية قلب العروبة النابض.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 02-11-2015     عدد القراء :  1980       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced