البطالة لأبناء الكادحين.. والمناصب لأبناء الطغمة.. العدالة المغيّبة
بقلم : جاسم الحلفي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

حين يُحرم أبناء الكادحين من أبسط فرص العمل، وتُوزع المناصب كغنائم بين أبناء الطغمة الحاكمة، تغيب العدالة .. فيرتفع صوت الشارع محتجاً. وقد غطت "طريق الشعب" في عددها الصادر امس الأول الثلاثاء 2 أيلول 2025، أخبار سلسلة التظاهرات والوقفات الاحتجاجية، التي كان عنوانها الأبرز المطالبة بفرص العمل. حيث تدفق الخريجون على الساحات العامة، واحتج أهالي المناطق التي اجتاحها الجفاف، وتظاهر موظفون وعاملون في قطاع النفط مطالبين بتثبيتهم على الملاك الدائم. ولكن بدل أن تنصفهم الحكومة وتستجيب لمطالبهم المشروعة، كان الاعتقال هو الجواب، وكأن الحل الأمني هو الأداة الوحيدة المتبقية لدى السلطة. وهو مشهد يتكرر منذ سنوات: حكومات عاجزة، وشباب يطرقون أبواب العمل فلا يجدونها الا موصدة.

لم تعد البطالة في العراق مجرد رقم في تقارير الإحصاء، بل تحولت إلى محرّك لغضب اجتماعي متصاعد ووقود للتظاهرات. شباب ينزلون إلى ساحات الاحتجاج للمطالبة بفرص عمل تحفظ كرامتهم، فيما المناصب والوظائف توزّع كما الغنائم بين أبناء الطغمة الحاكمة والنافذين، ليشغلوا المواقع المهمة في المؤسسات السيادية وبضمنها التعيين كسفراء ودبلوماسيين. وهنا تتجسد الفجوة الفاضحة، فأبناء الفقراء يطاردون الفرص الضائعة، بينما أبناء الطغمة يتوارثون الامتيازات كأنها حق طبيعي.

العدالة الحقيقية تعني أن تتساوى الفرص وأن تُرفع الحواجز أمام الفقراء، لا أن تُصادر حقوقهم لصالح أبناء السلطة. لكن الواقع يسير عكس هذا تماماً، فتتسع اللامساواة، ويتفاقم الفقر، وتتحول الوظائف إلى ملكية حزبية وعائلية، فيما يُترك المهمشون لمصير البطالة واليأس أو لقوارب الهجرة. وحين يخرج هؤلاء إلى الشارع محتجين، يُواجهون بالقمع والاعتقال، وكأن المطالبة بالحق جريمة، والدفاع عن الكرامة تهديد لـ"هيبة الدولة".

في ظل نظام سياسي محكوم بالمحاصصة والطائفية السياسية والريع النفطي، بات الفضاء العام في العراق مسدوداً. فمؤسسات التمثيل الديمقراطي فقدت مصداقيتها، والنقابات المستقلة أُضعفت، والشارع أُغرق في سرديات الخوف والهويات الفرعية. ومع ذلك، ورغم كل هذا الانسداد، ظل المجتمع ينبض بالحياة. وانتفاضة تشرين، والحركات العمالية، والنسوية، والشبابية، كلها دلائل على أن الناس العاديين حين يصبحون جماعة واعية بذاتها، يشقّون الطريق نحو التغيير.

لقد أثبتت التجربة العراقية أن التغيير لا يأتي من النخبة الحاكمة ولا من مؤسساتها المعطوبة، بل من إرادة الناس. فالحركة الاجتماعية ليست شعاراً ولا ومضة عابرة، بل مشروع عميق رغم بطئه، يعيد ترتيب أولويات المجتمع، ويمنح الأمل لمن سُلب منه الصوت. إنها وعد التاريخ الذي يُكتب من الهامش، لا من قصور السلطة.

الكرامة لا تُمنح من فوق، بل تُنتزع في ساحات الاحتجاج. وحين تُصادر العدالة في المؤسسات، تستعيدها الجماهير في الشوارع.

المصدر: طريق الشعب

  كتب بتأريخ :  الخميس 04-09-2025     عدد القراء :  30       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced