العراق.... رأي فيما يحدث
بقلم : تحسين المنذري
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

مع تسارع الاحداث في العراق اليوم ، مابين دعوة للاصلاح وليس للتغيير تمتد آخر موجة منها لأكثر من ثمانية أشهر، ومابين رفض من قبل القوى المتنفذة في الحكم ومحاولات إلتفاف ومماطلة من قبل بعض رموز الحكم، ومن ثم دخول قوة سياسية مؤثرة في الشأن السياسي والشارع العراقي على حد سواء، في اللعبة، محاولةً  تقليم أظافر قوة أخرى منافسة لها ومختلفة معها في الحيثيات وليس في التوجه الفكري العام ، وصولا الى حصر المشكلة في تغيير شخوص حكم وليس نظام حكم ! وإنتهاءا وليس نهاية الى مطالبات بتغيير طاقم الرئاسات الثلاث وإعتصام مجموعة من البرلمانيين والبرلمانيات بحجة الرغبة في تغيير الوجوه وصولا الى إنهاء المحاصصة الطائفية كما أعلنوا في البدء إلا إنهم تراجعوا بشكل ملفت لكي تتحول المطالبة الى إنهاء المحاصصة الحزبية فقط ، حيث إصطدم النواب المعتصمون مع ذواتهم عندما أرادوا طرح مجرد إسم بديل عن واحدٍ من الرئاسات الثلاث حتى عادوا الى المحاصصة الطائفية بحجة الحفاظ على حق المكونات العراقية في المشاركة في الحكم، في محاولة بائسة للضحك على الذقون، في حين إن المحاصصة الطائفية حين بدأت لم يطرح منظروها الا هذا الشعار هو فسح المجال لكل المكونات العراقية في المشاركة السياسية، ما جرّته تلك التقسيمات من رداءة في كل شيئ حتى مرحلة الاستعصاء هذه.

لقد غطت أحداث إعتصام البرلمانيين على شعارات ومطالب كانت الى الامس القريب جدا هي المتصدرة للحدث ، مثل حكومة التكنوقراط ، ومستقلين، وإختيارات الكتل ورغبة رئيس الوزراء ، وغيرها من العبارات التي ملأت أسماع الناس كالجعجعة لكنها بلا طحن، إختفت كل هذه المفردات ومدلولاتها مع هبة البرلمانيين المعتصمين، الذين يقولون عن عددهم بأنه أكثر من 170 في حين إن كاميرات قاعة مجلس النواب لم تستطع أن تصور ألا أقل من 130!! ويبدو إن فكرة الفضائيين إمتدت حتى في هذه اللعبة ، وإلا أين هؤلاء الاكثر من اربعين نائبا؟ والغريب حقا هي قدرة هؤلاء المعتصمين على تقمص أدوار متباينة فمن كان بالامس يمثل دور الشمر صار اليوم يمثل دور الحسين، الفاسد المخضرم وفي كل العهود يدعي تصديه المشهد لمحاربة الفاسدين ، وصاحبة نظرية 7مقابل 7 يتبنى لسانها الطويل الهجوم على المحاصصة والمحاصصين ، ويبارك لهؤلاء مهزوم ترسخ في عهديه الفساد وترسخت مفاهيم الطائفية وإستحدث هو شخصيا مبدأ لا أفضحك ولا تفضحني ، أو التستر على جرائم الاخرين مقابل التستر على جرائمه هو ورهطه، والاكثر غرابة إن النواب المعتصمين كانوا لحد الامس على طرفي نقيض فهم يمثلون كتلة ذاك الزعيم الفاشل الفاسد وكتلة ذاك الزعيم الديني الذي لم يدخل اللعبة إلا لكي يقلم أظافر الاول وكتلته الحزبية والبرلمانية! ويجري كل هذا في محاولة لخلط الاوراق وتشويه المشهد !! فما الذي يحدث؟ يبدو المشهد للوهلة الاولى مظلما وليس هناك من خيط يقود حيث مكان العقدة الاهم، لكن مع تأمل بسيط من قبل أي متابع يكتشف إن كل مايجري إن هو ألا تمسك مقيت وقذر بكراسي الحكم على حساب مصلحة الوطن والمواطن ، وسينتهي الامر بإعادة تقاسم لمهمات السرقة والفساد، وتوزيع جديد للادوار، لايفضي كل ذاك الا لخدمة المتنفذين وكتلهم وحواريهم، أما الوطن والمواطن فإلى الجحيم ، ولم يعد ينقصهم إلا أن يرددوا مقولة المقبور الاثيرة (فليخسأ الخاسئون )فهم من نفس مدرسة السفالة والخسة التي تخرج منها ذاك وأرّثهم أصولها وتطبيقاتها! ويقال في التدقيق بسجلات بعض هؤلاء يكتشف ببساطة إنتماءهم للتنظيمين الذي كان يرعاه المقبور والذي هم فيه الان، فأي هاوية سيصل اليها الانسان العراقي ؟ واي أمل بالتغيير قد أمسى بخبر كان . بل إن حتى من إدعى محاولة تدخله لايجاد الحلول رمى الكرة في الاخر في ساحة الاخرين مثلما تقدم رئيس الجمهورية بورقة حل من ست نقاط عمومية المدلول غامضة التطبيق ورماها على عاتق البرلمانيين والكتل السياسية والقادة الاجتماعيين ليجدوا السبل لتطبيقها، أما كيف فيبدو إنه هو أيضا لا يدري، أو يخاف أن يعلن عن خارطة طريق لتطبيقها فقد يمسه الضر! وهكذا ستبقى الكرة في حالة تقاذف وتبادل إتهامات بين هذا وذاك وصولا الى قتل جذوة الامل في التغيير والوصول الى حالة يأس مقيت، ذاك هو الهدف الاكبر لهؤلاء.

إن تجربة حكم الاسلام السياسي منذ العام 2003 والى الان غنية بالتجارب وتكشف في كل مرة مدى دناءة هؤلاء متبني الفكر الديني فلسفةً في الحكم ، فأحزاب وكتل سياسية تنتمي لنفس المدرسة الفكرية لكن بمراحل وبنايات مختلفة، تتصارع فيما بينها وتتخاصم وتصل حد القتال ، وتتقاتل أيضا، لكنها تعود بعد فينة كي تتصالح وتتحالف وترعى إحداهما الاخرى وتدافع عن مسمياتها، كل ذلك يكشف زيف الفكر الذي يتبنون، وزيف الادعاءات المخلصة بحب الوطن وزيف أي مظهر قد يخدم الانسان ، وصولا الى إن الصراع والتصالح كله يتم على أساس المصالح التي بدأت شخصية وفئوية  والتي توسعت فيما بعد لتمسي مصالح طبقية فكل من هؤلاء إنتمى لشريحة طبقية وبنى حوله ركائز تديم ذاك الانتماء وترعى مصالح تلك الشريحة الطبقية ، لكنهم جميعا يشتركون في إنتمائهم لنفس الطبقة وإن إختلفت الشرائح فالمصالح تبقى واحدة. مع وجود تباينات في الانتماء ليس على صعيد القادة بل على صعيد الجماهير المغلوب على أمرها في تأييد هذا وذاك، وهذا ما يتسق بشكل كبير مع فضاضة الفكر الديني قبل أن يتمركز الولاء طائفيا ومناطقيا بل وحتى عشائريا.

  كتب بتأريخ :  السبت 16-04-2016     عدد القراء :  2295       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced