لى ضفاف نهر دجلة في العاصمة بغداد، أتم المنتدى الاجتماعي العراقي أعمال موسمه الثاني تحت شعار “عراق آخر ممكن”. اتخذ المنتدى في هذا الموسم موضوع “السلم الأهلي” عنوان لجميع أنشطته وفعالياته التي حضرها أكثر من 2500  ناشطة وناشط من داخل العراق وخارجه. هذا فضلا عن عشرات المتضامنين الدوليين والذين تابعوا أعماله عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعن طريق المنتدى الموسع.

شهد هذا الموسم تنظيم أكثر من 170 نشاط مدني مختلف، وبمشاركة أكثر من120  منظمة وجمعية ونقابة وتجمع اجتماعي. تحدت جميعها الظروف الأمنية والسياسية غير المستقرة والتي تمر بها البلاد،  فضلا عن العاصفة الترابية وموجة الحر التي شهدتها بغداد خلال أيام المنتدى.

الافتتاح: تحية اللجنة الوطنية والتضامن الدولي

شهد نهار يوم الأول من تشرين الأول / أكتوبر فعاليات الافتتاح على حدائق أبو نؤاس، قرب تمثال شهرزاد وشهريار.وقدمت الناشطة الشابة دعاء نجم كلمة اللجنة الوطنية للمنتدى الاجتماعي العراقي، والتي حيت فيها انعقاد الموسم الثاني من المنتدى في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد، ومع استمرار التظاهرات المدنية التواقة لإصلاح وتصحيح المسار، مشددة على خطورة الموقف والذي يحتاج إلى مبادرات للسلام تحافظ على السلم والتعايش السلمي بين العراقيين.

كلمات التضامن كانت حاضر في حفل الافتتاح حيث، ألقت الصديقة اليسيا من منظمة جسر إلى الايطالية كلمة مبادرة التضامن مع المجتمع المدني العراقي، شددت فيها على وقوف النشطاء الدوليين مع زملائهم العراقيين في تحسين ظروف البلاد، متمنية النجاح لإعمال المنتدى، فيما أكدت الصديقة انيا فلر مدير مكتب مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية (الأردن – العراق) على ضرورة انفتاح المنظمات والنشطاء الدوليين على العمل مع زملائهم في العراق لما يمثله من بيئة خصبة لتحقيق نشاطات مدنية فاعلة تنفع المجتمع وتساهم في تقدمه، من جانبه قدم الصديق غراشيوم من المنتدى الاجتماعي الزامبي تحيات زملاءه للنشاط العراقيين لما يقومون به من دور جبار في تحدي الظروف الصعبة والاستمرار في الحياة، وأخيرا اختتمت كلمات النشاط الدوليين بكلمة للصديق يوسف حبش من فلسطين أكد فيها على وحدة قضية العراق وفلسطين وما يعانيه الشعبان من ظلم ومخاطر ناقلا تحيات زملاءه للعراق وأهله.

واستمر الحفل بوصلات غنائية لفرق شبابية تنوعت بين الأغاني الغربية والعراقية والعربية لتشيع أجواء من الفرح والسرور، وعلى جانب آخر من الحدائق كانت هناك مجموعة كبيرة من الأكشاك عرض خلالها العديد من النشاطات الخاصة بالمنظمات فضلا عن الأسواق الخيرية الهادفة لجمع التبرعات للنازحين والفقراء.

الحفاظ على السلم الأهلي الطرق لاستقرار الأوضاع

استمرت فعاليات المنتدى وعلى مدى يومي 2-3 تشرين الأول و منذ الساعة 10 صباحا، وشملت أكشاك عرض للمنظمات والحملات المدنية ومعارض فنية ومعارض صور، من جانب،  وأعمال الورش والندوات الخاصة بالمحاور والموضوعات التي تم طرحها للنقاش، من جانب آخر. ويصعب حصر كل الورش والنقاشات، لكن  أهم ما تم تداوله في المنتدى هو : مبادرات السلم الأهلي بشقيها المدني والسياسي (تنظيم اللجنة الوطنية)، التضامن الدولي ودوره (مبادرة التضامن)،  المرأة وصورتها في الدراما والسينما(منتدى الإعلاميات العراقيات)، إنقاذ نهر دجلة من سد اليسو (حملة إنقاذ نهر دجلة)،  الشباب ودروهم في تحقيق السلام (منظمة تموز للتنمية الاجتماعية)، الاحتجاجات الاجتماعية في العراق (مركز المعلومة للبحث والتطوير)، ورشة حوارية عن السلم الأهلي في العراق (المجلس العراق للسلم والتضامن)، النقابات ودور الجانب الاقتصادي في السلم الأهلي (نقابة  ذوي المهن الهندسية). الشفافية في الإنفاق الحكومي (المعهد العراقي للإصلاح الاقتصادي)، داء الهجرة والنزوح (منظمة نساء الرافدين)، دور النقابات في السلم الاجتماعي وإرساء الحريات والعدالة الاجتماعية (مركز تضامن الدولي مع المنتدى الاجتماعي العراقي)، تدهور الاقتصاد العراقي وأثره في واقع المرأة (رابطة المرأة العراقية) ندوة للتعريف بحملة بلابل البصرة (حملة بلابل البصرة)، وغيرها.

وسجل الموسم الثاني حضور متميز من النساء والبنات طيلة أيام المنتدى, وهو أمر يعكس الثقة الكبيرة التي توليها المرأة العراقية بالمنتدى والنشاط المدني. كذلك كان هنالك حضور متميز من الأقليات من الرابطة الازيدية ومن الجمعية الآشورية ومن ممثلين عن اربيل.

ومن الجدير بالذكر إن الأكشاك والمعارض الخاصة بالمنظمات والجمعيات استمرت بالعرض، على الرغم من الظروف الأمنية التي أدت إلى تعليق نشاط اليوم الثاني بسبب وجود التظاهرات في ساحة التحرير، مما أدى أيضا إلى تأجيل ماراثون بغداد للسلام لليوم الثالث، كما إن حصول عاصفة ترابية كبيرة أدت إلى تخريب اغلب الخيام والأكشاك الخاصة بالمنتدى، مما حذا بالمنظمين إلى استنهاض الهمم من اجل أعادة الموقع كما كان.

مارثون بغداد: نجري من اجل السلام في العراق

في اليوم الثالث وبعد إعادة أعمار الموقع الخاصة بالمنتدى، والذي تم تدميره بشكل كامل بسبب العاصفة الترابية، بدأت الورشة والندوات والأكشاك، فيما تم تنظيم الأمور النهائية من اجل انطلاق فعاليات ماراثون بغداد للسلام، والذي شارك فيه حوالي ٢٠٠ متسابقة ومتسابق كان على فئة 5 كيلومتر و 20 كيلومتر وبمشاركة بعض النشطاء الدوليين.

بأجواء من الفرح ركض المتسابقون على شارع أبو نؤاس ليتم في نهاية السباق بدأ أعمال حفل الختام الخاص بالمنتدى، وتوزيع الجوائز على الفائزين، والحفل أيضا تضمن كلمات للدوليين، حيث أكد الصديق نيكولا من منظمة رياضة ضد العنف الايطالية، على أهمية أقامت الماراثون لما سيساهم في بناء مجتمع مسالم محب للحرية، فيما أكدت الناشطة والصديقة نادرة بنت علي من تونس على استمرارية العراقيين بالحياة رغم المآسي التي تحيط بهم، ليتنوع بعدها حفل الختام بين مجموعة من الفرق الشبابية الموسيقية، كما شارك المايسترو كريم وصفي بعزف عدة مقطوعات على اله الجلو، ليختتم الحفل بصوت واحد “عراق آخر ممكن”.

وهذا وقد أقيمت العديد من الفعاليات التضامنية مع المنتدى الاجتماعي العراقي، في ايطاليا والنرويجي نظمها أصدقاء وزملاء هناك.

التوصيات الختامية لورشة المنتدى حول السم الأهلي والتعايش

أكدت اللجنة الوطنية للمنتدى بان هناك عدد من الجهود والمبادرات تتعلق بموضوع السلم في العراق، لكنها تقتصر على جمهورا محددا، هناك حاجة للتنسيق ما بين تلك الجهود وهناك حاجة لاستهداف جمهور أوسع، وإلى تنوع الجهود وتنوع الأدوات لتحقيق السلام. وفيما يلي أهم التوصيات بهذا الخصوص:

١-  موضوع المصالحة الوطنية لم يكن وفق برامج فعالة ولم يؤتي نتائج على ارض الواقع, بالتالي يجب إشراك النشطاء من داخل العراق ومن المجتمع الدولي في هذا الملف لتحقيق المصالحة.

٢-  الإصلاح السياسي احد أهم الوسائل لبناء السلام، ويجب إن يشمل الإصلاح مؤسسات الدولة الأمنية والخدمية، وعملية بناء عقد اجتماعي وتشكيل هوية وطنية عراقية.

٣- تعزيز الإرادة الشعبية التي تقوم على أساس التعديدية، والاحتكام إلى القانون والى الدستور الذي يعكس”العقد الاجتماعي”.

٤- ضمان حرية التعبير والإعلام الحر، وإطلاق الحريات العامة.

٥- تطبيق قواعد العدالة الانتقالية، وضمان الإنصاف لكل العراقيين وفقا للقانون، و بدون تمييز، وتأصيل مبدأ التسامح لتجاوز حالة الاحتقان.

عراق آخر ممكن … عراق السلام وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية