مقياس ريختر ومقياس العبادي
بقلم : د. خليل الجنابي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

هناك تشابه وإختلاف بين مقياس ريختر ومقياس السيد العبادي ، حيث يتم في الأول رصد الزلازل وشدتها وقوتها التدميرية على المنطقة التي تحدث فيها ، وفي الثانية يتم رصد الزلزال الإقتصادي والإجتماعي والثقافي والسياسي الذي حدث في العراق والذي أدى إلى تدمير كامل للبنى ( الفوقية والتحتية ) .

ويحمل المقياس الذي بدأ العمل به في عام 1935 اسم عالم الفيزياء الاميركي تشارلز ف. ريختر من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا الذي طوره من خلال الانماط التي اكتشفها من دراسته لاكثر من 200 زلزال سنويا.

وعلى ضوئه تم وضع درجات قوته التي تبدأ على التوالي ( دقيق ، صغير ، ضعيف ، معتدل ، قوي ، كبير ، خارق ) . ومن خلالها يمكن تسجيل مدى قوتها التدميرية التي تنحصر بين الدقيق التي لا يمكن أن يحس بها إلا الحيوان وبين الخارقة التي لم تحدث إلى الآن والتي تفوق قوتها على مقياس ريختر 10 درجات .

وإذا طبقنا مقياس العبادي الذي لو إلتزم بحصص الكيانات السياسية وأعطى لكل حزب حصته بما يملكه من مقاعد في البرلمان وأتى بكابينة وزارية مشابهة لما هو موجود ، ويكون التغيير في الوجوه فقط على غرار ( زيد بعمر أو بالعكس ) ، ففي هذه الحالة ستكون قوته ( مدمرة ) على المجتمع ، لأنه سوف لن يستطيع تقويم الإعوجاج الذي شمل كل مناحي الحياة وأدى إلى ( خراب البصرة ) .

وعليه سيكون هناك مضيعة للوقت وتأزم أكثر في العلاقات بين الأطراف المتصارعة على السلطة والمال والنفوذ ، وستدخل البلاد في متاهات يصعب الخروج منها .

أمام السيد العبادي خيار واحد لا غير ، هو إلغاء كل ما جاءت به المحاصصة الطائفية المقيته منذ عام 2003 ولحد الوقت الحاضر وما جاء على ضوئها من دستور ملغوم ومأزوم ، وهيئات غير مستقلة عديدة وقانون إنتخابي أعوج وقضاء منحاز ، ولعمري أنه مطلب صعب لا سيما وأن السيد العبادي ينتمي إلى حزب الدعوة أحد أركان العملية السياسية الذي يعمل على ديمومة حصته . كما ليس من الوارد أن نطلب منه التخلي عن حزبه الذي جاء به إلى سدة الحكم .

ورغم الضعف الذي يشكله الإعتماد على العبادي في إتمام هذه المهمة الخطرة ، إلا أنه الخيار المُتاح حالياً لو أنه تجرد في الوقت الحاضر على الأقل من بعض المعوقات التي تعرقل عمله ، ويحيط نفسه بكادر نزيه وكفوء وغير مُسيس ولا ينظر سوى للمصلحة العامة .

ليس هناك مستحيل في مختلف العلوم ولا سيما في العلوم السياسية والإجتماعية . لكن الشيء المستحيل هو النجاح في حالة إتباع نفس النهج والأسس الخاطئة السابقة والتي جاء التعامل بها طيلة السنوات العجاف الماضية .

لا بأس من إستشارة السيد العبادي لهذا وذاك من داخل حزبه ومن داخل العملية السياسية وخارجها ، لكن الشيء المطلوب أن لا تكون هذه الإستشارة مبنية على حس طائفي وحزبي ومصلحي ضيق ، ومتى ما كانت متجردة هدفها مصلحة الشعب والوطن سوف يُكتب لها النجاح ، وعداها ستكون إجترار لكل ما حدث ويحدث من أزمات وعقد وخراب ودمار ، وسيضيع الوطن وتضيع معه الأمنيات العظام في بناء دولة مدنية ديمقراطية ترفرف فوقها رايات المحبة والألفة والسلام بين كافة مكوناته القومية والدينية والمذهبية ، ويعود العراق مُعافى بشعبه وجيشه المدافع الأمين عن حدوده وأراضيه المستباحة من داعش وقوى الإرهاب والجريمة … لنبني العراق الجديد الذي طال إنتظاره .

  كتب بتأريخ :  الإثنين 22-02-2016     عدد القراء :  1725       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced