حال العراق حال \" السدانة \" بالماء
بقلم : علي عرمش شوكت
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

"السدانة " لمن لايعرفها هي الحاوية التي تصنع من الطين لكي يحفظ فيها الفلاحون الغلال في جنوب العراق، ولكنها لا تنجو من المخاطر، بل تشكل كارثة عندما تحيط بها المياه في حالة السيول والامطار او غيرها، فتصبح قاعدتها طيناً رخواً ولكن تبقى قائمة غير انها في أول هبة رياح تنهار ويذهب معها ما كانت تحتويه، من قمح ومحصولات مدخرة أخرى. مما غدا الفلاحون ياخذونها مثلاً على أحوالهم الآيلة للانهيار، فيقولون: " إن حالهم حال السدانة بالماء " بالمختصر المفيد أن المظهر لا يمثل الجوهر في معظم الاحوال.

إن عراق اليوم هذه حالته التي يرثى لها، حيث ساحة وجهة بغداد تعج ببناء العمارات وشوارعه تملؤها السيارات الفارهة، غير أن ذلك لم ولن يدخل في مربع عامة الشعب وبخاصة الفقراء على الاطلاق، انما هي عبارة عن مظاهر حصرية للسراق وأغنياء السلطة.. ومن غبار هذه البهرجة المزوّقة المنبعثة من لدن المستفيدين من النظام السياسي العكر، تصدر تصريحات من مرتزقة النظام يمكن اختصارهم بـ عالية نصيف ـ وغيرها، يخجل منها الأنسان السوي حتى من سماعها، فحواها بأن العراق متطور ومتقدم ولا توجد فيه معاناة لدى الناس. والأدهى من ذلك توصف النائبة عالية نصيف ثوار تشرين بالإرهابيين.. هذه أنموذج من فلول البعثيين المتلونين الذين التحقوا بالاحزاب الحاكمة. إن هؤلاء لا يشعرون حقاً بأحوال الآخرين من أبناء جلدتهم لكونهم مصابين بغشاوة التخمة الزائدة، منطلقين بالمقارنة مع أحوالهم السابقة عندما كانوا خارج الحكم، فيرونها الأن فردوساً، وحسب ظنهم الخرافي بآن ـ الرب الجليل ـ قد قصدهم بها دون غيرهم.. وخلاصة تبريرهم المخادع لهذا التفاوت الطبقي في المجتمع ـ بأن الله يرزق من يشاء..

ومما هو مدرك ومعلوم ان اي تفاوت بين طرفين يعيشان في مكان واحد لابد أن ينتج صراعاً يصل في ذروته إلى حالة التناحر، بين مدافع عن سطوته ونعيمه، وبين مهاجم رافضاً للجور وللتسلط. الأمر الذي سيؤدي بالمطلق الى انتصار المهاجم في الأغلب، الذي هو أكثر عزماً وحركة نحو التغيير.. اما المدافع ومهما تشبث سينكسر لأن الدفاع غالباً ما يضنيه التراكم النوعي للغضب ومرور الزمن وتقلبات احكامه، لكونه في حالة مراوحة، بمعنى يخلو من العزم وحراكه يقتصر على مدى ظله. اما المهاجم فهو عكس ذلك سيما وان معركته حياتية، بمعنى من المعاني النهوض من تحت قمقم الموت البطيء، وهذا ما يطلق عليه في علم السياسة الصراع الطبقي، الذي نشاهده اليوم قد تراكمت عوامل ومباعث نشوب ثورته في بلادنا، الذي قد غدا حاله حال " السدانة " بالماء بفعل التفاوت الطبقي والاجتماعي، والفساد المطلق الذي انتجه نظام المحاصصة اللصوصي، وكان التاريخ قد سجل وقائع مارستها وشهدتها الشعوب، التي كانت واقعة تحت نير التسلط والدكتاتوريات الفاشية التي هيأت عوامل موتها كما يجري الآن.

إن ثمة ثلاثية فاعلة منبعثة من داخل النظام السياسي الحالي، تشكل آفة موت محقق والمتمثلة بـ أولاً: التناقض الداخلي بين اغلبية الناس وبين نظام سياسي منزوع الثقة. ثانياً: الجهل الإداري وفوضى التصرف بالمال العام الذي أنتج إفلاساً وفشلاً وفساداً لا مثيل لهم في العالم.. ثالثاً: أحوال معيشة الناس المصابة بالتردي المتراكم المنتج للغضب الحانق على من يؤذيهم ويجوّع أغلبهم بالمقابل تبذير أموالهم جزافاً، والتغاضي عن تدني أحوالهم المعيشية.. وإرخاص سيادة البلد ارضاً وماءً وسماءً.. ولابد ان تحسب العلة القاتلة التي تتمثل بالذين يعيشون حال القبّرة العمياء " عصفور بري صغير " التي تفتح منقارها للهواء منتظرة، لعلة الرياح تأتيها بجرادة او أية حشرة نافعة لتسقط في جوفها وتسد رمقها، لحين أن تموت جوعاً وعطشاً.. اؤلئك هم الجالسون على التل في كل الأحوال والظروف المقاطعون للانتخابات المنتظرون للفرج!!

  كتب بتأريخ :  السبت 17-05-2025     عدد القراء :  39       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced