يروي الفيلم العراقي "كعكة الرئيس"، الذي فاز بجائزة الكاميرا الذهبية في مهرجان كان السينمائي، نضال المرأة العراقية خلال أيام الحصار الاقتصادي وسنوات الجوع والفقر في ظل حكم صدام حسين، وتأثير الحصار على النسيج الأخلاقي والاجتماعي للبد.

باريس ـ ردود أفعال كبيرة صاحبت إعلان نتائج مهرجان كان السينمائي بدورتها الأخيرة لهذا العام، بفوز الفيلم العراقي "كعكة الرئيس" بجائزة الكاميرا الذهبية وهي الجائزة الأولى بتاريخ مشاركاته السينمائية.

يسرد الفيلم الذي تولى كتابته وإخراجه الفنان حسن هادي، قصة واقعية عن نضال المرأة العراقية خلال أيام الحصار الاقتصادي وسنوات الجوع والفقر في ظل حكم صدام حسين، وسعيها من أجل توفير مستلزمات العيش وسط جوع وتحديات استمرت 13 عاماً، استنزف كل إمكانيات الشعب المادية.

شاركت الفنانة العراقية روكيان الوادي في الفيلم بشخصية جارة الطفلة "لميعة" التي تعيش مع جدتها في منطقة الأهوار جنوب العراق، تحاول الطفلة تلبية طلب المعلمة بصنع كعكة في عيد ميلاد السيد الرئيس حيث كان طلاب المدارس آنذاك يجبرون على تقديم كعكة احتفالاً بعيد ميلاد صدام حسين، لكن الفقر يمنعهم من توفير كافة المستلزمات، فتحاول هي مساعدة الطفلة.

وعن دورها والمصاعب التي مرت بها خلال إنجاز العمل، تقول الفنانة روكيان الوادي "جسدت دور امرأة عراقية مضطهدة وحامل، تسعى لتلبية احتياجات أسرتها من خلال الاقتراض من صاحب المتجر الذي يحاول استغلالها عندما طلبت مساعدته لتوفير السكر لصنع كعكة للطفلة، مما يعكس بعض الظواهر الاجتماعية التي تعاني منها النساء".

وأوضحت أن عملية تصوير العمل استغرقت حوالي عام ونصف، وكانت أوقات التصوير مرهقة بسبب ارتفاع درجات الحرارة، بالإضافة إلى شهر رمضان، كما تطلب الأمر تكرار التصوير للحصول على مشاهد مهمة "مع ذلك، كانت هذه الجهود مثمرة بعد تحقيقنا لأهم جائزة في المهرجان السينمائي، وهو إنجاز كبير لأي فنان، فالسينما تمثل منصة واسعة لعرض واقع الناس ومشاكلهم، كما تعزز من شهرة الفنان وانتشاره".

ولفتت روكيان الوادي إلى أن الفيلم يجمع بين الكوميديا السوداء والدراما السياسية، حيث يعكس واقعاً صعباً لكنه ضروري لسرد الأحداث التي شهدتها تلك الأيام العصيبة.

وفيما يتعلق برأيها عن دورها في الفيلم، قالت "دوري قصير لكنه ذو أهمية كبيرة. أقدم شخصية امرأة عراقية تتعرض للاستغلال من قبل صاحب المتجر، هذه الشخصية تجسد تضحيات النساء العراقيات، اللواتي يتميزن بقدرتهن على تجاوز الظروف الصعبة. أطلق عليها دائماً لقب (المرأة الذهبية)، وهي تستحق هذا اللقب بجدارة، لأن سنوات الحصار الاقتصادي كانت صعبة للغاية، خاصة على الأمهات اللواتي كن تسعين لتدبير شؤون الحياة وتكاليف المعيشة بمهارة وحنكة، من خلال البحث عن بدائل محلية أو تصنيع ما يحتاجونه بأنفسهن بسبب شح الموارد في ذلك الوقت".

وحول أعمالها السابقة والتحديات التي تواجهها المرأة في هذا المجال، بينت أنها شاركت في العديد من الأعمال العراقية، من بينها مسلسل (ليلة السقوط) ومسلسل (حيرة)، الذي كان له دور كبير في شهرتها وجعل لها حضوراً لدى المشاهدين العراقيين والعرب، كما شاركت في برنامج (الصدمة) ومسلسل (وادي السلام) و(أولاد جابر)، بالإضافة إلى العديد من المسرحيات مثل (نهر دجلة والفرات) و(بغداد) و(خمسة في النمسا).

أما بالنسبة للصعوبات والتحديات التي تواجههم في عملهم، تقول إن "الصعوبات كثيرة وتسبب لنا أحياناً تعباً نفسياً ورغبة في ترك العمل تماماً، لكن وجود كبار الفنانين الذين يسعون لدعمنا وتوجيهنا يساعد في تخفيف تلك الصعوبات. لقد تلقيت الكثير من النصائح والخبرات من فنانات مثل إنعام الربيعي وآلاء حسين وأخريات".

وعن المهارات التي يحتاجها الفنان لتحقيق حضور وشهرة، أوضحت أنه "يجب على الفنان صقل مواهبه من خلال التدريب المستمر والقراءة، والسعي لاكتساب المهارات، بالإضافة إلى المشاركة الدائمة في الأعمال الفنية. كما أن الاطلاع على المعلومات عبر الإنترنت وقراءة الكتب التي تعزز معرفته أمر ضروري. فالموهبة وحدها، دون دراسة، لا يمكن الاعتماد عليها بشكل كبير".

وتابعت "الفن يتطلب جهداً ودراسة ومراقبة. أشعر بحاجة دائمة للتعلم واكتساب الخبرات من خلال التجارب في الحياة الفنية، التي تعتبر مدرسة كبيرة، ومن الملاحظ أن هناك منافسات جديدة قد ظهرت، مع أسماء من جيل جديد يحملون مواهب بارزة، فالفن رسالة عظيمة تعكس واقع الحياة بكل تفاصيله، والجمهور هو الشاهد على ذلك، كما أنه يوثق حياة الشعوب ويعرف الأجيال بما حدث في الماضي".

واعتبرت الفنانة العراقية روكيان الوادي فيلم (كعكة الرئيس) نقلة نوعية في السينما العراقية، ومشاركة بارزة في مهرجانات مرموقة "هذا ليس بغريب على العراق، حيث يمتلك إمكانيات فنية كبيرة ونقابة تدعم الفنانين".