ماذا بعد خراب التعليم في البصرة؟
نشر بواسطة: Adminstrator
السبت 21-08-2010
 
   
طالب عبدالعزيز
التراجع المريع في مستوى التعليم الحكومي وراء ارتفاع عدد المدارس الأهلية في البصرة إلى 160 مدرسة بين ابتدائية ومتوسطة وإعدادية. ولا يثير المؤسسة التعليمية خبر أن تحتل البصرة اليوم أكثر من %50 من عدد المدارس الخاصة في عموم العراق، القضية التي جعلت المستثمرين في مجال التعليم، ومنذ سقوط النظام السابق في ربيع 2003 حتى اليوم، يتسابقون على بناء المدارس الخاصة وتأسيسها.

الحاجة لـ 400 مدرسة جديدة
وحال التعليم الحكومي لا يسر العدو ولا الصديق ـــ وفق المسؤولين وأولياء أمور الطلبة، والناس أجمعين ـــ في مدينة تتدهور بأبنائها في مختلف مرافق الحياة، والتعليم بشكل خاص. وتشير الإحصائيات الرسمية إلى الحاجة إلى 400 مدرسة، ولسد حاجتها الفعلية ينبغي بناء ما بين 50 و60 مدرسة سنويا، فيما تشكو «التربية» من شحة في التخصيصات المالية، إذ ان الدولة تخصص %2 فقط لميزانية وزارة التربية، وهي ميزانية تشغيلية، ضمنها رواتب العاملين فيها، وتكاد تعجز الان عن بناء أي مدرسة. وهناك مشاكل عويصة جراء ارتفاع عدد الطلاب المتقدمين سنويا.

%100 نسب النجاح
وفيما تتراجع نسب النجاح في المدارس الرسمية ترتفع في الأهلية (الخاصة)، حيث بلغت في الصفوف المنتهية لـ«مدارس البصرة الأهلية» العام المنصرم %100، وفق مديرها كامل البدر. وفيما تعتزم محافظة ميسان افتتاح أول مدرسة أهلية للعام الدراسي 2010 ــــ 2011 تنوي إدارة مدارس الفراهيدي، الرائدة في التعليم الأهلي بالعراق، افتتاح مدارس لها في محافظات النجف والفرات الأوسط بعد نجاحها الكبير في البصرة، القضية التي دعت مديرها الدكتور توفيق مهدي ماجد لبناء جامعة الفراهيدي الخاصة في المدينة.

تزايد المدارس الأهلية
وحتى نهاية العام الماضي كان عدد المدارس الخاصة في البصرة 63، لكن العدد تضاعف هذا العام ليصل إلى 163، وفق نواف أحمد مسؤول شعبة التخطيط والمتابعة، عضو لجنة المدارس الأهلية في مديرية تربية البصرة، الذي أكد أن اشتراطات اللجنة الخاصة بقبول طلب التأسيس ومنحه أصبحت أصعب، نتيجة للتشديد في نوعية المباني وعدد الصفوف، ومتطلبات أخرى بينها الخضوع للمناهج التربوية والإشراف من قبل المديرية.
ويضيف أحمد: في عام 2009 ــــ 2010 أجازت اللجنة 25 مدرسة ثانوية، و23 ابتدائية و15 روضة أطفال، وتم رفض 47 طلبا لفتح رياض أطفال، لمخالفتها الشروط. هناك مدارس أهلية تتنافس فيما بينها على تقديم الأفضل، وهناك التي تحقق فيها نسبة نجاح %100، لكن ذلك لا يعني عدم وجود من أساء للتعليم الخاص طبعا.

مدرسة إيران «النموذجية»
وكان جبار أمين جابر، رئيس مجلس المحافظة، قد افتتح في ابريل بحضور السفير الإيراني في بغداد، كاظم قمي، المدرسة النموذجية المهداة من الحكومة الإيرانية الى مديرية تربية المحافظة، وذلك في حي الزيتون، والمؤلفة من طابقين، وهي واحدة من 16 مدرسة تبرعت إيران بإنشائها في العراق، تتألف من أكثر من عشرة صفوف كبيرة وغرف للكادر التدريسي ومختبرات، إلى جانب تجهيز دراسي كامل.
وفيما يتناقل السكان أخبار تقصير وسوء عمل لجان التربية في مجلس المحافظة السابق، فضلا عن إهدار ملايين الدولارات بأعمال غير موجودة أصلا (في اشارة الى مبالغ كبيرة جدا أهدرت لبناء مدرسة «نموذجية» أعطيت لمقاول قبل أكثر من 4 سنوات، ولم تنجز)، لم تقم هيئة الاستثمار بعمل جدي في هذا القطاع، في وقت يبلغ عدد طلاب الصف الواحد في غالبية المدارس الحكومية 90 طالبا، فضلا عن خلو بعضها من أبسط الخدمات مثل الماء البارد والحمامات والنظافة، ناهيك عن جلوس بعض الطلاب على الأرض لعدم وجود مقاعد كافية.

اشتراطات التربية
واذ تشترط لجنة التربية والتعليم على المتقدم بطلب تأسيس مدرسة ألا يقل عدد الصفوف عن ستة بمساحة لا تقل عن 5م×4م، مع وجود ساحة للمدرسة، وما لا يقل عن 3 حمامات فضلا عن قضايا أخرى لا تؤمن مديرية التربية أيا منها في مدارسها، لذا شرع غالبية أولياء ألامور بتسجيل أبنائهم في هذه المدارس الخاصة بالرغم من ارتفاع كلفة التعليم فيها. وعن أسعار التعليم في مدارس المربد الأهلية التي افتتحت هذا العام (2011/2010).
يقول رئيس مجلس إدارتها فائق الحجاج أنها الأنسب فنحن نقسط المبلغ إلى 3 أقساط، كل منها بحدود الـ 400 ألف دينار للابتدائية والمتوسطة والإعدادية وأسعارنا تتراوح بين المليون ومليون ونصف المليون لعموم المراحل.

خراب المدارس الحكومية
ويوعز سبب إقبال الطلبة على المدارس الخاصة إلى تراجع مستوى التعليم الحكومي، فضلا عن سوء المباني وانقطاع الماء والكهرباء عنها، لذا فان أولياء الأمور وبدلا من دفع مبلغ مليون ونصف المليون لمدرسين خصوصيين، فضلوا تسجيل أبنائهم في الخاصة لضمان نجاحهم أولا ومن ثم للكلفة المعقولة. ويضيف: فيما لا يتمكنون من متابعة ومعرفة مستوى أبنائهم ستصلهم بالإيميل تقارير سرية من المدرسة أسبوعيا، ولدينا صفوف مكيفة على مدار الساعة، ومقاعد نموذجية ووسائل إيضاح متطورة. خطتنا قبول 170 طالبا لجميع المراحل، على ألا يزيد عدد طلاب الصف الواحد عن عشرين، لذا فإن جميع الطلاب سيتاح لمدرس ان يسألهم في الحصة الواحدة. ومعلوم لدينا كتربويين أن الطالب إذا سئل ولم يجب، فإنه سيضطر الى القراءة في اليوم الثاني، لأنه سيحرج أمام الطلاب غدا وهكذا.

إغراءات وخدمات.. وانهيارات
وخلال تجوالنا في مباني المدارس الخاصة التقينا ليث الصالحي، رئيس جمعية المصابين بالسرطان في البصرة، الذي قال: بعض المدارس الخاصة قبلت مجانا الطلاب المصابين بالسرطان، وكذلك بالنسبة لأبناء الشهداء فقد تم قبولهم بنصف الأجور، وخصصت «مدرسة البصرة الأهلية» مثلا 13 مقعدا لهؤلاء. وكذلك اتفقنا مع الادارات على تخصيص مقعد دراسي في كل مدرسة خاصة للمصابين بالسرطان، وبعض المدارس قدمت دعما بنسبة %50 لأبناء ضحايا التفجيرات والشهداء والسجناء السياسيين. وتعاني مديرية التربية من مشكلة مستديمة، إذ إن أكثر من مدرسة من التي بنيت مطلع القرن الماضي تنهار سنويا، أو تصبح خارج الخدمة، ويضاف طلبتها الى المدارس المجاورة، المزدحمة أساسا، وهكذا فإن المدارس الخاصة-يقول الحجاج- تخفف الزخم الحاصل في مديرية التربية : ونحن نقدم وجبة بسيطة للطالب مثلما نتحمل عن ولي أمره عملية نقله من وإلى المدرسة، القضية التي لا يمكن أن تقوم بها التربية، لا اليوم ولا بعد 20 سنة.

التعليم بضاعة
وفي فلسفة المجتمع فإن «التعليم بضاعة»، يقول الدكتور عادل الثامري، المدرس في جامعة البصرة: بعض المدرسين في الخاص لا يعلم بدرجة الطالب الذي لديه، لأن إدارة المدرسة تضع الدرجة، من أجل الحصول على نسبة نجاح عالية، على حساب المعرفة طبعا، وهذا لا يعني أن تجربة التعليم الخاص خالية من العيوب. وعما إذا كانت المدارس الخاصة تستقبل المدرسين الجدد يقول الثامري: معظم خريجي السنوات الأخيرة في البصرة وعموم العراق، غير مؤهلين ليكونوا مدرسين، تعوزهم الخبرة، لذا فإن الخاصة تعتمد وبنسبة كبيرة على المتقاعدين، أو على الذين لا يعملون في الحكومة، بل وهناك من يشترط عدم عمله فيها أصلا.

هيمنة الأحزاب الدينية
ويقول خليل عبدالله، أستاذ مادة التاريخ في إحدى المدارس الأهلية: من وجهة نظر تدريسية فإن تراجع التعليم الحكومي جر إلى تراجع في عملية بناء المجتمع، وهيمنة الدولة شبه الدينية منذ سقوط النظام السابق على قطاع التعليم أدت إلى إنتاج نمط تعليمي متعثر، فقد تراجعت قيم تربوية كثيرة.. وهذه تركة ثقيلة تواترت منذ الحرب مع إيران. هناك نزوع غيبي، طائفي، عنصري أحيانا ربما في بعض المناطق ذات الأعراق المتعددة، تعلمه الطلاب من مدرسيهم، وقد تراجع معه مفهوم المواطنة والبلاد والتقدم والتحصيل العلمي.

التعليم أولا
ويضيف: المدرسة الخاصة غير معنية بالعطل والمناسبات الطائفية، لكن الحكومية، وبحكم هيمنة حزب الدعوة مثلا على الوزارة فهي تسعى، أو لا تمانع في اشتراك الطلاب في مراسم العزاء أو ولادات ووفيات أئمة الشيعة، وكذلك بالنسبة للمناسبات القومية وغيرها، لذا فإن جزءا من مسؤولية بناء التعليم الصحيح يقع على المدارس الخاصة.
وعلى غرار ما هو معمول به في كردستان والبلاد العربية، هناك تطلع جاد من قبل التربويين والمشرفين والمعنيين بالتعليم إلى قيام الدول الأجنبية (الولايات المتحدة وبريطانيا.. وغيرها من الدول الأوروبية) ببناء مدارس لها في العراق، بعد خيبة الأمل الكبيرة التي يتحدثون عنها، وواقع التعليم اليوم، لأن الفساد والإهمال من ناحية وسوء وانحراف إدارة التعليم عن نهجها الذي تأسست من أجله من ناحية ثانية قادت العملية إلى الهاوية بحسب تعبير أحدهم.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced