مجهولو النسب في العراق بلا أوراق ثبوتية حاملين خطايا أبوين غائبين
نشر بواسطة: mod1
الإثنين 06-05-2024
 
   
بغداد/ حسين حاتم/ المدى

في أحد تقاطعات العاصمة بغداد، يقف حاملاً صندوق المياه بيد وعلبة "كلينكس" بيد أخرى، تضاريس وجهه تبدو وكأنها لرجل عاش الويلات، لكنه بعمر 12 عاماً، أوس حازم (اسم مستعار)، الذي يتوقع انه ضحية علاقة غير شرعية دفعت به الى العيش كمتشرد في الشوارع.

بعد سؤاله عن هويته وسكنه، تخوف من الإجابة وقال، "لا أعلم من هو أبي ولا أدري من هي أمي.. ولدت وسط ناس غرباء، ولا اذكر من طفولتي غير التقاطعات المرورية".

حازم، وجد على باب أحد المساجد في العاصمة بغداد وتبناه رجل فقير يسكن بالقرب من المسجد، عاش ظروفاً مأساوية بدأت من استغلاله في التسول مع زوجة الرجل الذي تبناه، الى أن وصل الى مرحلة العمل بمفرده مقابل السكن والمأوى في بيت من تبناه، وفق روايات سمعها من جيرانه.

بلا أوراق ثبوتية

لم يتمكن الطفل حازم من التسجيل في المدرسة، وذلك بسبب عدم امتلاكه أوراقا ثبوتية، والتي شكلت له بمرور الزمن صعوبة في مراجعة المراكز الصحية، بالإضافة الى تأثيرها على حالته نفسه وشعوره بأنه غريب.

"ليس المهم أن تكون لي أوراق تثبت بأني مواطناً عراقياً، بقدر أن أعيش حياة حرة كريمة"، يقول حازم ويضيف في حديث لـ(المدى): "مستقبلي مجهول وضائع، لا اعرف الى متى أبقى اعمل كالمتسول في الطرقات".

مثل أوس حازم، حالات كثيرة غائبة عن الاعلام، وحاولنا التواصل مع مديرية الأحوال المدنية والجوازات والإقامة للحصول على حصيلة بمثل هكذا حالات وكيفية التعامل معهم، الا إننا لم نحصل على تعاون ورّد من قبل المعنيين.

فيما يذكر مصدر مسؤول في وزارة الداخلية رفض الكشف عن اسمه لـ(المدى)، أن "عدد الأطفال الذين ولدوا نتيجة علاقات غير شرعية قليل جداً ولم يصل الى مرحلة الظاهرة"، معتبرا أن الخوض في مثل هكذا تفاصيل يهدد الأمن المجتمعي!.

ويستبعد المصدر، وجود احصائية دقيقة بأعداد مجهولي النسب في العراق، فيما لفت الى أن هناك عادات وتقاليد اجتماعية تدفع العديد منهم لرفض الإعلان عن أنفسهم.

وفي العام 2014، قررت هيئة رعاية الطفولة التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية إطلاق صفة "كريم النسب" على من لا أبوين له بدلا من "مجهول النسب"، للتخفيف من قساوة الوضع بفقدان هوية الوالدين.

«ليست ظاهرة»

وعند الذهاب إلى هشام الذهبي، رئيس مؤسسة البيت العراقي للإبداع، وهي هيئة غير حكومية تأسست عام 2004 وتهدف إلى إيواء الأطفال المشردين والأيتام في بغداد، أردنا التعرف على تفاصيل أوسع، حيث قال الذهبي، إن "دور الدولة تقوم بعملية ضم للأطفال مجهولي النسب الذين لا تزيد أعمارهم عن سنة واحدة، قبل ان تتبناهم إحدى العوائل".

ويضيف الذهبي في حديث لـ(المدى)، أن "بقية الاعمار من سنة فما فوق، تستخرج لهم الدولة هويات (كريمي النسب)"، مبينا أن "الأطفال ذوي الاعمار التي لا تزيد عن سنة يُسجلون بأسماء العوائل التي تتبناهم".

ويتابع، أن "باقي الاعمار يسجلون مجهولي النسب، لكن هوياتهم الوطنية لا تختلف عن هويات العراقيين الاخرين"، مستدركا "لا أحد يعرف الفرق بين البطاقات سوى مصدر الهوية".

ويوضح الذهبي، أن "هناك من لديهم أمر قاض، وما يزالون بانتظار أمر ضم من قبل دور الايتام منذ عشر سنوات"، مشيرا الى أن "هذا دليل على أن مجهولي النسب، لم يصلوا الى مرحلة الظاهرة أو المشكلة الاجتماعية".

مجتمعات عشائرية

إلى ذلك، يرى مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية قاسم حسين صالح، أن "الأطفال مجهولي النسب يتعلقون بأهم قضيتين سيكولوجيتين في شخصية الفرد هما: (الهوية) و(تقدير الذات)".

ويضيف صالح في حديث لـ(المدى)، أن "الهوية لها دورها الاجتماعي، فالإنسان يولد بلا هوية، وتقوم العائلة بمنحه اسما، وتقوم الدولة بمنحه هوية شخصية يقدم بها نفسه للمجتمع بأنه فلان ابن فلان".

ويوضح، أن "الهوية دورها أكبر وأخطر في المجتمعات العشائرية، ففيها يتباهى الأفراد بانتمائهم للعشيرة، او للعائلة وانه من القبيلة الفلانية والعائلة الفلانية".

وبما ان الطفل من هؤلاء لا عائلة ينتمي لها ولا عشيرة تنتمي لها عائلته فإنه يشعر بأنه منبوذ اجتماعيا ومحتقر أمام من يعرف حقيقته، ينجم عنها ان (تقدير الذات) الذي يعني تقييم الفرد لنفسه وشعوره بالاحترام والقيمة والكفاءة، سيكون محتقرا لنفسه أيضا، بحسب صالح.

ويبين، انه "بتفاعل هاتين القضيتين السيكولوجيتين عند الطفل المجهول الهوية (اللقيط) فأنه يحقد ليس فقط على من كان السبب، بل وعلى المجتمع ايضا الذي ينظر له بدونية".

ووفق صالح، "الحقد يتنامى بحتمية سيكولوجية الى انتقام، هؤلاء الأطفال سيتوزعون حين يكبرون بين غالبية يتحولون الى مشروع مجرم، أو سارق، أو قاتل، او يوجه الانتقام لذاته بتعاطي المخدرات، او متسولين او ضائعين".

ودعا رئيس الجمعية النفسية العراقية، وزارة العدل بإيجاد طريقة لمنحهم الهوية من دوائر النفوس، والعمل والشؤون الاجتماعية برعايتهم في دور خاصة، وأن تسهم المنظمات الخاصة بالطفولة ومنظمات حقوق الإنسان بدورها المادي والتربوي والنفسي بإلقاء محاضرات تعدهم لأن يكون حالهم حال اقرانهم في تطوير المجتمع وبناء الوطن.

*كيف يتعامل القضاء مع "مجهولي النسب"؟

وتُعرف صحيفة القضاء العراقية، "مجهول النسب" بأنه الشخص الذي لم يلحق بابيه وأمه أو بأحدهما أو هو الذي لا يعرف أبويه أو أحدهما، ولم يرد تعريف له في المنظومة القانونية العراقية.

ووفق الصحيفة، فإن تنظيم أحوال الشخص مجهول النسب في هذه الحالة له اتجاهان، الأول قضائي المتمثل بالإجراءات التي تقوم بها المحكمة، والآخر الإجراءات الإدارية التي تقوم بها دائرة الأحوال المدنية وبعض الجهات التنفيذية مثل دور الدولة المودع فيها الحدث مجهول النسب وتختلف تلك الإجراءات تبعاً لعمره.

إذا كان الطفل صغيراً لم يتم التاسعة من العمر أو حدثاً أتم التاسعة من العمر ولم يتم الثامنة عشرة من العمر وعلى وفق حكم المادة (3) من قانون رعاية الأحداث رقم 76 لسنة 1983 المعدل، وكان أحدهم قد ثبت فقده للرعاية الأسرية فعلى قسم الرعاية الأسرية في دور الرعاية الاجتماعية التي ينظم أحكامها قانون الرعاية الاجتماعية رقم 126 لسنة 1980 المعدل أن تصدر هوية له، وأن يطلب من محكمة الأحداث استصدار قرار لإيداعه في إحدى دور الدولة.

وبحسب الصحيفة، إذا كان هؤلاء الصغار والأحداث لا يملكون وثائق تعريفية ولم يثبت وجود وثائق لهم تتولى دائرة الإصلاح ذلك الأمر وفق حكم المادة (32/أولا) من قانون الأحوال المدنية التي جاء فيها الآتي (على محكمة الأحداث أن ترسل بصورة سرية نسخة من القرار اللازم بتعيين اسم اللقيط أو مجهول النسب وتاريخ ومحل ولادته والمؤسسة التي آوته وتاريخ العثور عليه إلى المديرية العامة).

فيما بينت، أن المادة (20/أولا) من قانون البطاقة الوطنية نصت على أن (تقوم محكمة الأحداث وبصورة سرية بإرسال نسخة مـــن القرار الخاص باختيار اسم اللقيط أو مجهول النسب وتاريخ ومحل ولادته والمؤسسة التي آوته وتاريخ العثور عليه إلى المديرية وفقاً لنموذج يعد لهذا الغرض).

وإذا أكمل السابعة من العمر ولم يبلغ الخامسة عشرة عاما تصدر المحكمة المختصة حجة بناءً على طلب يقدمه وصي مؤقت تنصبه المحكمة لهذا الغرض فقط وعلى وفق حكم المادة (32/2) مكررة من قانون الأحوال المدنية والمادة (20/سادساً) من قانون البطاقة الوطنية.

وإذا بلغ الخامسة عشرة من العمر له الحق شخصيا في طلب إصدار حجة مجهول النسب ويقدم الطلب إلى محكمة الأحوال الشخصية المختصة بقضايا المسلمين او المواد الشخصية لغير المسلمين وتتم المباشرة بعد ذلك بعملية استصدار بطاقة له.

وتوضح، أن إجراءات المحكمة لإصدار حجة مجهول النسب تكون بعد تقديم الطلب أو ورود كتاب من دائرة رعاية الأحداث أو دور الدولة إلى محكمة الأحوال الشخصية أو المواد الشخصية لإصدار الحجة يتولى قاضي المحكمة التأشير عليها ومفاتحة الجهات ذات العلاقة للتحقق والتحري عن الشخص طالب الحجة أو المطلوب إصدار الحجة له، مثل دائرة الأحوال المدنية والدوائر الأمنية.

وإذا توصلت المحكمة إلى قناعة بان المطلوب إصدار الحجة له غير معلوم النسب لأبويه أو أحدهما فتختار له المحكمة الاسم الثلاثي وتعتبره مسلما وجنسيته عراقي وتحدد عمره بناء على تقرير اللجنة الطبية المختصة بتقدير العمر ثم تصدر المحكمة حجة مجهول النسب على وفق اختصاصها المشار إليه في المواد (300 ـ 301) من قانون المرافعات المدنية، وفق القضاء.

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced