توفير فرص العمل.. بين الادعاءات والواقع
بقلم : د. إبراهيم إسماعيل
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

تشير الاحصائيات الرسمية إلى أن عدد العمال في العراق قد تجاوز 15 مليون عامل، إضافة إلى أعداد كبيرة، مختلف عليها، من العمالة الاجنبية. ورغم إقرار السلطة التشريعية لقانون العمل رقم 37 لسنة 2015، والذي يعّد متقدماً في تنظيم العلاقة بين أصحاب العمل والعمال، وتحديد حقوقهم والتزاماتهم، ومصادقة مجلس شورى الدولة على قانون التقاعد والضمان الاجتماعي بعد مرور عام كامل على تشريعه، فما زالت الطبقة العاملة تعاني من مشاكل لا حصر لها، تتعلق بضعف الرقابة على تنفيذ القوانين، والمنافذ الكبيرة التي يوفرها الفساد للتهرب من الالتزام بها، وضعف الثقافة القانونية لدى أغلبية الناس، وتخلي بعض العاطلين عن حقوقهم القانونية مقابل الحصول على فرصة للعمل، مهما كانت قساوة ظروفها وشروطها، جراء ندرة هذه الفرص في ظل قلة المشاريع التنموية، إضافة إلى ما يضمره المتنفذون وأركان الطغمة الأوليغارشية من رفض لدور وحقوق الشغيلة، رغم ادعاءاتهم بنصرتها، وهي ادعاءات تخالف علناً حقيقتهم. وتبقى البطالة التي بلغت معدلاتها 16.5 في المائة، المشكلة الأخطر التي تعاني منها طبقتنا العاملة، وهي معدلات تزداد جراء فقدان الآلاف لفرص العمل وتدفق آلاف آخرين لسوق العمل كل عام في بلد يمثل الشباب ثلثي سكانه.

إصلاح القطاع الحكومي

وإذا كانت الدولة قد تحولت إلى أهم رب عمل في البلاد منذ الستينيات، فإن اقتراب نسبة العاملين في القطاع الحكومي من 40 في المئة، لم يجعله متخماً بالعمالة وأكثر مستهلك لأموال الموازنة والأقل انتاجاً قياساً بباقي القطاعات فحسب، بل وعائقاً أمام خلق بيئة استثمارية تساهم في توفير فرص عمل مجدية وتخفف من معضلات الاقتصاد الريعي.

ويشير تقرير لمنظمة العمل الدولية، صدر قبل عامين، إلى أن الحكومة تسيطر على ثلث قطاع التصنيع، وهو الثلث المهيمن والأهم من حيث حجم الاستثمارات، وإن كان الأقل ربحاً في بعض الأحيان وسبباً في حدوث خسائر كبيرة تسبب ارتفاع الإنفاق الحكومي. ولا يشكل هذا الأمر ذريعة للخصخصة الفاشلة كما يسعى البعض لاستثماره، حيث يمكن معالجته بتفعيل دور الدولة في خلق فرص للشراكة الاقتصادية بين الشركات اﻟوطﻧﻳﺔ واﻟﺷرﻛﺎت الخاصة المحلية والأجنبية، بحيث تكون الحكومة ضامنة لوجود شراكة متكافئة بين قطاع الدولة والقطاع الخاص الوطني والشركات العالمية العملاقة، إضافة إلى زيادة معدلات الادخار الوطني، عبر تقليص الاستهلاك والاستيراد غير المحدود، وتجنب الاهتمام بالكماليات، وتعديل السياسات التشغيلية، التي تضخ بطاقات كبيرة إلى ساحة البطالة المقنعة، وتحويلها إلى ساحة الإنتاج، واستبدال الصرف غير المجدي اقتصادياً إلى صرف على مؤسسات إنتاجية تخلق المزيد من الوظائف وتساهم في تنويع الاقتصاد العراقي، حيث آن الأوان لإعادة هيكلة الاقتصاد والتركيز على الجانب الإنتاجي وليس الجانب المالي، أي التخلص من خطط قيام اقتصاد ريعي/خدمي كما حدث في أوربا الشرقية في التسعينيات وأثبت فشله. كما لا بد من إيقاف هروب الأموال من العملية الإنتاجية وتقنين حرية التجارة المنفلتة، التي خلقت منافسة غير متكافئة مع الإنتاج المحلي، مما وجه ضربة قاصمة للصناعة والزراعة وبالتالي للسياسة التشغيلية، ونسف عملية التراكم الرأسمالي والتنمية.

قطاع خاص مهم ولكن!

إن ما يعانيه العمال في القطاع الخاص، من زيادة في ساعات العمل وقلة الإجازات مدفوعة الأجر وعدم الحصول على الحق في التعويض وضعف التزام صاحب العمل بالضمان الاجتماعي لشغيلته، وهو ما يبقيها تحت وطأة التهديد بالإقصاء التعسفي والشعور المتواصل بالضيم، لا يحجب الدور التنموي المهم للقطاع الخاص، ومساهمته في توفير فرص عمل لجموع العاطلين، شريطة خضوع مؤسساته للقانون والرقابة الحقيقية.

ورغم مرور أكثر من نصف المدة المقررة لتطبيق استراتيجية تطوير القطاع الخاص (2014-2030)، فإنه لا يزال عاجزاً عن الإسهام في تقليص البطالة، حيث لا يعمل فيه سوى أقل من 20 في المائة من الأيدي العاملة، التي تصل العمالة المؤقتة وغير المنتظمة منها لخمسة ملايين شغيل. كما لا تزال مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي متواضعة ولا تتعدى 1.77 في المائة، ولا يمثل عدد العاملين في المنشآت الصناعية المصنفة كبيرة ومتوسطة وصغيرة، سوى أقل من 0.4 في المائة من عدد سكان العراق، فيما لم ترتفع حصة رأس المال الخاص في التنمية الوطنية حتى الان، مثلما سبق ووعدت الحكومة بذلك في استراتيجيتها المذكورة.

إن العمل على إقامة علاقات تكامل بين قطاع الدولة والقطاع الخاص، وإطلاق مبادرة لتطوير مختلف أشكال الملكية، العامة والخاصة والمختلطة والتعاونية، وتخصيص حصة مهمة من الريع النفطي للاستثمار الصناعي (تمويل الدولة عبر قروض ميسرة، دعم التصدير، تخفيض الضريبة، الأرض.. الخ)، سيسهم في تطوير هذا القطاع وخلق المزيد من فرص العمل وتحقيق تنمية مستدامة.

العمالة الأجنبية

تشير بعض التقارير إلى أن سوق العمل في العراق بات مغرياً للعمالة الأجنبية، رغم كل المشاكل التي يعاني منها، الأمر الذي يظهر جلياً في تدفق العمال من الدول الفقيرة وبصورة غير شرعية، حتى فاقت أعدادهم المليون شخص، في وقت لم تمنح فيه السلطات سوى 51 ألف إجازة عمل أصولية. ويبدو وحسب التقديرات الرسمية، إن 85 في المائة من هؤلاء هم من العمالة غير الماهرة التي تكلف قيمة التحويلات السنويَّة لهم ما لا يقل عن ملياري دولار.

وفي إطار من التضامن الأممي بين شغيلة العالم واعتماداً على المصلحة الوطنية ذات الجوهر الانساني، لابد من معالجة أوضاع العمالة الأجنبية بما يتناسب والحاجة الفعلية والفنية لخبرتهم وعدم تعريضهم للاستغلال والتعسف وضمان قانونية وشرعية تواجدهم في البلاد.

طريق الشعب

  كتب بتأريخ :  السبت 03-05-2025     عدد القراء :  57       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced