زخم الاحتجاجات واستمراريتها
بقلم : جاسم الحلفي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

لم أجد تفسيرا مقنعا لموقف بعض الزملاء الداعين الى وقف التظاهرات، من زملائهم المستمرين فيها. فهم كانوا من الداعين اليها، وسبق ان نشطوا فيها وعملوا ضمن تنسيقياتها. والذرائع التي يحاججون بها لا تصمد ازاء اتساع التذمر والسخط الشعبيين العامين، وعدم اكتراث السلطات للمطالب المشروعة. فيما تتعمق الازمة، وتلقي بثقلها على الطبقات والشرائح الاجتماعية ذات الدخل المحدود، وتسحق الملايين الذين يعيشون تحت مستوى الفقر.

بماذا يا ترى يمكن الرد على من يقول ان الاحتجاجات تستهلك طاقة القوى المدنية إن استمرت؟ او من يدعو الى وقف التظاهر بضعة اشهر «ثم نعاودها بزخم اكبر»!

على اساس مثل هذه المبررات، يكرر الزملاء المنسحبون الطلب من بقية زملائهم إيقاف التظاهرات والكف عن الدعوة اليها. هذا وهم من دون ريب يدركون ان حركة الاحتجاج ليست امرا ارادويا، يستطيع اي شخص او اي مجموعة او منظمة، تنسيقية كانت ام لجنة اخرى، ان يوقفه وينهي فصوله في الوقت الذي يريد. صحيح ان التظاهرة الاولى انطلقت من خلال دعوة اطلقها عدد من الشبان، لكن هذا لا يعني ان من أطلقها يستطيع ايضا، وحده وبإرادته، ان يتحكم في أهدافها وفي سقف مطالبها وشكل تنظيمها وامتداد افقها.

الحركة الاحتجاجية ليست منظمة مجتمع مدني تنظم نشاطا محددا، تدرس فيه الغاية والجهة المستهدفة والجدوى وما الى ذلك، وتقرر هيئتها الإدارية وحدها وبإرادتها، وعلى وفق برنامجها وشروط تمويلها، مدة هذا النشاط ونهايته. كما انها ليست مناسبة اجتماعية يقرر صاحب المناسبة مداها. وانما هي فعل يأتي ردا على أزمة متفاقمة، تترك تأثيراتها في جميع أوجه الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

انطلاقا من هذا الواقع لا يستطيع اي شخص مهما كان موقعه في حركة الاحتجاج، ان يقرر إنهاءها. لهذا لا يجد طلب انهاء التظاهرات أرضية صالحة للتداول والنقاش، سيما وان الأسباب التي دفعت المواطنين الى التظاهر ما زالت قائمة، بل وتتفاقم بفعل التردي في الوضع المالي الناجم عن السياسية الاقتصادية للحكومة، وتلقي أعباء جديدة على الناس واوضاعهم المعيشية.

اما المحتجون الذين لم يواصلوا المشاركة في الفعاليات الاحتجاجية، فان غيابهم لا يعني انهم اقتنعوا بان مطالبهم تحققت. بل ان قسما منهم ازداد غضبا على السلطة، وسخطا على عدم استجابتها الى الحد الأدنى من مطالب المتظاهرين. وحتى ان منهم من صار يرى ان الكفاح السلمي لم يعد مجديا مع سلطة تصم آذانها ازاء صيحات الاحتجاج، وتدير ظهرها لمطالب المحتجين. ومن ذلك يستنتج ان العنف هو اللغة الوحيدة التي تفهمها وتفرض عليها تلبية المطالب. سوى ان هذا الرأي لم يلق استجابة من جانب منظمي التظاهرات. هذا فيما نشط قسم آخر من الزملاء في ساحات أخرى، ضمن حركات الاحتجاج القطاعية والمناطقية.

ختاما .. ليس مفروضا بحركة الاحتجاج ان تحافظ، في كل الاحوال، على الزخم الذي ظهرت فيه ايام الجمع الاولى، وان تبقى تنزل الى الشارع باعدادها نفسها طوال اكثر من سبعة اشهر، هي عمر الحركة الاحتجاجية منذ انطلاقها.

انما يظل استمرار التظاهر بحد ذاته، سمة مميزة وعلامة فارقة لهذه الحركة الجماهيرية.

  كتب بتأريخ :  الخميس 11-02-2016     عدد القراء :  2046       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced