يُعد تعديل قانون الأحوال الشخصية، الذي دخل حيز التنفيذ في 17 شباط الماضي، تراجعاً وانتكاسة على مستوى حقوق النساء والفتيات، ويؤدي الى تعريضهن لمزيد من الانتهاكات، ويُشكل مؤشرا خطيرا على تراجع العراق في تنفيذ التزاماته الدولية. فهو يضع تأسيس الحياة الزوجية بين مطرقة المدونات الشرعية وسندان أنظمة قانونية متباينة تستند إلى الطائفة، ما يشكل اخلالا بمبدأ المساواة أمام القانون وفق المادة 14 من الدستور العراقي، ويتسبب بتأثيرات عميقة على المجتمع العراقي، من خلال تقليص استقلالية النساء والفتيات، وقدرتهن على اتخاذ قراراتهن بشأن الزواج والطلاق والميراث.
بعد اكثر من 66 عاما من صدور قانون الأحوال الشخصية المذكور، الجامع للعراقيين والضامن لحقوق النساء والاسرة، وغير المتعارض مع احكام الشريعة بعكس ما يروّج عنه بشكل مشوه. ورغم الحديث عن بعض الخطط والاستراتيجيات الوطنية التي تتضمن بعض التعديلات والضمانات الايجابية، إلا أن قانون التعديل يشكل خطرا على حقوق النساء والفتيات.
أين العراق من التزاماته الدولية من معاهدات واتفاقيات؟ وكيف سيواجه التداعيات والمشاكل المجتمعية، مثل تكريس ظاهرة تزويج القاصرات، فقدان الأمان الاجتماعي للأطفال ضحايا الطلاق، وتعدد الزوجات خارج المحكمة. فضلا عن حضانة الأطفال التي وضعها التعديل رهن المدونات الفقهية، التي تسلب حق الام في الحضانة وتجعل الاطفال يفقدون حنان الأم. أما بالنسبة للإرث، فتعديله وفق المدونة الفقهية يحرم الزوجة من ميراث زوجها في أصل العقار، ليكون ميراثها من الأموال المنقولة فقط. وهذا يشكل مخالفة شرعية ودستورية، وتنتج عنه مشاكل أسرية مستعصية بين الأبناء والأمهات، وشعور بالحرمان، ما قد ينتهي بالأمهات الى الإقامة في دور المسنين. ويوسع التعديل نفوذ رجال الدين على حساب المؤسسات القانونية، ويسبب إرباكًا للدولة، ما يشكل امتهانا لكرامة وحقوق المرأة بشكل عام، ويزيد من تعميق التفاوت والتمييز في المجتمع.
طريق الشعب