الكثير من القوانين التي صدرت عن الحكومات العراقية، خلال أكثر من قرن من الزمن، شملت المؤسسات الرياضية مثل اللجنة الأولمبية الوطنية، والاتحادات الرياضية، والأندية الرياضية، وقانون الأندية الرياضية العسكرية، وقانون المنح للأبطال والرواد، وقانون البارالمبية، وقانون الاحتراف وغيرها.
وتسعى رئاسة الوزراء اليوم إلى تشكيل لجنة لغرض إصدار القانون الموحد للرياضة العراقية، وقد شكّلت لهذا الغرض لجنة برئاسة مستشار رئيس الوزراء لشؤون الرياضة الدكتور إياد بنيان، وضمت مجموعة من الشخصيات الرياضية تمثل مجلس الوزراء، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، ووزارة الشباب والرياضة، ومجلس شورى الدولة، وغيرهم. ومع ذلك، لم تتضمن اللجنة عضوية ممثل عن البرلمان، رغم أنه يعدّ جهة أصيلة في تشريع القوانين والأنظمة التي أُقرت في الحقب الماضية، وهو ما يثير التساؤلات حول شمولية تمثيل هذه اللجنة وفكرة القانون الموحد للرياضة العراقية.
ونؤكد هنا أن القطاع الرياضي منقسم حول فكرة القانون الموحد إلى قسمين: مؤيد لهذا القانون ومعارض له، وذلك بحسب المواقف والصلاحيات. فهناك من يرى أن هذا القانون سيُقيّد بعض الجهات ويمنح صلاحيات أوسع لأخرى، وهو ما يحدد مواقف الأطراف المختلفة.
إن صدور قانون موحد يحكم المؤسسات الرياضية سيدفع هذه المؤسسات إلى التقدم والإبداع وتحقيق الإنجازات، ويحد من ظهور الطارئين والمتطفلين على العمل الرياضي. وهذا ما نسعى إليه نحن أبناء الرياضة وعشاقها، من أجل قيادة القطاع الرياضي بشكل صحيح وتحجيم الدخلاء والطارئين. إن إصدار القانون الرياضي الموحد سيساهم في توحيد عمل المؤسسات الرياضية، ويحول دون تشتته، ويوحّد القرارات الرياضية، كما يؤدي إلى وحدة العمل في الوحدات الرياضية بمختلف اتجاهاتها التي تسهم في خدمة القطاع الرياضي. كما سيمنع التقاطعات بين المؤسسات والدوائر المختلفة التي تسعى لتنفيذ مهام رياضية موحدة، وهو ما يؤدي إلى عمل رياضي منتج ومفيد للرياضة، وداعم لأهدافها وتوجهاتها ووحدة رؤاها، بعيداً عن التنافر وتعدد التوجهات، وبما يعزز وحدة الإرادات، وهو ما يحقق أهداف الرياضة وتطلعاتها المستقبلية.
إنّ مساعي وأهداف البيت الرياضي الموحد، الساعي إلى بناء رياضة مستقرة ومتجهة نحو تحقيق الإنجازات والنجاحات والتفوق الرياضي، تتطلب منا السعي المشترك لبناء قطاع رياضي خالٍ من المنافسات الضيقة، والمناكفات، والصراعات من أجل المكاسب والمغانم الشخصية على حساب المصالح والأهداف العامة. فمثل هذه السلوكيات لا تجلب سوى التشتت والضياع، وبالتالي فشل الرياضة في تحقيق أهدافها الكبرى، وتراجعها عن بناء صرح رياضي شامخ نفخر به جميعاً. ومن خلال هذا الصرح نضع رياضتنا في المقام الأول، كما تفتخر الأمم الأخرى بأبطالها ورموزها من أبناء الرياضة.
وعليه، فإن القانون الرياضي الموحد يساهم في وحدة الأهداف والتوجهات، ويمنع تشتت العائلة الرياضية، ويدفعها لتحقيق أهدافها المشتركة في بناء وطن ورياضة متماسكة تساهم في تعزيز الوحدة الوطنية، ضمن هوية عراقية صادقة، بعيدة عن التشتت والضياع. نحن نريد وطننا يعيش فيه جميع العراقيين، بمختلف تنوعاتهم، بسعادة ورقي، بعيداً عن الصراعات والانقسامات. ولعل الرياضة ونشاطاتها وتوجهاتها تمثل الهوية الجامعة لكل العراقيين، على اختلاف أديانهم ومذاهبهم وقومياتهم وطوائفهم، بروح من المحبة والأخوة والاحترام.
المصدر: طريق الشعب