بعد أكثر من عام ونصف على الحرب... كيف يعيش أيتام غزة؟
نشر بواسطة: mod1
الخميس 12-06-2025
 
   
رفيف اسليم

يعيش العديد من الأطفال الأيتام في مخيمات النزوح حيث يفتقرون إلى الملابس والمأوى المناسب، ويواجهون صدمات نفسية بسبب المشاهد المروعة التي شهدوها أثناء الحرب.

خلفت الإبادة المستمرة على قطاع غزة، أكثر من 39 ألف يتيم، بينهم أكثر من 17 ألف طفل فقدوا الأب والأم معاً، أولئك الأطفال يعيشون ظروفاً نفسية صعبة للغاية، بعضهم استطاع التأقلم مع الواقع ومع عائلته الجديدة لوجود امرأة قررت التضحية بحياتها والتعامل معه وكأنه طفلها الذي أنجبته، على الرغم من كافة العراقيل المتمثلة بالخوف والنزوح والوضع الاقتصادي والمجاعة.

في قصة محمد سالم البالغ من العمر 8 أعوام، كانت بيسان سالم ذات 19 عاماً ابنة عمه هي من تتولى تلك المهمة، فتروي لوكالتنا "محمد الناجي الوحيد من عائلة مكونة من 35 فرد، فقد أسقطت القوات الإسرائيلية المنزل على رأس جميع من فيه دون سابق إنذار ولم يخرج من تحت الركام سواه، وقد احتاج للكثير من الوقت والجهد حتى يصبح وضعه الصحي على ما هو عليه اليوم".

كانت تلك الليلة كابوس في حياة محمد بحسب ما وصفتها بيسان سالم، لكن مع الوقت والدعم النفسي الكبير الذي قدمته له استطاع تخطي تلك الحادثة والدعاء لوالديه بالرحمة عند ذكر سيرتهما، أي أن الصغير بات على يقين بحقيقة ما حدث، لافتة إلى أنه الطفل الوحيد لوالديه وقد حظي بقدر كافي من الحب والرعاية قبل رحيلهما.

وأضافت أن منزل محمد يقع في جباليا أحد مدن قطاع غزة التي تصدرت عناوين نشرات الأخبار لكثرة ما اقترفته القوات الإسرائيلية من مجازر داخلها وقد اتسعت عمارة الجد والأعمام للكثير من النازحين، لكن على ما يبدو أن القوات الإسرائيلية لم تعجبها تلك الكثرة، بل لم يطيق أن يشعر ساكني المدينة المنكوبة بالأمان فأسقط المنزل على رؤوسهم جميعاً وصعدت أرواحهم للسماء.

تقول بيسان سالم عانى محمد من موجات اكتئاب حادة، وهلع من أصوات القصف، إضافة إلى نوبات اشتياق لوالديه تفرض عليه قضاء ساعات باكياً خاصة مع ذلك الألم الجسدي الذي أحل بقدمه ولم ينتهي حتى بإجراء عدة عمليات جراحية بها متنقلاً ما بين الحواجز التي فرضتها القوات الإسرائيلية بين الشمال والجنوب، مشيرة إلى أنه لا يزال بحاجة إلى تحويلة علاجية بالخارج ليتمكن من المشي كالأطفال الطبيعيين في عمره.

وتعتبر الأوضاع الاقتصادية الصعبة والمجاعة هي أكثر العقبات التي تواجهها بيسان سالم، لكنها لا تنوي التخلي عن الطفل فهي وأباها الناجيان الوحيدان من مجزرة مشابهة، لذلك اتفق العمان المتبقيان لمحمد بتلبية جميع ما يلزم من مصروفات له، فيما تراعاه هي بكافة الطرق، محاولة متابعة تعليمه بأحد النقاط التعليمة القريبة من مكان نزوحهما.

وتروي بيسان سالم، لمحمد القصص قبل النوم، وتحاول حين تشتد الضربات والأصوات ممازحته بقولها "هل أنت خائف يا صغيري"، "ليجيبها لقد كبرت ولم أعد أخاف"، تخصص مكان نومه بالقرب منها وتتفقد غطائه في ساعات الليل تحاول دوماً دمجه مع الصغار وتركه يلعب لكن بأعين مفتوحتان عليه، موضحة أن أصعب الأوقات التي تقضيها بجواره فقط حين يمرض وتتأكل من الخوف عليه.

وعرضت مؤسسات دولية للأيتام، تبني الطفل وإجراء كافة معاملاته للسفر إلى الخارج لكنها ترفض وبشدة كونها أحبته وتعلقت به، كما أنها تخشى عليه ألا يتلقى مثل الرعاية التي يحظى بها في أحضان من تبقى من عائلته، لافتةً إلى أنه طفل بعقل فتى كبير يقدر الوضع ولا يطلب منها شيء لا تستطيع تلبيته.

بدورها نجلاء الغلايني، عضوة مجلس إدارة في معهد الأمل للأيتام، قالت إن واقع الأيتام منذ بداية الحرب في 2023 هو واقع صعب ومؤلم لا يمكن وصفه فهم يعيشون مجاعة وفقر وحصار ونزوح متكرر في ظل انعدام أدنى مقومات الحياة وغياب الخدمات التي كانوا يتلقونها من تعليم، وغذاء، وخدمات نفسية، وصحية، بفعل صعوبة توفيرها.

وأوضحت أن هناك العديد من المؤسسات التي ترعى الأيتام في قطاع غزة لكن ما يميز معهد الأمل للأيتام الذي تأسس في عام 1948 أي بعد النكبة الفلسطينية مباشرة هو تقديمه خدمة المبيت للأطفال الأيتام، التي توقفت بفعل اشتداد الهجمات والقصف في كل مكان، بعدما تم التواصل مع عائلات الأطفال وتسليمهم إليهم حرصاً على سلامته.

وأضافت أن نزوح العائلات من شمال القطاع إلى جنوبه ووقوع المركز في الشمال كان سبب آخر كافي لتسليم أولئك الأطفال لعائلاتهم وذويهم، بينما استمر المعهد في تقديم الخدمات الإغاثية للكثير من العائلات النازحة التي لجأت للمكان طوال فترة الحرب، ولم يغلق أبوابه في وجه أحد بينهم 200 عائلة من عائلات الأطفال الأيتام.

يعتمد المعهد على الدعم الخارجي للأطفال الأيتام سواء الخدمات الإغاثية والصحية والنفسية والتعليمية، فقد أنشأ مؤخراً مدرسة الأمل للأيتام التي تحتضن 200 طالب 20 منهم فاقدي للأم والأب معاً، إضافة للدعم النفسي والترفيهي، مشيرة إلى أن عدد الأطفال المسجلين بالسجلات الرسمية لديهم والذين يتلقون الخدمات هم 18 ألف طفل فقط من أصل 39 ألف طفل يتيم بغزة.

وما يزال 1200 طفل على قائمة الانتظار يتطلعون للحصول على الخدمات التعليمية، وذلك لأسباب عدة منها قلة توافر الإمكانيات، وصعوبة الحصول على السيولة النقدية، والعودة للحرب وعدم وجود المساحات الآمنة التي تمكن المركز من توسيع تلك المدرسة لتستوعب المزيد، مشيرة إلى أن المدرسة قد بنيت خلال الهدنة الماضية ولم يتثنى لإدارة المعهد التطوير على تلك الغرف الخشبية البسيطة.

وأوضحت نجلاء الغلايني، أن الأطفال الأيتام تختلف المعاناة فيما بينهم من طفل لآخر، فالطفل اليتم الذي قتلت القوات الإسرائيلية والديه أمام عينه ليس كغيره وكذلك من خرج من تحت الركام تحت مسمى الناجي الوحيد، لذلك يجب زرع ثقافة بالمجتمع حول آليات التعامل معه، مع ضرورة إرجاع ذلك الأمر للمختصين النفسين حتى تتم معالجة تلك الندوب النفسية التي لا يمكن ملاحظتها ومن ثم دمجه مع بقية الأطفال في المجتمع.

وعن الكفالات، بينت أن هناك إقبال كبير على كفالات الأيتام، لكن عدم تواجد السيولة المالية هو ما يعرقل تلك الجهود لذلك باتت تستبدلها بالمعاملات المالية الإلكترونية، مشددة على ضرورة التزام الكفيل بالشروط فيمكنه التواصل مع الطفل وزيارته لكنه لا يستطيع تقديم خدمة المبيت للأطفال، كون ذلك البند لا يتبناه المعهد سواء خلال الحرب أو قبلها.

لا تخفي نجلاء الغلايني أن هناك العديد من المؤسسات الدولية التي عرضت خروج الأطفال وتقديم المساعدات كإرسال المختصين من خارج القطاع للتعامل مع الأطفال، لكن إغلاق المعبر نسف تلك الجهود، لافتة إلى أنه خلال الوقت الحالي يفتح المعهد أبوابه لجميع من يريد تقديم المساعدة للأطفال الأيتام سواء من داخل القطاع وخارجه عبر صفحته على مواقع التواصل الافتراضي، ليتمكن جميع الأطفال الأيتام من الحصول على مختلف الخدمات بشكل عادل.

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced