يشهد عدد من المحافظات العراقية، منذ أيام، تصاعداً ملحوظاً في وتيرة الاحتجاجات الشعبية، التي شملت النجف، والديوانية، والمثنى، والبصرة، وبابل، والعاصمة بغداد، في حراك جماهيري واسع تنوعت مطالبه بين الخدمية والمعيشية، توفير فرص العمل.
غضب شعبي في النجف
في محافظة النجف، قطع العشرات من أهالي أقضية المناذرة والحيدرية الطريق الرابط بين جنوب المحافظة ومركزها، احتجاجاً على تدهور الخدمات الأساسية، حيث أضرم المحتجون النيران في الإطارات، في تعبير واضح عن سخطهم من الواقع الخدمي المزري.
وأكدت مصادر محلية أن القوات الأمنية تدخلت لتفريق المتظاهرين واعتقلت عدداً منهم، ما أسفر عن حالة من التوتر في موقع الاحتجاج.
المحتجون أكدوا عزمهم على الاستمرار في التصعيد السلمي حتى تحقيق مطالبهم، التي تضمنت تحسين الكهرباء والماء والصرف الصحي، ورفع الإهمال المزمن عن مناطقهم، مطالبين الحكومة المحلية بتحمل مسؤولياتها تجاه الأقضية والنواحي المهمشة في النجف.
تظاهرات حاشدة في الديوانية
وفي محافظة الديوانية، شهدت أحياء "الصدور الأربعة" وقضاء الدغارة شمال المحافظة تظاهرات غاضبة، للمطالبة بتحسين واقع الكهرباء.
وأفاد شهود عيان بأن المتظاهرين جابوا شوارع مناطقهم مرددين شعارات تطالب بإنهاء الانقطاعات المتكررة، التي تزداد حدة مع ارتفاع درجات الحرارة.
وفي الدغارة، طالب المحتجون بإقالة مدير كهرباء الديوانية، محملينه مسؤولية تدهور الوضع وعدم اتخاذ إجراءات فعالة لتحسين الخدمة. وهددوا بالدخول في اعتصام مفتوح في حال تجاهل مطالبهم خلال الأيام المقبلة.
السماوة تنتفض
في محافظة المثنى، خرج عدد كبير من أهالي المناطق الواقعة بين مدينة السماوة وقضاء الخضر، مطالبين بتحسين واقع الكهرباء ومياه الشرب.
وأكد المتظاهرون أنهم يعيشون معاناة يومية في ظل انقطاع الكهرباء وشح المياه، واصفين حياتهم في تلك المناطق بـ"غير المحتملة".
ودعوا الحكومة المحلية إلى التحرك العاجل، وعدم الاكتفاء بالوعود التي لم تُنفذ منذ سنوات، محذرين من تفاقم الأزمة مع حلول الصيف.
احتجاجات متفرقة في البصرة
وشهدت محافظة البصرة ثلاث تظاهرات متفرقة، نظمتها مجاميع مختلفة من المواطنين والموظفين.
ففي محيط مجلس المحافظة، نظم المتضررون من القرار 20 وقفة احتجاجية، رفضاً لقرار تمليك أراضي البلدية بأسعار تجارية.
وقال المتحدث باسمهم، حسين الأزيرجاوي، إن القرار "يُظهر وكأنه نعمة، لكنه في الحقيقة عبء ثقيل على السكان"، مشيراً إلى عجزهم عن دفع أسعار السوق.
وفي منطقة الشعيبة، تظاهر عشرات الحراس الأمنيين العاملين في مشروع FCC التابع لشركة مصافي الجنوب، احتجاجاً على إنهاء خدماتهم.
وطالب المتظاهرون بالتثبيت على الملاك الدائم أو توقيع عقود رسمية، مهددين بالاعتصام المفتوح.
أما في مدخل حقل غرب القرنة 2 النفطي، فقد وقع تصادم بين الأمن ومجموعة من خريجي كليات الهندسة والجيولوجيا، الذين كانوا يطالبون بفرص عمل في القطاع النفطي، وسط تزايد الغضب من تجاهل مطالبهم.
خريجو بابل
شهدت محافظة بابل، تظاهرة نظمها المئات من خريجي الكليات أمام مبنى ديوان المحافظة، للمطالبة بحقوقهم في التعيين ضمن مؤسسات الدولة، وإنصافهم من قبل الحكومة المركزية والمحلية.
ورفع المتظاهرون لافتات تطالب بتوفير فرص عمل حقيقية للخريجين، متهمين الجهات الحكومية بالتقصير في معالجة أزمة البطالة المستفحلة، خاصة في أوساط الشباب من ذوي الشهادات العليا والخريجين الجدد.
المتقاعدون وخريجو المهن الصحية
وشهدت العاصمة بغداد تظاهرات متعددة شملت شرائح مختلفة، إذ تظاهر المئات من المتقاعدين أمام مبنى هيئة التقاعد العامة، مطالبين بزيادة الرواتب وصرف الفروقات المالية المتأخرة، وتثبيت الحد الأدنى للراتب التقاعدي عند 800 ألف دينار.
ووصف المحتجون رواتبهم الحالية بأنها "غير كافية" في ظل ارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة، مطالبين بتأمين صحي ورعاية خاصة لكبار السن.
وفي تظاهرة أخرى، طالب المئات من خريجي المهن الطبية والصحية دفعة 2023 بتطبيق قانون التدرج الطبي وتوفير فرص تعيين عاجلة.
وانطلقت التظاهرة من ساحة التحرير وصولاً إلى ساحة الشواف، حيث طالب المحتجون وزارتي الصحة والمالية بالإسراع في إصدار أوامر التعيين، محذرين من تصعيد احتجاجهم.
كما نظم العشرات من ذوي مرضى العوز المناعي المكتسب (الإيدز) تظاهرة أمام السفارة الفرنسية، مطالبين بتعويضات مالية من شركة "ماريو" الفرنسية، بعد استيراد العراق علاجاً ملوثاً بفيروس HIV في ثمانينيات القرن الماضي.
المتظاهرون حملوا لافتات وصوراً أرشيفية للحادثة، مطالبين الحكومة العراقية بالتدخل الدبلوماسي، مؤكدين أن دولاً أخرى حصلت على تعويضات مماثلة.
تنامي الغضب الشعبي
تشير مجمل الاحتجاجات الأخيرة إلى تصاعد حالة الغضب الشعبي من استمرار تردي الخدمات الأساسية، وغياب الحلول الحكومية الجذرية.
ويرى مراقبون أن هذه التحركات قد تتوسع أكثر خلال الصيف، في ظل تزايد الضغط الشعبي، وفشل الجهات الرسمية في تقديم حلول ملموسة للملفات الخدمية والمعيشية.